الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية... تراجع نفوذ «تشافيز»

20 مايو 2011 22:25
هنا في منطقة "إيبوخوكا" على الساحل الشمالي الشرقي للبرازيل كان الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز يحلم ببناء مصفاة نفط وإطلاق اسم مغامر برازيلي ساهم في القتال من أجل استقلال فنزويلا عليها؛ حيث قال في زيارات سابقة إلى هنا إن المشروع المشترك سيساعد على توحيد أميركا اللاتينية ضد الخصم، ويعني طبعاً الولايات المتحدة. وهذه المصفاة، التي تبلغ تكلفة إنجازها 15 مليار دولار، ما زالت في حاجة إلى عامين حتى يكتمل إنجازها، ولكن بمساهمة قليلة من فنزويلا أو رئيسها المتوثب الذي قام على مدى سنوات بدعم مشاريع مختلفة على صعيد المنطقة في محاولة لجعل بلاده تتزعم عهداً جديداً في أميركا اللاتينية، يكون ممهداً لانتشار المد "البوليفاري" الثوري الذي يدعو إليه. ولكن بدلاً من ذلك، أخذ تأثير تشافيز عبر المنطقة يتراجع هذه الأيام في وقت تضرر فيه اقتصاد فنزويلا القائم على النفط، كما تثار مخاوف بشأن أسلوب الحكم الذي يشمل اعتقال المعارضين. إن التغير، الذي بات أكثر وضوحاً منذ 2009 عندما بدأ الاقتصاد الفنزويلي يتعثر، مذهل مقارنة مع الأيام التي كان تشافيز يسافر فيها عبر أميركا اللاتينية لإلقاء خطابات نارية مناوئة للولايات المتحدة، ولتدشين مشاريع ممولة بدولارات النفط. وفي هذا السياق، يقول لويس فليبي لامبريريا، وهو وزير خارجية سابق في البرازيل: "إنه لم يعد يسافر مثلما كان يفعل حتى قبل عامين"، مضيفاً "أعتقد أنه بدأ يفقد قدرته على التأثير في الناس وفي القيادة، حتى مع أصدقائه". ففي صمت، تم إلغاء أو إرجاء تنفيذ بعض من أكبر مشاريع الرئيس الفنزويلي الشعبوي، ومن ذلك خط أنابيب لنقل النفط من فنزويلا إلى الأرجنتين، وبنك للتنمية في أميركا اللاتينية، ومشاريع للسكن، وطرق سريعة، وصندوق قاري للاستثمارات. ومن غير الواضح تماماً لماذا تم إلغاء بعض هذه المشاريع، حيث لم يشأ المتحدثون الرسميون باسم الحكومة في كراكاس الإجابة على طلبات الإدلاء بتعليق حول هذا الموضوع. ولكن الثابت أن تراجع تشافيز في المنطقة يأتي في وقت ينكمش فيه الاقتصاد الفنزويلي، الذي تراجع بسبب تقلص إنتاج النفط، وتضرر من عملية التأميم للأراضي الزراعية والشركات، بـ3.3 في المئة في 2009 و1.6 في المئة العام الماضي. كما غادرت مليارات الدولارات من رؤوس الأموال البلاد، حسب بيانات اقتصادية خاصة بفنزويلا صادرة عن الأمم المتحدة، وتقلص الإنفاق الاستهلاكي الذي كان كبيراً في الماضي. وذلك لأن الدجاجة التي تبيض ذهباً، أي القطاع النفطي، باتت اليوم تنتج من النفط أقل مما كانت تنتجه قبل عشر سنوات، بواقع انخفاض نسبته 30 في المئة، كما يقول محللون مختصون. وعلاوة على ذلك، تُظهر استطلاعات رأي في أميركا اللاتينية أيضاً أن صورة تشافيز قد تضررت في وقت لجأ هو فيه إلى سلسلة من السياسات التي يصفها معارضوه بغير الديمقراطية، ومن ذلك مهاجمة وسائل الإعلام وحكم البلاد بقرارات ومراسيم غير مناسبة. كما نسج تشافيز علاقات وثيقة مع حكام ذوي قبضة حديدية. وفي هذا الإطار، تقول مارتا لاجوس، مديرة "لاتينو باروميترو"، وهي منظمة تشيلية غير ربحية لتحليل السياسات متخصصة في استطلاعات الرأي عبر المنطقة: "إن شعب أميركا اللاتينية يعطي نقطة ضعيفة للديمقراطية في فنزويلا". فقد وجدت "لاتينو باروميترو" في تقرير يعود إلى شهر فبراير الماضي أن الأميركيين اللاتينيين ينظرون إلى فنزويلا على أنها أقل ديمقراطية من بلدان أخرى، حيث منحوها معدل 4.3 على 10، علماً بأن 10 تعني الأكثر ديمقراطية. وعندما طلبت المنظمة من الناس إعطاء معدل للزعماء في الأميركتين، جاء تشافيز في المرتبة الثانية ما قبل الأخيرة في تقريرها لعام 2010. وحتى في بوليفيا والأرجنتين، وهما بلدان تجمعهما علاقات جيدة مع فنزويلا، عبّر أقل من 35 في المئة ممن استُجوبوا عن آراء جيدة تجاه تشافيز. وفي هذا الإطار، تقول لاجوس: "من الواضح أنه لا يمكن وصف تشافيز بأنه زعيم للمنطقة". وهذا الوضع الجديد لفنزويلا يمثل انعكاساً لتضافر مجموعة من العوامل التي تعوق هدف تشافيز المتمثل في الحد من نفوذ الولايات المتحدة إقليميّاً. فأوباما يتمتع بمعدلات تأييد شعبي مرتفعة عبر أميركا اللاتينية؛ ومعظم الزعماء الأميركيين اللاتينيين وسطيون سياسيّاً ويقبلون العولمة والعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة. كما أن المقرضين الدوليين الذين كان يتهمهم تشافيز بكونهم أدوات للإمبريالية الأميركية، مثل البنك الدولي، باتوا أيضاً نشطين أكثر من أي وقت مضى في المنطقة، حيث قاموا بإقراض مبالغ قياسية عبر أميركا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة. كما عبّر بعض الزعماء الأميركيين اللاتينيين، في جلسات خاصة مع دبلوماسيين أميركيين، عن نفور لما يعتبرونه أسلوباً تدخليّاً لتشافيز عبر القارة، وذلك حسب برقيات دبلوماسية أميركية أعلن عنها موقع "ويكيليكس". وفي هذا السياق، قال آلان جارسيا، الرئيس التشيلي، لصحيفة "إيل ميركوريو" في وقت سابق من هذا العام إن تشافيز يتدخل في شؤون البلدان الأخرى، ولكنه بات اليوم يتمتع بنفوذ أقل. وقال جارسيا: "إنني لا أحترم أي شخص يريد إلقاء الدروس والعظات على الناس خارج حدوده". خوان فوريرو - البرازيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©