الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الروائية السورية مريم ملا ترسم شخصياتها بخيوط الحرير

الروائية السورية مريم ملا ترسم شخصياتها بخيوط الحرير
5 أغسطس 2010 21:31
مريم ملا كاتبة روائية وشاعرة وإعلامية حلقت بكتاباتها في سماء الوجود والتاريخ العريق، وسبحت بقلمها في بحر الخيال، حروفها تفيض رقة وحنانا وأمومة وتعتصر ألما ومرارة وتتألق إنسانية وكبرياء وعنفوانا، دغدغت مشاعر وخيال القارئ بلغتها الإيحائية الشاعرية المنسابة المتدفقة من همسات روحها وخفقات قلبها.... هي أم وصاحبة علاقات إنسانية وأدبية واسعة، لها سبعة أعمال أدبية مهمة حتى الآن.. وهي مازالت في بداية العطاء.. «الاتحاد» التقت مريم ملا وحاورتها عن كتاباتها التي لها صدى وانتشار في الدولة وخارجها، لطالما أنها جسدت في رواياتها حياة قادة شعوب وزعماء ماتوا وما ماتت بصماتهم التي تركوها على القلوب، مثل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله. هنا البداية تتحدث مريم بداية عن طفولتها التي بدأ معها حب الكتابة يهفو عليها وتقول: «أذكر أنني بدأت القراءة وأنا طفلة وفي سن الثالثة عشرة، بدأت اقرأ الأدب العالمي المترجم، طفولتي كانت جميلة جداً وفترة صباي الأولى أجمل، فجدي لأبي كان يملك منزلاً صيفياً، وقطعة ارض تأسر الألباب في وادي بردى العريق، حيث كنت اصطاف فيه بعد أن تغلق المدارس أبوابها، وبدأت في هذه الأرض تتشكل أشياء جميلة جداً في أعماقي، وكذلك الطبيعة‏‏ التي أحببتها في اللاذقية وكنا نتردد عليها كثيراً حيث البحر والجبال كلها مشاهد كانت تحرك في داخلي أحاسيس الجمال والوجود، ومحفزات تركت أثرها في نفسي منذ الصغر‏، من هناك كانت البداية». أمومة وغربة تضيف مريم: «تزوجت في سن مبكرة وقدمت إلى الإمارات مع زوجي، وكانت بداية عملي في القطاع الخاص لفترة لا بأس بها، ثم جاءتني فرصة ذهبية حيث عملت في قسم الإعلام لمكتب شؤون المواطنات والخدمات الاجتماعية، وقد صار يعرف اليوم باسم مؤسسة التنمية الأسرية. وأكاد أجزم أن انطلاقتي الإعلامية والأدبية كانت من هناك، حيث عملت على تغطية جميع فعاليات المكتب إعلامياً من تحرير للأنشطة وما شابهها، وفي الوقت نفسه أصدرت أولى رواياتي «أمومة وغربة»، على المكتب ذاته وبالمكان نفسه متأثرة بأمومتي وبابنتي الوحيدة، حيث وصفت في هذه الرواية تجربتي معها منذ أن كانت جنينا في رحمي حتى 12 سنة من عمرها، بكل ما عشته معها وعاشته معي من أحاسيس وانفعالات ومشاعر حقيقية ولعل هذه الرواية هي الأولى من نوعها، فلا أذكر أن هناك أديبة عربية كتبت عن أمومتها كما كتبت عن تجربتي الحقيقية. من الحقيقة إلى الخيال تفيد مريم أنها التقت الكاتب والروائي السوري حنا مينه الذي أشار عليها بعد أن قرأ روايتها الأولى «أمومة وغربة»، أن تكتب رواية أخرى من خيالها وليس من تجربتها الحقيقية، ليتفحص إلى أين يمكن أن يصل خيالها، فألفت رواية «الليل الأبيض». تقول عنها مريم: «استعنت بالليل لأعكس من خلاله ما ألم بشخوص روايتي من المحن والآلام التي خيمت عليهم كظلام الليل، ولكن أحلامهم وآمالهم التي امتلكتها قلوبهم تدفقت طيباً وإنسانية حباً وتضحية، فكانت بمثابة البياض الذي واجهه سواد الليل، كما دعوت في هذه الرواية إلى عالم تسوده المحبة والإخاء والمواساة في هذا الزمن الرديء الذي افتقدت فيه القيم النبيلة وعلاقات المودة والإخاء». وتوضح مريم أنها تناولت في رواية شجرة التين مرحلة زمنية مهمة في حياة الشعب الفلسطيني تبدأ من عام 1946 أي قبل الاحتلال وحتى 1967 تحديداً، وفي العام 2003 كرمت على هذا العمل من قبل اللجنة الاجتماعية الفلسطينية التي أهدتها بدورها دبوس المرأة الفلسطينية. زمن الصبر من أهم الروايات الأدبية وأقربها إلى قلب الكاتبة مريم ملا روايتها «زمن الصبر» التي صدرت عام 2005 حيث تطلب إنجازها قيامها بأكبر عمل ميداني مجهد لتبحث عن شخصيات حقيقية نادرة عايشت المغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله، تتحدث مريم عن هذه الرواية وتقول: «زمن الصبر عمل تاريخي وتراثي وروائي وواقعي تناولت فيه أهم حقبة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة أبوظبي ومدينة العين، وهي الفترة الممتدة من 1928 إلى 1966 أي قبل ظهور النفط وبعده بقليل، أما بالنسبة للتراث فقد احتوى العمل على 313 كلمة محلية محكية، وأهازيج بحرية، وألغاز صحراوية، وشعر نبطي، و4 خرائط لدولة الإمارات، و50 صورة لأبوظبي وواحة العين قديما، ومنها للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله. فقد انطلقت من أحد فرجان أبوظبي القريبة من الشاطئ من البر بـ15 شخصية حقيقية و30 شخصية متخيلة، منها عائلات وأشخاص مثل الحاكم وإمام المسجد ودليل القافلة والمطوع والطبيب وبعض الغواصين وشبان وشابات. بعد ذلك اتجهت إلى العين عن طريق البر لا تنقل بين حياة البدو في الصحراء مسلطة الضوء على جوانب كثيرة في واحة العين، مثل حياة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله ومعه 10 شخصيات بـ100 صفحة كاملة كان رحمه الله حاكماً لمدينة العين «المنطقة الشرقية» عندما كان ممثل حاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية، وتعمقت كذلك في العادات والتقاليد كتصوير حفل الزفاف الصيد بالصقور، ثم عدت بأبطالي إلى أبوظبي، ومنها انطلقت إلى حياة البحر والغوص بشخصيات عديدة من النواخذة والغواصين والسيوب والمجدمي والبلاد والسردال والطواشين والسكوني الخ وذلك لما تشكل من أهمية كبرى وشاملة في العمل، ومن ثم انطلقت إلى الجزر لأصور ظهور البترول والعودة إلى جبل الظنة ومنها برا إلى أبوظبي لأصور حياة البدو في الصحراء البعيدة والقريبة. الشعر أيضاً قدمت مريم تجربتها الشعرية عبر ديوانها «شظايا نافذة» الذي نشرته عام 2007 وهو يحمل الكثير من المعاني والشفافية الواضحة. وإذا كان لكل كاتب أسلوبه ومصادر إلهامه، فقد يستغرب البعض عند معرفته أن ملا تستلهم شخوص رواياتها من شغل «الكانفا». توضح ذلك بالقول: «عشقت الكانفا منذ أيام دراستي في دمشق، حيث كانت لدينا أستاذة متخصصة في التفصيل والخياطة والكانفا، وخلافاً لزميلاتي لم أوفق بالخياطة والتفصيل، ولكن الكانفا جذبتني لما فيها من رؤية فنية، فحين نضجت كانت هي ملهاتي، ورفيقة ساعات الوحدة أمام البحر أو في ساعات الفراغ. خيوط من حرير الكانفا عبارة عن لوحة مرسومة بريشة فنان وجاهزة، وهي مثقوبة وتساعد على مرور الإبرة ولها خيوط صوفية خاصة بها. تقول مريم: يستطيع البائع أن يزودك بالخيوط كاملة للوحة، ولكنني استبدلت خيوط الصوف بخيوط قطن أو حرير، لأمنح اللوحة شفافية وأقربها من العمل الفني، بعيداً عن الحرفة اليدوية المفرطة بالتقليد. واخترت مجموعة من المواضيع الأقرب إلى حياتي في عمل الكانفا، حيث الأمومة والمناظر الطبيعية والخيول والأزهار، وتساعدني هذه الزخرفات والرسوم في تشكيل ملامح شخصيات أعمالي الروائية، فبعد دخول عالم التأليف، أصبحت روايتي التي أكتبها ترافق قطعة من الكانفا، فتعطيني مساحة من التفكير بأبطالي، وتطور الشخصية، بمعنى عندما أكون حائرة بشخصية من شخصيات الرواية، ألجأ للعمل بها تاركة القلم ممسكة بالأبرة فإما أطور الشخصية أو أنهيها تماماً، كما أنني أربط الشخصيات بالخيوط الملونة، وبالنسبة للألوان فإنني أقاربها مع شخصيات رواياتي، فحين كتبت شجرة التين؛ رافقتني بطلة روايتي العجوز (حورية) من البداية إلى النهاية، فأطلقت اسمها على الأشجار التي رسمتها بالكانفا بلون أخضر وبدرجات متعددة، أما في رواية (زمن الصبر)، فكان هناك راو أساسي مثلته بصورة البحر في الكانفا». نحو العالم وتشير مريم إلى أنها عمدت إلى ترجمة كتابها زمن الصبر باللغة الإنجليزية حرصاً منها على أن يقرأه العالم كله، وقد أهدت مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية 5 آلاف نسخة من كتابها زمن الصبر باللغة العربية الذين قاموا بدورهم بطباعته بلغة برايل وسيصدرونه بعد شهر رمضان المبارك. وانتقلت مريم للعمل كمعدة برامج بين أكثر من قناة تلفزيونية، بدأتها بـ«العقارية» في برنامج «بيتكم عامر»، وبرنامج صباحي مباشر لقناة «صانعو القرار» اسمه مرحبا بكم، ثم انتقلت الى قناة «روتانا خليجية» كمعدة لبرنامج «ياهلا» وعملت ايضا برنامج «رحلة عمر» على قناة أبوظبي الإمارات والذي يعتبر من أبرز البرامج لديها حيث تناولت فيه 13 شخصية إماراتية رافقت مسيرة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، وأيضاً برنامج المسابقات «ما أحلاها بلادي» الذي صور في بيروت وهو برنامج مسابقات خاص بدولة الإمارات جغرافياً وتاريخياً وفنياً وتراثياً وغيرها، وايضاً هي تعمل الان على برنامجين لقناة بينونة التي تستعد للانطلاق قريباً. تهم مريم للسفر هذه الأيام إلى مصر لإصدار روايتها الأخيرة «حدائق النار» التي تتناول فيها فترة مهمة في سوريا ومصر في مرحلة ما قبل الوحدة ضمن الفترة (1952- 1956) تحديداً بكل تفاصيل تلك الفترة وسيتم إصداره خلال أيام في القاهرة.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©