الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما والعلاقة البريطانية الأوروبية

17 مايو 2013 22:56
بين كوين لندن كانت الأيام الأخيرة صعبة بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، فالرجل يواجه ضغوطاً شديدة بسبب تمرد بعض أعضاء حزبه المحافظ بشأن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وهو يسعى حالياً لكسب المزيد من الوقت لتلافي مواجهة مبكرة مع حزبه وباقي المناوئين لأوروبا من خلال التعهد بإعادة التفاوض حول مكانة بريطانيا داخل الاتحاد، ومن ثم الذهاب إلى استفتاء وطني حول المسألة، ولكن على رغم ذلك لا يبدو أن تعهداته هدّأت من روع زملائه في الحكومة الذين نفد صبرهم، على ما يبدو، ولم يعودوا يطيقون الانتظار، وهو ما دفع اثنين من وزرائه في الحكومة إلى الإعلان يوم الأحد الماضي بأنهما سيصوتان ضد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ليثير ذلك شكوكاً كبيرة حول قدرة كاميرون، الذي يجري حالياً زيارة إلى الولايات المتحدة، على السيطرة في النهاية على حزبه. ولكن في خضم هذه الصعوبات يستطيع رئيس الوزراء البريطاني تعزية نفسه على الأقل بأن استراتيجيته القائمة على تأخير الانسحاب مع أمكن، والتفاوض أولاً مع القادة الأوروبيين حول شروط بقاء بريطانيا، تحظى ببعض الدعم من الرئيس الأميركي باراك أوباما وهو زعيم عندما يتحدث يسترعي عادة انتباه البريطانيين ويصغون باهتمام شديد لما يقول. فقد صرح أوباما خلال مؤتمر صحفي مشترك مع كاميرون يوم الإثنين الماضي في البيت الأبيض، قائلاً «سأقول لكم التالي: إن موقف ديفيد من أن عليه أولاً محاولة إصلاح العلاقة المعطوبة مع الاتحاد الأوروبي قبل إنهائها ينطوي على بعض الرجاحة، فأنا مهتم أولاً برؤية ما إذا كانت الإصلاحات في العلاقة يمكن تحقيقها بداية قبل إصدار حكم نهائي». والحقيقة أن تأييد الرئيس الأميركي لكاميرون مهم في بريطانيا حسب تقدير «تيم بايل»، الأستاذ بجامعة لندن والخبير في شؤون الحزب المحافظ البريطاني، الذي يقول: «أعتقد أن ما تقوله أميركا عن العلاقة البريطانية مع أوروبا يحظى بتتبع واسع ليس فقط من قبل الطبقة السياسية، بل أيضاً من قبل الرأي العام»، ويستدل «بايل» على ذلك بالتصريحات التي أصدرها أحد المسؤولين البارزين في وزارة الخارجية الأميركية خلال شهر يناير الماضي عندما قال إن من مصلحة أميركا «بقاء الصوت البريطاني قويّاً داخل الاتحاد الأوروبي». ويعلق الخبير «بايل» على هذا الحدث بقوله «ما كان لافتاً في تصريحات المسؤول الأميركي هو أنها لم تقتصر في تأثيراتها على ردود فعل الطبقة السياسية، بل يبدو أن تأثيرها امتد، وإن بشكل مؤقت، إلى الرأي العام الذي انشغل بفكرة أن الولايات المتحدة تتابع بقلق احتمال انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». بيد أن الحفاوة التي قابل بها مساعدو كاميرون تعليقات أوباما المؤيدة لموقفه بشأن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وهو الموضوع الذي يهدد قيادته للحزب، لم تكن كافية لحل جميع مشاكله، حيث نشر المحافظون مشروع قانون جديد يهدف إلى تمهيد الطريق لاستفتاء حول البقاء، أو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وذلك في رد فعل على الجدل الذي أثاره يوم الأحد الماضي وزيرا التعليم والدفاع البريطانيان من أنهما سيصوتان ضد البقاء في الاتحاد الأوروبي إذا ما نظم الاستفتاء اليوم، ويرمي مشروع القانون إلى أن ينص على عقد استفتاء بحلول 2017 كضمانة على احترام الموعد بصرف النظر عن شكل الحكومة وقتها. وأكثر من ذلك طرح النواب المحافظون في مجلس العموم البريطاني تعديلاً يعربون فيه عن «أسفهم» لعدم وجود قانون يمهد الطريق لاستفتاء أثناء عرض البرنامج التشريعي في الأسبوع الماضي، وذلك في رد فعل على الأداء الجيد لحزب الاستقلال البريطاني المناوئ لأوروبا في انتخابات المجالس المحلية، الأمر الذي أرعب المحافظين ودفعهم إلى المزايدة بشأن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، ولكن من غير المرجح أن يمر مشروع القانون ولا التعديل في البرلمان، بسبب معارضة بعض المحافظين الذين يعتبرونهما أضعف مما يجب، فضلاً عن تحفظ الشريك الحكومي الآخر ممثلاً في الديمقراطيين الأحرار المعارضين تماماً لفكرة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن يحتدم الصراع أكثر بين الأطراف السياسية البريطانية حول العلاقة مع أوروبا، ولاسيما في ظل التحذيرات الواضحة التي أصدرها حزب الديمقراطيين الأحرار يوم الثلاثاء الماضي، عندما أكدوا أنهم سيقومون بكل ما يلزم لبقاء بريطانيا جزءاً أصيلاً من الاتحاد الأوروبي، فيما أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «الغارديان» تصاعد لافت لشعبية حزب الاستقلال، الذي يقف على طرف نقيض مع حزب الديمقراطيين الأحرار، بنسبة 18 في المئة، وفي ظل هذه الخلفية من الصراع المحتدم والشرس تبقى تصريحات أوباما المؤيدة لموقف كاميرون محدودة إلى أقصى مدى، وهو ما يوضحه «بايل» قائلاً «إن تصريحات أوباما تمنح كاميرون بعض النقاط في نقاشه الداخلي، ولكن ذلك ينفع فقط إذا كان النقاش البريطاني عقلانياً، والحال أن الصراع وصل أوجه والمزايدات لا تكفي لكسب نقاط سياسية»، وحسب المعلقين يبدو أن الرسالة الأهم التي تصر عليها الولايات المتحدة هي أنها غير راضية عن الحالة التي وصلها النقاش في بريطانيا على مدى الشهور الماضية، وهذا الأمر يؤكده «بيرز لودلو»، المؤرخ بكلية لندن للاقتصاد والمتخصص في العلاقات بين طرفي الأطلسي والاندماج الأوروبي قائلاً «إن أميركا كانت دائماً تدافع عن دور قوي لبريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، وهي لا تريد خروج النقاش عن إطار التفاوض مع الاتحاد، ومن ثم الاستعجال في الانسحاب». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©