الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان... اختراقات في مكافحة «الخشخاش»

24 يناير 2010 21:27
بين أرنولدي أفغانستان يعترف المزارع الأفغاني، فاتي محمد، وهو يقف بالقرب من بقرته وإلى جانبه أفراد من قوات المشاة البحرية الأميركية، بأن التواجد الأجنبي على الأراضي الأفغانية ساهم كثيراً في ضرب اقتصاد الأفيون والحد منه. ففي الماضي كان العديد من أبناء المناطق الأخرى يأتون إلى "خان نيشين" للعمل في الحقول لمعالجة نبات الخشخاش بغية تهريبه لاحقاً إلى البلدان المجاورة، ولاسيما باكستان وإيران. ومع أن أغلب الوسطاء الذين يتولون التهريب فروا مع مجيء قوات المارينز في شهر يوليو الماضي، إلا أن بعض الأهالي ما زالوا يزرعون الخشخاش. ويقول المزارع محمد في هذا السياق: "سيكون من الصعب علينا بيع الأفيون"، لكنه مع ذلك يبدو سعيداً بتواجد المارينز في قريته وعودة السلطة بعد فترة من الفراغ والفوضى. وعن ذلك يقول: "ربما سيستمر بعض الأهالي في زراعة الخشخاش أملا في أن يأتي بعض الوسطاء لحمل بضاعتهم وتصريفها في السوق المحلية، أو تهريبها إلى الخارج"، وهو الأمر الذي تحاول القوات الأميركية المتمركزة في المنطقة محاربته بشتى السبل وقطع حتى خيط الأمل الرفيع المتبقي لبعض المزارعين في إمكانية تسويق الخشخاش الذي يزرعونه في الولاية الأفغانية التي تزود العالم بنصف استهلاكه من الأفيون. ويبقى القضاء على زراعة الخشخاش التي تمول "طالبان" مهمة ضرورية بالنسبة للولايات المتحدة كما يؤكد ذلك وزير الزراعة الأميركي "توم فيلساك" الذي زار الولاية في الأسبوع الماضي. وفي الوقت الذي تحاول فيه قوات التحالف الاستفادة من بعض العوامل الخارجية التي جعلت من زراعة الخشخاش نشاطاً أقل شعبية بين الأفغان فهي تسعى جاهدة أيضاً لبناء قطاعات اقتصادية أخرى وتعزيز البدائل المناسبة. وتبرز المهمة الأولى في إبقاء المزارعين بعيداً عن المهربين وضمان عدم استمرار التعامل فيما بينهم، وهي مهمة يبدو أنها تحقق بعض النجاح، فقبل أسبوعين فقط احتجزت قوات التحالف في المنطقة المحيطة بـ"خان نيشين" أكثر من 13 ألف رطل من الأفيون المصنع و175 رطلاً من الهرويين بعد مطاردة إحدى العربات. ولكن اللافت في هذا كله أن الأهالي لا يمانعون هم أيضاً في تعقب المهربين، أو منع زراعة الخشخاش لأنهم ينظرون إلى المهربين الذين يطلبون أسعاراً مرتفعة مقابل الخدمات التي يقدمونها على أنهم خارجون عن القانون وبالتالي يستحقون المتابعة، وهو ما يؤكده "ديفيد مانسفيلد"، الخبير في الشؤون الأفغانية بجامعة هارفارد الأميركية قائلا: "هناك شعور بالعدل يسود بين الأفغان من أن الأشخاص الذين تلاحقهم قوات التحالف لمتاجرتهم في المخدرات يستحقون ذلك، ولذا فإن الانعكاسات السلبية على الحكومة الأفغانية وقوات التحالف تبقى ضعيفة وغير ذات بال". ولعل مما يساعد الولايات المتحدة في هذه المرحلة على تحقيق بعض النجاح في مكافحة زراعة الخشخاش العوامل الاقتصادية التي تلعب لصالحها بعدما أصبحت تلك الزراعة أقل استقطاباً للمزارعين لأسباب تتعدى مجرد المنع، فقد أظهرت إحصاءات الأمم المتحدة أن زراعة الخشخاش في أفغانستان انخفضت بنسبة 22 في المئة خلال عام 2009، كما أن عدد الأشخاص المنخرطين في زراعته تقلص إلى الثلث. ويرجع ذلك حسب "مانسفيلد" إلى انخفاض أسعار الخشخاش بسبب فائض الإنتاج في هلمند والمخاوف بسبب أعمال العنف من تناقص كمية القمح التي تأتي من باكستان. ويشير الخبير المذكور أيضاً إلى أن ارتفاع تكلفة اليد العاملة وتراجع الأسعار سيجعلان من الخشخاش نشاطاً غير مربح من الناحية الاقتصادية بالنسبة للأهالي. ومع الوقت يتوقع "مانسفيلد" أن تؤدي هذه التطورات إلى انتقال الأهالي من زراعة الخشخاش إلى زراعة القمح، وإن كان بعض السكان يشككون في توقعات الخبير الأميركي مثل "ناظم الدين" الذي يرى أن مداخيل الأفيون تفوق بخمس مرات مداخيل زراعة القمح، وعن ذلك يقول: "إننا لا نحصل على ما يكفي من الأرباح من القمح في حين نجني أرباحاً وفيرة من الأفيون". وأكثر من ذلك أن الأهالي يقولون إن رحيل المهربين والأيدي العاملة، والمصنعين المرتبطين بتجارة الأفيون، ألحق ضرراً بالنشاط التجاري في المنطقة. كما أن زراعة القمح التي لا تتطلب الكثير من الجهد تركت العديد من الأهالي بدون عمل، وهذا الواقع يشير إليه أيضاً "عصمت الله" المزارع الأفغاني، قائلا "لا أعرف ماذا سنفعل بالقمح فهو لا ينافس الخشخاش، وفي فترة طالبان كنت أعمل وأقوم بما أريد دون أن يتدخل أحد". ولتفادي استياء الأهالي الذين تعودوا على زراعة الخشخاش تقوم القوات الأميركية ومعها وكالات الإغاثة الغربية بتوفير المال للحكومة المحلية لإنجاز بعض المشاريع القادرة على خلق مناصب عمل مثل إقامة الجسور وتوسيع قنوات الري وغيرها، فضلا عن توزيع بذور القمح مجاناً. ولكن الوضع الأمني المستقر الذي لا يتعدى محيط القرية يشكل عائقاً أساسياً بالنسبة للمزارعين الذين يودون تسويق محصولهم في المدن المجاورة. ويرى "مانسفيلد" أنه لا يمكن الاعتماد فقط على القمح لمحاصرة الخشخاش لأن من شأن الإفراط في زراعته أن يؤدي إلى انهيار الأسعار، وهو ما يستدعي بدائل أخرى مثل توسيع مساحة الأراضي المخصصة للزراعة وتنويع المحاصيل، ثم فتح أسواق جديدة لبيعها لكي يستفيد الأهالي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©