الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا.. هل تستغني عن قاعدة «جوانتانامو»؟

18 مايو 2015 22:55
إذا استعادت الولايات المتحدة وكوبا العلاقات الدبلوماسية خلال الأسابيع المقبلة، كما هو متوقع، فلا تزال الدولتان بعيدتين كل البعد عن العلاقة «الطبيعية»، حسبما أفاد الرئيس الكوبي راؤول كاسترو مراراً. وقائمة مظالمه طويلة، ولكن «كاسترو» أكد الأسبوع الجاري أنها تقلصت إلى مسألتين كبيرتين. والأولى بالطبع هي الحظر التجاري الأميركي. والثانية هي القاعدة البحرية في خليج جوانتانامو، التي تعتبر أقدم قاعدة بحرية أميركية خارجية في العالم، والتي تحتلها الولايات المتحدة منذ 116 عاماً. ولكن إدارة أوباما تؤكد من جانبها «أن هذه القضية الأخيرة ليست خاضعة للنقاش». بيد أنه يمكن للمرء أن يتساءل: إلى متى؟ ويعتقد الدارسون والخبراء العسكريون أنه من الصعب إدراك كيف تتمكن الولايات المتحدة من إصلاح علاقتها مع هافانا بينما تتشبث بمساحة كبيرة من الأراضي الكوبية لأجل غير مسمى، خصوصاً إذا تحسنت علاقاتهما بشكل كبير في عهد ما بعد كاسترو. وعلى رغم وجود نماذج كثيرة في العالم من الحدود أو الجزر المتنازع عليها، إلا أن الجيب الأميركي في جوانتنامو هو أمر غير معتاد في العلاقات الجيوسياسية العالمية. وليس ثمة مكان آخر في العالم يحتل فيه الجيش الأميركي بالقوة أراضي أجنبية لأجل غير مسمى، ضد رغبات دولتها المضيفة. وأفاد القائد الأعلى السابق لقوات حلف «الناتو»، «آدام ستافريديس»، والذي يشغل الآن منصب «عميد كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية» في كلية «توفتس» بأنه ربما من الحتمي أن تعيد الولايات المتحدة القاعدة إلى كوبا، ولكن ذلك سيتطلب كثيراً من الدبلوماسية المكثفة. وكان «ستافريديس» رئيساً للقيادة الجنوبية في الجيش الأميركي بين عامي 2006 و2009، أي أنه كان مسؤولاً عن قاعدة جوانتانامو، التي قال إنها لا تزال من الأصول الأميركية «الاستراتيجية والمفيدة جداً». وأوضح «ستافريديس» أنه من الصعب التفكير في مكان آخر به تركيبة من ميناء مياه عميقة ومدرج طائرات جيد، ومساحة شاسعة من الأرض. ومعسكر الاحتجاز الأميركي المثير للجدل، الذي يقبع فيه أشخاص مشتبه في ارتكابهم أعمال إرهابية في أنحاء العالم، ليس إلا واحدة من المظالم الخاصة بالقاعدة. وتمثل أيضاً محوراً لوجستياً للأسطول الرابع التابع للبحرية الأميركية، إضافة إلى عمليات مكافحة تهريب المخدرات، وجهود الإغاثة في حالات الكوارث. والقاعدة أيضاً تضم مركز احتجاز للمهاجرين القادمين من الشمال الذين يتم اعتراضهم في البحر. ويمكن موقع القاعدة على الساحل الجنوبي لكوبا الجيش الأميركي من إظهار القوة في أنحاء الحوض الكاريبي. وتقع في مكان استراتيجي بالقرب من هاييتي، وهو مكان يحتاج في كثير من الأحيان إلى مساعدات أميركية. بيد أنه كمنشأة عسكرية، لم تعد قاعدة «جوانتانامو» محورية في عصر حاملات الطائرات الحديثة، والغواصات النووية، والطائرات من دون طيار، حسبما أشار «ستافريديس». وأضاف «ليست هناك حاجة لشن عملية عسكرية واسعة النطاق من هناك»، لافتاً إلى أن كثيراً من الاستخدامات الأخرى التي تقدمها القاعدة، يمكن إنجازها عن طريق منشآت عسكرية أميركية موجودة في «بورتو ريكو» أو جنوب فلوريدا. وأعرب «ستافريديس» عن اعتقاده بأنها ليست مكاناً لا يستغنى عنه. وكانت السفن الأميركية أبحرت إلى خليج «جوانتانامو» في عام 1898، وهزمت بمساعدة الثوار الكوبيين الأسطول الإسباني. لكن الأميركيين لم يغادروا منذ ذلك الحين، حيث علّقوا الاستقلال الأميركي على شروط دستورية تمكن البحرية الأميركية من احتلال المنطقة «للوقت المطلوب»، وكان الإيجار المحدد ألفي دولار سنوياً، يتم دفعهم ذهباً. وتمت زيادة القيمة الإيجارية إلى أربعة آلاف دولار في عام 1934، حسبما أشار المؤرخ بول كرامر، ولكن لم يكن هناك موعد محدد لمغادرة الأميركيين. ولا تزال الحكومة الأميركية ترسل شيكات الإيجار إلى الحكومة الكوبية، ولكن نظام كاسترو لم يصرفها، ولا يعترف بالإيجار، ويرغبان في أن يرحل المستأجرون. ومن المشاع أن «فيدل كاسترو» لا يزال يحتفظ بالشيكات متراكمة في درج مكتبه، لاستخدامها كسند سياسي. ومن الصعب تخيل رمز للإمبريالية الأميركية أكثر من قاعدة عسكرية يرتبط تاريخها بمحاولات بناء إمبراطورية أميركية في نهاية القرن التاسع عشر. نيك ميروف - هافانا يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©