الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تركي الدخيل: دروس الحياة الأهم نتعلمها من الممارسة لا من الكتب

تركي الدخيل: دروس الحياة الأهم نتعلمها من الممارسة لا من الكتب
1 يونيو 2014 21:41
أحمد السعداوي (أبوظبي) تركي الدخيل، قامة كبيرة أطلت على المشهد الإعلامي العربي، عبر مجموعة من الإنجازات المتلاحقة فصار طرازاً فريداً بين إعلاميي المنطقة وقدوة لمن يريد أن يسير على درب النجاح وإثبات الذات، ومن ذلك إسهامه في تأسيس جائزة الشيخ زايد للكتاب بما لها من قيمة عالمية، ومجموعة من المنابر الإعلامية الفاعلة على الصعيد الإقليمي والدولي، مما دفع جمعية أميركا للإعلام الخارجي إلى منحه جائزتها لهذا العام تقديراً لدوره في نشر الوعي والثقافة في المنطقة العربية. حول الجائزة، وهل هي نتيجة لسنوات طويلة من الجهد والعمل الدؤوب؟ قال تركي الدخيل: من الصعب الحديث عن النفس، لكن أي تكريم هو بمعنى ما تتويج لعملٍ تقدمه، وعنوان شكر، وعلامة تقدير. خلال ربع قرن مضى وهي عمري المهني، انشغلت بالركض المهني في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية، وفي النشر من خلال مركز المسبار للدراسات والبحوث، ودار مدارك للنشر، واعتبر التكريم امتنان لما أقوم به على أكثر من صعيد». وعن أهم المحطات الإعلامية في حياته، أوضح أنها ليست قليلة، ونحن يومياً نتعلم، فدروس الحياة الأخطر تلك التي نتعلمها من ممارسة الحياة أكثر مما نجدها في بطون الكتب. لكن أهم محطات حياتي مرحلة بدء الإعلام إذ حملتني مسؤوليات كبيرة، وجعلتني أدخل البيوت من خلال الشاشة، وهذا جعل الحمل مضاعفاً لأن أحترم الوقت الذي يمنحه لي المشاهد، لأقدم مادةً تستحق الاحترام في الساعة التليفزيونية التي أظهر فيها. ثمة التزام مهم تعلمته من العمل في هذا النشاط وهو أهمية الكلمة وقيمتها، ولأني في كتاباتي الصحفية أو أعمالي التليفزيونية والإذاعية، بالإضافة لعملي في النشر والأبحاث، أتعامل مع الكلمة فأنا أعرف تماماً أن كل ما أقدمه مهم ومؤثر لصلته بالكلمة والأفكار. الإعلامي الناجح وبالنسبة لما يتردد عن أن الإعلامي الناجح لابد أن يواجه مشكلات عديدة خصوصاً في مجتمعاتنا التي تتعدد فيها الخطوط الحمراء والتي قد تعوقه عن أداء مهمته الإعلامية كما يراها قال، أجاب الدخيل: إن المشكلات جزء من العمل، ومن طبيعة الحياة والأشياء، لكن الأهم كيفية التعامل معها، وحين تواجهني عقبة أعالجها بصراحة وهدوء. في الإعلام لا تنتهي العقبات التي تواجهك ومن تصور إعلاماً بلا مشاكل فهو مثل من يطلب في الماء جذوة نار، وخلال عشر سنوات تعاملت مع 400 ضيف بين أمير ووزير وشيخ ومفكر وأديب وداعية وفنان، هذه الخبرات التي اكتسبتها من خلال التنقيب في إرث هؤلاء منحني القدرة على التفهم، وأضافت لي الكثير من التنوع. كما قدمت لي القدرة على فهم المجتمع حين يحتج على حلقة من الحلقات أو ضيف من الضيوف. وعن برنامج «إضاءات» ومدى حضوره في المشهد الإعلامي الخليجي وهل هناك إضافات أو تطوير في المستقبل، أوضح أن «إضاءات» بقي ضمن المشهد