السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خلود المعلا تمزج قصائدها بمشاعر الدفء والبهجة والكآبة

خلود المعلا تمزج قصائدها بمشاعر الدفء والبهجة والكآبة
17 مايو 2013 23:27
جهاد هديب (الاتحاد)- قارئ «أُمسكُ طرف الضوء» لخلود المعلا الصادر مؤخرا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع بعمّان، يقول إن الشتاء فصل لكتابة الشعر بدأب وانفتاح على المشهد الداخلي بأثر من تلك الكآبة الشفيفة والهيّنة على الروح: «سيأتي الشتاءُ أخيرا فلأعُدْ إلى البيت الآن وأتهيَّأ بوسعي أنْ أطلبَ أيَّ شيء حين تبكي السماء». او هذه القصيدة المعبّرة عن الروح نفسها أيضا، إنما من طرف آخر من الذات: «هذا الصمت صرخة حادّة للوحدة قلبي هادئ لا ينتظر أحدا هكذا أسمع إيقاع حياتي». إنها قصائد مبتلة بدمع السماء ومرويَّة رقائقُها بماء المطر، لكنها في الوقت نفسه قد انكتبت في اماكن تصلح للتأمل، تلك الأماكن العالية التي يشعر فيها شاعر أنه يحيا عزلته وحيدا، وبمقدار ما هو بعيد عن صخب الآخرين ويومهم العادي فإن حبلا سرِّيا خفيّا يربط بين تلك العزلة والقارئ إذ يتقاطع الشخص السارد في القصيدة مع القارئ في أفق واحد من التلقّي الذي يمنح الاثنين أن يعيشا التجربة ذاتها التي في الخسارة والخذلان من الحبّ والندم على شيء ما بما يمنحه التأويل لمخيلة القراءة: «يجرحني عميقا أن أمشي على أطراف أصابعي في وضح النهار ثمة شيءٌ في المكان يجعلني أكثر هشاشة فلأسافر إذاً إلى بلاد شمسُها رحيمة يسكنها المطر أركُضُ فيها بحرية خلف الغمام» ما تشيعه القصائد في مخيلة القارئ ومشاعره هو الدفء، والبهجة التي تشوبها مسحة من كآبة محفزّة على التخييل، وليس العكس، ربما بسبب التأمل في الذات، جسدا وروحا، بعد أن طالها الألم بنصيب كبير، ذلك الألم الذي يرتبط عميقا بالنسيان، فثمة نوع من الألم يجعل صاحبه ينسى كل شيء ما عداه: «ما إنْ يتسع العمر حتى يضيق. في الليالي ذاتها تجزّأْتُ مرّات شتّى. مدّي ضيّع جزره وليلي شبه نهاري. ليس سهلا أنْ أتذكر اسمي بعد الآن». ولا تتوارى الشخصية الساردة في القصيدة عن القارئ ولا تتخفى بارتداء أقنعة لغوية، مثل ضمير المُخاطب او الغائب او الجماعة، بل هي في قصائد خلود المعلا جميعا، لا تنطق إلا بضمير المتكلم. وينبع خطابها الشعري من كونها أولا أنثى وترى العالم وذاتها، بما هي جملة مشاعر وأحاسيس مختلطة ومتنوعة، حتى لكأن القصيدة هي ابنة لحظتها وقد ولدت للتوّ وتشكلت بوصفها دفقة واحدة وخرجت إلى القارئ كانما من مَصْهر روحي خاص بالشاعرة ذاتها وقد أذابت فيه تلك المشاعر والأفكار والخيالات إلى صور شعرية: «ألهثُ وراء السحب وراء المطر قلبي لا تبتلُّ أطرافه طيوري لا تستجيب. مَنْ يأخذ الحبَّ إلى مبتداه؟» أي ان الشخصية الساردة في القصيدة تتحدث عن واقع راهن وقد جرى تحويله إلى مشهد مكتمل، ومكثّف ويشير ويومئ بأكثر مما يصرّح لكن صوره دائما تبوح: «أعلّقُ هواجسي أتجمَّلُ أنثرُ رائحة الزنجبيل في المكان وأنتظرُ يمرّ خاطفا، لا يأبهُ بي لا يلتفت ما أقسى هذا النوم». لكن يشعر القارئ في بعض القصائد أن التذكّر حاضر، ليس على نحو علني كما في قصائد الكتاب، إنما هو الجذر الذي بدأت منه تلك القصائد: «يصير المطر خمرا هذه الأثناء مذاقُه يُغوي رشفةٌ لم أعرفها معاً كنّا الشجرة التي خبّأتْ سرَّنا لها اسمٌ قديمٌ هل تتذكّره؟» يبقى القول إن «أمسك طرف الضوء» هو الديوان الخامس للشاعرة خلود المعلا، بعد دواوينها: «ربما هنا» 2008 و»هاء الغائب 2002»، و»وحدك» 1999 و»هنا ضيعت الزمن» 1999، كما صدر لها أيضا الديوان: «دون أن أرتوي» عن إصدارات مجلة دبي الثقافية 2011 وهو قصائد مختارة من دواوينها السابقة وقد ترجم إلى اللغتين الإسبانية والتركية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©