الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«زايد التراثي».. يروي تاريخ «مسجد البدية»

«زايد التراثي».. يروي تاريخ «مسجد البدية»
21 يناير 2018 00:32
أحمد السعداوي (أبوظبي) لا يزال مهرجان الشيخ زايد التراثي، المنعقد حاليا بمنطقة الوثبة بأبوظبي، يؤكد قدرته على نقل ملامح التاريخ والهوية الإماراتية في أرقى صورة، تعكس قيمة الوجود الإماراتي الضارب في القدم على هذه الأرض الطيبة، ومن أبرز ملامح التراث الإماراتي التي احتلت مكاناً مميزا ضمن ساحات زايد التراثي، المجسم الحي لـ«مسجد البدية»، الذي أقيم خصيصاً ليكون عنصرا رئيسا ضمن مكونات المهرجان، وفي الوقت ذاته يروي قصة المسجد الأقدم في دولة الإمارات الذي لا تزال شعائر الصلوات تقام فيه إلى يومنا هذا، مع الحفاظ على طابعه العريق الذي يعكس أحد ألوان العمارة، التي عرفها المجتمع الإماراتي عبر الزمن، ويفخر بتقديمها الأبناء والأحفاد في العديد من الفعاليات التراثية والثقافية التي تشهدها الدولة على مدار العام، ومنها هذا المهرجان الذي انطلقت فعالياته في الأول من ديسمبر الماضي، وتستمر حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري وسط إقبال جماهيري لافت يعكس قيمة هذا الموروث في نفوس الجميع، سواء من أبناء الإمارات أو المقيمين والسائحين الذين يتوافدون على فعالياته بأعداد غفيرة منذ انطلاق يومه الأول. زمن الأولين يقول الوالد صالح عبيد، إنه كإماراتي يفخر باهتمام الدولة بكل ما يعيدنا لزمن الأولين، الذين قدموا الكثير لنا من العادات والتقاليد والأفكار المستمدة من ديننا الإسلامي، مضيفا: «الاحتفاء بمسجد البدية بوصفه أقدم المساجد الموجودة بالدولة، حيث يعود عمره إلى مئات السنين، يؤكد هويتنا العربية الإسلامية وأن أهل الإمارات متمسكون بهذه الهوية، ويحرصون على غرسها في نفوس أبنائهم مهما بلغت دولتنا من تقدم وتحضر، لأن هذه القيم والمبادئ هي التي ستحفظ أجيالنا القادمة». وأشاد عبيد بإقامة مجسم البدية في شكل يشبه إلى حد كبير المسجد الحقيقي الواقع في مدينة الفجيرة، حتى يتيح الفرصة لمن لم يزور المسجد في الحقيقة، أن يطالع هذا المجسم للمسجد ويؤدي فيه الصلاة، ويطالع البساطة وأيضاً العراقة التي يتميز بها المسجد، الذي لا يزال محتفظاً بشكله القديم، وهو جهد يستحق الشكر عليه المسؤولون عن التراث والآثار الإماراتية، لأنهم يعرفون قيمة هذا المسجد ودلالته في وجود الثقافة الإسلامية في نفوس وعقول كل أبناء الإمارات في كل زمان. أول زيارة يروي سعيد علي تجربته الشخصية في زيارة مسجد البدية، قائلاً إنه عند زيارته للمهرجان، حان وقت الصلاة، فأرشده بعض متطوعي «زايد التراثي»، إلى المجسم الذي يحاكي مسجد البدية بالقرب من البوابة الرئيسة للمهرجان، فكان من المفاجآت الجميلة التي أعدتها إدارة المهرجان للحضور، لأنه قرأ عن المسجد كثيرا ولم تتح له فرصة زيارته في الواقع، فكانت زيارته ضمن فعاليات المهرجان كافية إلى حد كبير بالنسبة له، حيث طالع نموذجه المعماري الفريد، والقائم على وجود 4 قباب تزين أعلى المسجد وهي غير متساوية الشكل، وهذا يمنحه تميزاً عن الطراز المعماري المعروف لباقي المساجد. وأوضح سعيد أن المعلومات المنشورة على باب المسجد تروي للزوار تاريخه الذي يعود إلى أكثر من 570 سنة، حيث تم بناؤه عام 1446 ميلادية، وتم إطلاق اسم البدية عليه، لأنه أنشئ في قرية تسمى «البدية» وتعتبر من أكبر القرى في إمارة الفجيرة، حيث يقع المسجد على الطريق بين منطقة دبا الفجيرة ومدينة خورفكان، وهي معلومات قيمة لابد أن يعرفها أي من أبناء الإمارات، لأنها تحكي قصة واحد من أقدم المعالم الأثرية الموجودة في