الإعلامي، ونال الجوائز إلى أن توقف برغبةٍ مني من أجل التجديد. والمشاهد هو الذي يقيم هذا العمل، وقد طبعت الحلقات جميعها مفرغةً في مجلدات لعل الأكاديميين يجدون فيه ما يستحق البحث والدراسة لأنه برأيي يؤرخ لتحولات مجتمع خلال عقدٍ من الزمن. أسس الاختيار وعن القواعد التي يختار على أساسها الموضوعات التي يطرحها على الجمهور، والتي تحقق صدى طيباً وصنعت له جماهيرية واسعة على امتداد العالم العربي، أوضح أن القصص المثيرة للجدل هي أساس كل ضيف، وهذه القصص لها جماهيرها وشرائحها، والجماهيرية التي تتحدث عنها بفضل حركة المجتمع وحيويته بحيث تمنحني العديد من القصص والوجوه لمناقشتها وسردها وفحصها وتحليلها. وقال الدخيل: الإعلام العربي ليست مشكلته في «الرقيب»، كما يتحدث البعض، بل في المهنية والحرفية، هناك مئات القنوات، لكن الحرفية فيها قليلة، والكلام والصراع والمنازعة فيها كثيرة. من المؤسف أن نرى الكثير من الضرب والركل والتقاذف بالأكواب في الاستديوهات. مشكلة الإعلام مشكلة ثقافة مجتمع أكثر من كونها مشكلة الرقيب كما يظنّ البعض. هذه المعارك في الاستديو هي امتداد، لمعاركنا في الحياة، وعدم قدرتنا على استيعاب بعضنا». وأكد الدخيل أن التزايد غير العادي في عدد القنوات الفضائية العربية، ظاهرة إيجابية وتنم عن حيوية المجتمعات الحالية، ومع كل موجةٍ أو اضطراب تولد قنوات، كما حدث في 2003 بعد سقوط صدام، وصولاً إلى 2010 بعد «الثورات العربية» والبضاعة الجيدة تطرد البضاعة الرديئة. وأوضح أن وسائل الإعلام التقليدية من صحافة وتليفزيون، تستطيع مواجهة زحف وسائل التواصل الاجتماعي وقدرتها على جذب قطاعات واسعة من الجمهور، من خلال التكامل بين مختلف وسائل التواصل، وهذا ما نراه في القنوات الكبرى في العالم الغربي، وفي العالم العربي. التكامل لا التنافر بين شتى الوسائل والوسائط، هو ضمانة الاستمرار. من لا يستطيع أن يُطور آلياته فسيتجاوزه الزمن، وستسحقه التقنية. التجربة الخليجية ورداً على سؤال عن تجربة أبناء الخليج في المجال الإعلامي، وهل استطاعوا منافسة إعلاميين ذوي كفاءات جاءوا من حواضر مهمة مثل بيروت والقاهرة قال: «بالطبع، هناك تنافس كبير بين الإعلاميين الخليجيين وغيرهم من الإعلاميين العرب، وأشعر بالفرح لأن هذه المنطقة أنجبت العديد من الإعلاميين والمذيعين الكبار والذين يقارعون إعلاميين من دول لها تاريخ إعلامي من قديم، بل ويبزونهم أحياناً. لم تعد دول الخليج دول هامش. لقد أصبح الخليج مركزاً ومحوراً في إنتاج الثقافة والإعلام والنشر. وبخصوص إسهاماته في تأسيس عدد من الكيانات الثقافية والإعلامية المهمة في المنطقة العربية ومنها جائزة الشيخ زايد للكتاب، ورأيه فيما وصلت إليه الجائزة، قال إن جائزة الشيخ زايد عظيمة بعظمة من تحمل اسمه، فهي كيان لتكريم وتتويج المبدعين والعباقرة والأفذاذ، والجائزة تتطور سنوياً ولعل الحفل الأخير أكبر مثال على هذا التطور في التنظيم، إنها فعلاً أهم جائزة عربية حالية، بل يمكن اعتبارها من أهم الجوائز عالمياً، وهذا يكفيها لأن تكون مشعلاً