الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق وسوريا... وتلازم الصراعين! وهشاشة الرهانات

العراق وسوريا... وتلازم الصراعين! وهشاشة الرهانات
17 مايو 2013 22:34
أبيجيل هوسلونر بغداد تواجه حكومة نوري المالكي اختباراً صعباً بعد اندلاع الموجة الأخيرة من التوتر الطائفي وتحولها إلى أعمال عنف هي الأسوأ التي يشهدها العراق منذ خمس سنوات، لتظل قدرة حكومة بغداد على احتواء الأزمة رهينة بالصراع الدائر على الطرف الآخر من الحدود في سوريا. فاحتمال تغير موازين القوى في المنطقة إثر الحرب الدموية المحتدمة في سوريا التي يقود فيها السنّة حركة المعارضة الرامية إلى الإطاحة بنظام الأسد، الذي يهيمن عليه العلويون، شجّع السنة في العراق على تحدي الحكومة الشيعية وفاقم المخاوف داخل هذه الحكومة من أن العراق قد تجتاحه قريباً تفاعلات ما يجري في سوريا وتمتد إليه تداعيات الحرب. فقد ارتفعت وتيرة الهجمات والتفجيرات ذات النفحة الطائفية التي تستهدف السنّة، كما الشيعة، خلال الشهر الماضي بعدما أغارت الحكومة على مخيم للمعتصمين السنّة شمال العراق، ما أدى إلى مقتل 40 شخصاً. واستمرت التفجيرات يومي الأربعاء والخميس الماضيين مخلفة أكثر من 30 قتيلا في بعض الأحياء الشيعية بالعاصمة بغداد. وفي الوقت نفسه يقول السنّة العراقيون الذين يشعرون بالمرارة أن نجاحات المتمردين في سوريا منحتهم الثقة لتحدي ما يعتبرونه ممارسات تمييزية تمارس ضدهم من قبل الحكومة وتجاوزات تستهدفهم بعدما حكموا العراق لسنوات خلال عهد صدام حسين. وكرد على تلك الممارسات نظم السنّة مجموعة من الاعتصامات المناوئة للحكومة في المحافظات ذات الغالبية السنية على مدى خمسة أشهر الماضية، مما أثار مخاوف البعض من أن التوتر المتصاعد قد يشعل فتيل الحرب الأهلية التي وصلت أوجها في البلاد خلال عام 2006. ولعل مما فاقم الوضع المتردي أخطاء الاحتلال الأميركي الذي أدخل الطائفية والممارسات التسلطية المتزايدة لحكومة المالكي. وتعتبر حكومةُ المالكي الحركةَ الاحتجاجيةَ في غرب العراق مشروعاً يندرج في إطار تحركات حزب «البعث» المنحل و«القاعدة»، وهي الادعاءات التي نفاها المشاركون في الاحتجاجات التي يقولون إنها تمثل جميع أطياف الشعب العراقي. ومن بين المظالم التي يشتكي منها السنّة، القوانين التي ترجع إلى الاحتلال الأميركي وتُقْصي البعثيين السابقين من المشاركة في الحياة العامة، والاعتماد على المخبرين في متابعة الأشخاص دون تحقق من التهم... وهي الممارسات التي تقول جماعات حقوق الإنسان إن حكومة المالكي تلجأ إليها لاستهداف السنّة. لكن النقطة التي أفاضت الكأس وأفزعت المراقبين للوضع العراقي المتأزم، كانت الهجوم الذي شنته قوات حكومية في 23 أبريل الماضي على ساحة الاعتصام في بلدة الحويجة وما رافق ذلك من تصاعد نبرة العداء من سياسيين ورجال دين على الطرفين. ومن تجليات التوتر والاحتقان الذي خلّفه الهجوم على ساحة الاعتصام، إعلان شيوخ عشائر محافظة الأنبار السنية، في الشهر المنصرم، تشكيل «جيش عشائري» لحماية المتظاهرين، حيث يقول السكان إن القوة اعتمدت في تشكيلها على العناصر الجهادية التي تنتمي إلى تنظيم «دولة العراق الإسلامية» (القاعدة). وفي المقابل حشد على الأقل قائدا ميليشيات شيعية معروفة العديد من الأنصار استعداداً لسحق الحركة الاحتجاجية السنية والتي يصفونها، على غرار الحكومة، بأنها خاضعة للإرهابيين. وأمام ذلك الوضع المخيف، بادر بعض المسؤولين الحكوميين والزعماء السنّة إلى القيام بخطوات تصالحية لتلافي انزلاق العراق في أتون الحرب الطائفية التي دمرت عائلات وقسمت أحياء قبل بضعة سنوات، كما أطلقت لجنة برلمانية تحقيقاً في حادثة الحويجة، فيما وصفها مسؤولون شيعة بارزون بأنها كانت خطأ. وفي الأسبوع الماضي أرسل شيوخ سنّة من الأنبار مساعدات إلى ضحايا الفيضانات في جنوب العراق ذي الأغلبية الشيعية. وفي محاولة لتهدئة المتظاهرين، اقترحت حكومة المالكي في الشهر الماضي مجموعة من الإصلاحات القانونية شملت تعديلات على التشريعات التي يشتكي منها السنّة ويقولون إنها تميز ضدهم، لكن التشريعات المقترحة تعطلت بسبب المعارضة الشرسة من جانب الكتل الشيعية في البرلمان. ورغم الهدوء الحذر الذي خيم على العراق في الأسابيع الأخيرة، لم يبرح التشاؤم قادة الاحتجاجات السنّية وبعض المسؤولين المقربين من المالكي بشأن احتمال التوصل إلى حل لإشكالات العراق على المدى البعيد، لاسيما في ظل اشتعال الساحة السورية التي يرى الجميع أن لها تأثيراً واضحاً على الداخل العراقي، وهو ما أكده قادة العشائر في إحدى الخيم التي تضم محتجين في الفلوجة، حيث اعتبروا أن الصراعين في العراق وسوريا متلازمان، لاسيما وأن العديد من المحتجين السنّة يرون في المالكي مجرد دمية ضمن مؤامرة تقودها إيران لتحقيق الهيمنة الإقليمية، وأن نظام الأسد الذي تدعمه إيران لا يخرج عن هذا التحليل. ويضيف محمد البجاري، أحد المتحدثين باسم المتظاهرين والضابط السابق في استخبارات صدام : «عندما تخسر إيران سوريا فذلك يعني أنها ستفقد نفوذها في العراق، كما أن النظام الجديد في سوريا سيكون سنياً، وهو ما يعني أنه في هذه المحافظات سيكون ظهرنا محمياً». لكن، وعلى غرار المعارضة السورية، تهتز مصداقية الاحتجاجات العراقية السلمية بسبب مشاركة بعض الجماعات المتطرفة. والمشكلة بالنسبة للسنة في العراق أنه رغم مطالبهم الاحتجاجية، يبقى صوتهم منقسماً، فقد خسر عدد من القادة السنة مصداقيتهم لدى المتظاهرين بسبب استمرارهم في حكومة المالكي، كما يختلف قادة العشائر والمتظاهرين في الأنبار حول البدائل المطروحة، إذ فيما يصر البعض على مواصلة الاحتجاجات السلمية لانتزاع المطالب، يقوم البعض الآخر بتوزيع استمارات على المتظاهرين لمعرفة موقفهم من الوضع الحالي وتخييرهم بين المواجهة والانفصال. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©