الدولة، والذي لا يزال يحتفظ بذات الطابع الأصيل له، ولا زالت الصلوات الخمس تقام فيه يوميا حتى وقتنا هذا. ميزة إضافية «من ليس له ماض ليس له حاضر ولا مستقبل، هكذا علمنا الوالد المؤسس زايد يرحمه الله، وما أجمل أن يكون ماضينا عربيا إسلاميا عريقا، وهذا هو الدرس الأول الذي نتعلمه نحن الأجيال الجديدة من الاهتمام بمسجد البدية التاريخي وعمل مجسم يحاكيه تماما ضمن فعاليات «زايد التراثي»، هذا ما أكده صقر عادل، عقب خروجه من صلاة العصر في مسجد البدية القائم بالمهرجان، مضيفاً: «أكثر ما يميز مسجد البدية أنه على الرغم من أثريته وبنائه منذ مئات السنين إلا أنه لا يزال على نفس شكله القديم، وتقام فيه الصلوات الخمس بانتظام منذ ذلك الزمن البعيد، وهو ما لا يتكرر في غالبية الأماكن الأثرية والمزارات الدينية في العديد من دول العالم، حيث يتم ضمها إلى المباني الأثرية ويتم الاكتفاء بزيارتها من دون إقامة شعائر فيها». وأضاف صقر أن إمكانية إقامة الصلاة تعتبر ميزة إضافية لزائري مسجد البدية، حيث يمكنهم مطالعة جانب مهم من تاريخ المجتمع الإماراتي، وشكل من أشكال العمارة القديمة التي كانت سائدة فيه، وفي الوقت ذاته تأدية الصلاة في نفس الأجواء العريقة التي تميز المسجد كون ديكوره الداخلي وشكله الخارجي لا يزال على نفس بساطته القديمة، وإن كانت تخضع لعناية واهتمام مستمرين من قبل القائمين عليه حتى يصبح في حالة جهوزية دائمة. متحف مفتوح محمد الهاجري، الذي كان في زيارة عائلية بصحبة بناته الأربع إلى «زايد التراثي»، عبر عن شكره لمسؤولي الحدث التراثي المهم على اهتمامهم بكافة مفردات تراث وتاريخ الدولة، بحيث جعلوا من المهرجان متحفا مفتوحا يشجع أولياء الأمور على اصطحاب عائلاتهم وتعريف الأجيال الجديدة بماضي الأجداد وكيف عاشوا، مضيفا: «هذه الدروس العملية في التاريخ لها تأثر كبير قياسا إلى ما يتعلمه الأبناء في الكتب». ودعا الهاجري، أولياء الأمور إلى إدراك أهمية مثل هذه الفعاليات، وأنها إلى جانب الترفيه وقضاء أجواء ممتعة، لها أثر كبير في تكوين الأبناء وتشكيل شخصياتهم، حين يطالعون ماضي بلدهم ويعرفون مقدار الجهد الذي بذله الأولون للتعامل مع أدوات الحياة البسيطة المتاحة قديما، ومع ذلك استطاعوا المضي في الحياة بنجاح وأفرزوا لنا أجيالاً ناجحة أوصلوا الإمارات إلى هذه المكانة الرفيعة التي باتت تحتلها حاليا بين دول العالم. حقائق وأرقام عن «المسجد» يمتاز مسجد البديّة بمساحته الصغيرة وطريقة بنائه وعنصره المعماري والإنشائي في التسقيف، حيث لم تستخدم الأخشاب في رفع سقفه بل يعتمد على عمود في وسطه، ويحمل هذا العمود قباب المسجد الأربع في نظام هندسي بديع، فكل قبة مكونة من ثلاث قباب مركبة الواحدة فوق الأخرى. هناك القبة الكبيرة أولاً ومن ثم عليها قبة أصغر فثالثة ذات رأس دقيق، وهذه القباب متجاورة لا تبعد الواحدة عن الأخرى كثيرا. ويتميز المسجد بنقوش ذات طابع هندسي خاص، وبه محراب ومنبر صغير تتوفر فيه بعض الفتحات الداخلية للتهوية والأرفف، ويعتبر هذا المسجد أقدم مبنى قائم في دولة الإمارات. ويقع المسجد في الساحل الشرقي من دولة الإمارات على الطريق بين مدينة خورفكان ومدينة دبا الفجيرة، على بعد 35 كم تقريبا إلى الشمال من مدينة الفجيرة، ويعود تاريخ إنشائه إلى 572 سنة، طبقاً لدراسات قامت بها إدارة التراث والآثار بالفجيرة، بالتعاون مع جامعة سيدني بأستراليا، بين عامي 1997 و1998، حيث أخذت عينات من مواد عضوية من تحت أسس جدران المسجد وأجريت عليها تحاليل علمية، فكانت النتائج أن المسجد تم بناؤه بحدود عام 1446 للميلاد تقريباً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©