للمبدعين ومحفزةً للعلماء والمفكّرين. وأشار إلى أن «أبوظبي» شهدت نقلات إعلامية لافتة، كما هي النقلات الاقتصادية والتنموية، يكفي لأن تنصت لرؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، ولولي عهده الأمين، لترى المستقبل واضحاً أمامك، هناك رؤية وخطة لهذه الإمارة العظيمة والعاصمة الراقية الأنيقة. وأبوظبي تطورها الإعلامي ليس سراً على مستوى الإعلام الخبري والرياضي والفني، ولا أحد ينسى دور قناة أبوظبي في تغطية أحداث سياسية كبرى من بينها سقوط بغداد 2003. الوجه الآخر وانتقالاً إلى الحديث عن الوجه الآخر للأستاذ تركي الدخيل، والذين أثّروا في تكوينه، قال: إنهم كُثر، وأولهم والداي، وفي المجال الإعلامي تأثرت بالراحل الأستاذ صالح العزاز، الذي كان فنه مصبوغاً بإنسانيته الطاغية رحمه الله. ولا أزال أفكر بالكتابة عنه بطريقةٍ أو بأخرى، فهذا الرجل لم يُنصف بعد ولم ينل ولو بعض حقه. وعن نجوميته الإعلامية وكونه شخصية مشهورة في العالم العربي، وهل يسبب له ذلك صعوبة في حياته اليومية، قال: «أسعد بحب الناس وقربهم وفرحهم بي. عندما يطلب مني شاب أو شابة التصوير معهم، فهم يقدمون لي الجائزة الحقيقية التي تفوق كل الجوائز. لأن هذا يعني أنني قدمت ما يجعلهم يلتقطون صورة معي. إنها علاقة تبرز على معادلة المحبة والنجاح. وأتمنى أن أكون عند حسن ظنهم، لكن هذا لا يعني أنني لا أتمثل أحياناً قول بدر بن عبدالمحسن: والله لو دمــــــي يغيث الملاهيف قطعت عرقي لين يصفى نزيفه. وياحظ من لا عرف من هو ولا شيف ان طاب يحمد وان تردى بكيفه. أما أهم المدن والأماكن التي يحبها، فهي كثيرة وكل مدينة لها بصمة معينة، من الصعب التفضيل بالمعنى المطلق. ومن بينها الرياض التي ولد ونشأ فيها، و«أبوظبي» المدينة التي تكسوه بالراحة والطمأنينة عند دخولها وعاش فيها سنوات النجاح، ويعشق لندن عاصمة الدنيا، ويحبُ بيروت التي تستنشق الثقافة من شوارعها، والقاهرة التي ترى الإنسان بكل صوره في جنباتها. محطات في الحياة حول الأشياء التي لا يمكن للمرء أن يتنازل عنها، أكد تركي الدخيل أن كل قيمة ليست موضعاً للتنازل، وأهمها برأيي في مثل هذه الأحداث «المواطنة» الصحيحة، فالأوطان ليست للمساومة. وعن الكيفية التي يقضي بها يومه وهواياته، أوضح أنه يقسم الوقت بين العمل والقراءة ومتابعة الأحداث، والاستمتاع مع الأُسرة، ومن بين الهوايات «المشي» الذي يفضله منذ مدة طويلة. أما أكثر الأشياء التي تفرحه، أو تحزنه، فذكر أن ابتسامة أبنائه، ونجاحاتهم تفرحه، بينما تحزنه مشاهد الموت في الأخبار. وحول ما أعطته له الحياة وماذا أخذت منه، أجاب: «أحمد الله على ما منّ علي من أشواطٍ مهمة في الحياة، ولسان حالي يردد مع خالد الفيصل: ولا نيب ندمانٍ على كل ما فات .. أخذت من حلو الزمان ورديه هذي حياتي عشتها كيف ما جات .. أخذ من أيامي وأرد العطيه». وعن قيمة المرأة في حياة تركي الدخيل، قال: «تأسرني، وتلهمني، وقد كتبت عنها، و«الدنيا امرأة» من أقرب كتبي إلى قلبي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©