الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شخصنة العلاقات الخارجية

24 نوفمبر 2008 02:24
عندما ينظر الرئيس أوباما في أعين قادة العالم خلال الشهور القادمة، فإنه من الأفضل أن يبحث عن المصالح بدل الغوص في أعماق أنفسهم والتقليب عن الغيبيات· فقد وجد الرئيس بوش نفسه منشغلا في علاقاته الخارجية بالتركيز على الصلات الشخصية أكثر من الاهتمام بالقضايا المعقدة والمتشابكة المرتبطة بالدولة وشؤونها، ورغم أن الارتياح النفسي للقادة عنصر أساسي ومهم في العلاقات الخارجية، إلا أن الاعتماد المفرط للرئيس بوش على الجانب الشخصي في السياسة الخارجية جعل الولايات المتحدة أكثر ليونة مع الأصدقاء وأشد تصلباً مع الأعداء، ففقدت قدرة التأثير في الحلفاء كما الأعداء· ولو بدأنا بالأصدقاء لوجدنا أن الولايات المتحدة طيلة الفترة السابقة من علاقاتها برؤساء وقادة الدول، مثل مشرف وقرضاي وساكشفيلي، لوجدنا أنها مختلة إلى أبعد الحدود، بحيث إما يُنظر إلى هؤلاء القادة على أنهم دائماً على حق، وإما تتعامل معهم كألد الأعداء· وبدلا من التركيز على علاقات قائمة على المصالح والأخذ والعطاء، غالباً ما يجد المسؤولون الأميركيون أنفسهم يجاهدون للتأثير على بعض القادة الذين هم أصلاً يعتمدون على الدعم الأميركي· هذه المقاربة الشخصية ترتبت عليها مجموعة من التداعيات الجسيمة في العراق وأفغانستان، إذ فيما يسقط القتلى الأميركيون تفشل واشنطن في ممارسة نفوذها والدفع بالعملية السياسية والحكم الرشيد إلى الأمام· فإذا كان رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، يعرف أنه مهما كان الرجل الأول في البيت الأبيض فإنه سيثني عليه كل أسبوع بصرف النظر عن الحقائق على أرض الواقع، فلماذا يزعج نفسه بالإصغاء لنصائح الدبلوماسيين والقادة العسكريين الأميركيين؟ والشيء نفسه ينطبق على كرزاي في أفغانستان· وبالطبع لا يمكننا إغفال الدور المهم للعلاقات الشخصية على الصعيد الدولي بين القادة والرؤساء، فقد رأينا مثلا كيف ساهمت العلاقة الودية بين الرئيس كلينتون ونظيره الروسي يلتسين في الحفاظ على علاقات البلدين· ومن ناحية أخرى أدى التشبث الأميركي ببرويز مشرف، رغم دعم إسلام أباد المتواصل لحركة ''طالبان'' وعدم إيفائه بإحلال الديمقراطية، إلى إضعاف الموقف الأميركي والنيل من مصداقيته· وبالمثل تقوم علاقاتنا مع جورجيا على شخص ساكشفيلي، القائد الكاريزمي الذي أقنع واشنطن بدعمه فجرّ بلده إلى حرب مع روسيا كانت تنتظرها، لتجد أميركا نفسها في النهاية متورطة بمليار دولار لإعادة بناء ما دمرته روسيا في غزوها لجوروجيا· ولعل ما يثير المخاوف هو أن عالمنا مليء برجال من طينة أحمد جلبي مستعدين دائماً للإيقاع بأوباما ودفعه إلى مصادقتهم· لكن الجانب الشخصي في العلاقات الخارجية لا يقتصر خطره على المبالغة في تقدير الأصدقاء والسقوط في حبائلهم، بل يتعداه إلى الإفراط في العداوة وأخذها على محمل شخصي، بحيث يصبح من الصعب التوصل إلى أرضية مشتركة للتوافق تزيل التوتر وتخفف من التصعيد· وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي ليس سوى جانب من جوانب السياسة الإيرانية بمصالحها المتشابكة مع الولايات المتحدة في كل من أفغانستان والعراق، مع أن خطابه المتطرف لا يشجع على التعاون، لكن يجب ألا يمنعنا ذلك من وضع الخطط المناسبة للتعامل مع إيران بعد خروج نجاد من السلطة· كما أن سياستنا تجاه كوبا وكوريا الشمالية قائمة على الجانب الشخصي بدل المصالح السياسية، وهو ما يجعلنا غير مستعدين للتعاطي مع البلدين في مرحلة ما بعد كاسترو وكيم يونج إيل· ولتجنب هذا التخبط في سياستنا الخارجية وإعادة تأسيسها على قواعد صحيحة، على أوباما أن يراجع مقاربتنا في هذا المجال، وأن يطرح على نفسه السؤال: هل العلاقات الأميركية مع باقي العالم قائمة على صداقات وعداوات شخصية؟ فإذا كان الجواب بنعم يتعين عليه إدخال تعديلات جوهرية تعود بها إلى جادة البراجماتية والمصلحة· ليونيل بيهنير - محلل سياسي أميركي فيكرام سينج -باحث بمعهد الأمن الأميركي الجديد ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©