الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيران.. وعدوانية ما بعد الاتفاق النووي

5 أكتوبر 2016 22:55
هل سيقوم البيت الأبيض، عن علم، بتحويل عشرات المليارات من الدولارات إلى فيلق «الحرس الثوري» الإيراني، و«حزب الله» اللبناني، لتمويل ذبح السوريين، أو الحرب القادمة ضد إسرائيل؟ نظرياً، لم يكن من المفترض أن يؤدي الاتفاق النووي مع إيران، إلى تغذية الإمبريالية الإيرانية. مع ذلك، فإن الرئيس أوباما فعل ذلك الشيء تحديداً الذي كان هو ووزير خارجيته جون كيري، قد وعدا أن لا يفعلانه، فهما يمولان الآن، وبشكل مباشر، عرض الرعب السوري، والإرهابيين المسجلين، على قوائم المراقبة الأميركية. خلال المفاوضات حول الموضوع النووي الإيراني، ومنذ التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأنه، ظلت الإدارة ترفض رفضاً باتاً مخاوف الكونجرس من أن يؤدي رفع العقوبات المفروضة على إيران، إلى تمويل أنشطة الملالي الخبيثة. ويُذكر في هذا الشأن أن «جون برينان» مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قد قال مرة أخرى في شهر يوليو الماضي، إن إيران قد استخدمت الكثير من الأموال التي توافرت لها بعد رفع العقوبات المفروضة عليها، للإنفاق على مشاريع تنموية. ولكن التطمينات التي تقدمها الإدارة ووكالاتها في هذا الشأن، يجري تقويضها من قبل سلوك إيران ذاته، منذ يوليو 2015. فقد قال الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الوسطى، إن إيران «أصبحت أكثر عدوانية خلال الفترة التي مضت منذ التوقيع على الاتفاق النووي معها، وحتى الآن». فالنظام الإيراني يحافظ في الوقت الراهن على نظام بشار الأسد قائماً في سوريا، ويدعم بنشاط «حزب الله» اللبناني. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث عززت إيران جهودها لتكوين ميليشيات شيعية في الشرق الأوسط، كما استمرت في إرسال المساعدات، بما في ذلك الأسلحة، إلى الجماعات الفلسطينية الراديكالية. للقيام بكل تلك الأنشطة والجهود، يحتاج النظام الإيراني إلى الأموال السائلة، التي لا يمكن تعقب مصدرها، والقابلة للتحويل لعملات أخرى، ويسهل نقلها في الآن ذاته. ومما يجدر ذكره في هذا الصدد أن «مجموعة العمل المالي» المختصة بمواجهة عمليات غسيل الأموال، على المستوى العالمي، تعتبر التحويلات المالية «إحدى الوسائل الرئيسية المستخدمة لنقل الأموال غير المشروعة، وتمويل الإرهاب». وتشير تقارير إلى أن الولايات المتحدة قد حوّلت 1.7 مليار دولار نقداً لإيران على 3 دفعات خلال شهري يناير وفبراير الماضيين، لتسوية مطالبة مالية عسكرية معلقة، ومنظورة منذ 30 عاماً أمام محكمة المطالبات الخاصة بالولايات المتحدة وإيران -كما قيل- ولكن الإدارة الأميركية اضطرت في نهاية المطاف إلى الاعتراف، تحت ضغط مكثف من قبل الكونجرس والإعلام، بأن القسط الأول من تلك التحويلات ومقداره 400 مليون دولار، كان جزءاً من سيناريو تبادل بالغ الإحكام، لتأمين الإفراج عن رهائن أميركيين محتجزين لدى إيران. وفي معرض رفضه لاتهامات الكونجرس، بأنه قد فوض بدفع فدية، برر أوباما تحويل تلك الأموال، بأنه يرجع إلى صرامة العقوبات المتبقية وقال في معرض تبريره هذا:«سبب قيامنا بذلك يرجع لأننا صارمون في موضوع استبقاء العقوبات... ولم يكن بمقدورنا ببساطة تحويل تلك الأموال»، يقصد التحويل الإلكتروني. مع ذلك، فإنني أرى أن الرئيس مخطئ في تبريره، فقوانين الولايات المتحدة تسمح بإجراء جميع أنواع التحويلات بين النظامين الماليين الأميركي والإيراني، ما دامت تلك التحويلات تتعلق بالتسويات المالية التي تجريها المحكمة المذكورة، علاوة على أن واشنطن كانت قد حوَّلت أموالاً إلى إيران في يوليو 2015، ثم مرة ثانية في أبريل 2016، ما يعد في حد ذاته دليلاً إضافياً على أن الرئيس كان مخطئاً في التصريح الذي أدلى به في هذا الشأن. من الممكن جداً أن يكون سبب قيام الإدارة بتحويل الأموال إلى إيران بهذه الطريقة أن البنوك الأميركية كانت غير راغبة في تحويل مبلغ 1.7 مليار دولار لإيران، بصرف النظر عن الضمانات التي قدمتها الإدارة. وإذا ما كان الأمر كذلك، فإن هذا يثير سؤالاً يدعو للقلق هو: كيف استلمت إيران مليارات الدولارات التي ترتبت على رفع العقوبات عنها بموجب بنود الاتفاقيتين النوويتين المؤقتة والنهائية؟ والأمر لم ينتهِ عند هذا الحد. ففي يوليو 2016، قدَّر مسؤولون أميركيون أن إيران قد استردت «مبلغاً يقل عن 20 مليار دولار» من أموال إيرانية كان قد سبق تجميدها، تتعلق بأصول تابعة لها في الخارج تتراوح قيمتها ما بين 100 و125 ملياراً، وأُفرج عنها كجزء من الاتفاق النووي النهائي. السؤال هنا: هل جرى استرداد هذه الأموال نقداً أم على شكل ذهب؟ وهل تم ذلك بالإضافة إلى مبلغ الـ11.9 مليار دولار التي جرى تحويلها لإيران على دفعات من يناير 2014 ويوليو 2015 بموجب قرار من محكمة تسوية النزاعات المشار إليها، والتي كانت في الأصل جزءاً من حسابات ضمان بنكية معلقة، ومحجوز عليها، متعلقة بصادرات نفطية؟ الإدارة الأميركية اكتفت بالصمت، ولم تقدم إجابة عن هذا السؤال. السؤال هنا: لماذا لم تلجأ الإدارة إلى تحويل الأموال إلى إيران من خلال النظام المالي الرسمي، أي القيام بتحويلها إلى حساب إيران في البنك المركزي الأوروبي، والذي يمكن لإيران الحصول منه على الأموال اللازمة لدفع قيمة وارداتها من دول أوروبا، أو غيرها من احتياجاتها الاقتصادية المشروعة؟ سبب تأكيد القنوات الرسمية، هو أن استخدام تلك القنوات مع وجود الضوابط المالية الرامية لتقليل مخاطر غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، يجعل من التلاعب بتلك القنوات من خلال الحرس الثوري الإيراني، أمراً عسيراً. في شهادة أدلى بها مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية في الآونة الأخيرة، ادعى هذا المسؤول، أن دفع مبلغ 1.7 مليار دولار لإيران كان ضرورياً، لأن إيران كانت بحاجة إلى تلك النقود لتلبية «احتياجاتها الاقتصادية العاجلة». ورغم ما قاله هذا المسؤول، فإننا نجد أن إيران قد خصصت بالفعل 1.7 مليار دولار تحديداً لميزانيتها الدفاعية التي يسيطر عليها الحرس الثوري، والتي تضاعفت تقريباً هذا العام! ووصف «جوزيف دانفورد» رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، تخصيص هذه الأموال لميزانية الدفاع الإيرانية بأنه أمر «مقلق»، لأنه كلما ازداد حجم الأموال التي تمتلكها المؤسسة العسكرية الإيرانية، «ازدادت فعاليتها في نشر النفوذ الخبيث في المنطقة». وقال مسؤول وزارة الخارجية الأميركية أيضاً، إن المدفوعات النقدية، وليس التحويلات المالية الإلكترونية، التي لا تستغرق سوى ثوانٍ، هي التي ستفي باحتياجات إيران العاجلة. مع ذلك، وفي فبراير 2014، قام «بنك اليابان» بتحويل مبلغ 550 مليون دولار إلى حساب البنك المركزي الإيراني، في بنك سويسري كجزء من صفقة مؤقتة لرفع عقوبات عن إيران. والسؤال الذي يثيره ذلك هو: لماذا لم تقم الإدارة باستخدام مثل هذه القناة الشرعية في تحويل الأموال لإيران؟ ولكن ربما كان «برينان» على حق في قوله إن مراقبة مخابرات الولايات المتحدة للتدفقات النقدية على إيران كانت جيدة للغاية، لدرجة أن الولايات المتحدة كانت تعرف أن الأموال قد استُخدمت بالفعل في أغراض التنمية الاقتصادية. إذا ما كان الأمر كذلك، فإن المعنى هو أن قدرات الاستخبارات قد تحسنت بشكل جذري، وهو ما يتنافى مع حقيقة أن الأمر قد استلزم من الحكومة الأميركية ثماني سنوات، لتبرير كيفية إنفاق مبلغ مفقود قيمته 6.6 مليار دولار كان قد أُرسل نقداً إلى العراق خلال عامي 2003، و2004 لتغطية متطلبات الجنود الأميركيين، والجواسيس، والدبلوماسيين، في شراء النفوذ، ومكافأة السلوك الحسن في العراق في تلك الفترة. إن وصول أكداس من النقود، لإغلاق نزاع مبيعات عسكرية مستمر منذ 30 عاماً، وتزامن ذلك مع إطلاق سراح رهائن أميركيين، والرفض المتكرر للإجابة عن أسئلة الكونجرس، حول مليارات الدولارات المحوّلة إلى راعٍ رئيسي للإرهاب، والمزاعم غير المقنعة أن إيران تستخدم هذه الأموال لتلبية احتياجات محلية، تعني أن البيت الأبيض يرفض الاعتراف بما هو واضح وضوح الشمس وهو: أن الاتفاقية النووية قد قادت الولايات المتحدة لتمويل الإرهابيين، والحرب الطائفية، والفوضى في الشرق الأوسط. *المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والخبير في نظام العقوبات على إيران. **محللة سياسات في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©