السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعلم في الكبر أيضاً كالنقش على الحجر

التعلم في الكبر أيضاً كالنقش على الحجر
26 نوفمبر 2008 01:00
يرفعن شعار اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ، ويكافحن ليثبتن للمجتمع ولأنفسهن أنهن قادرات على العطاء وطلب المعرفة، لا يمنعهن العمر أو الأولاد أو حتى الأحفاد من طلب العلم، إنهن جدات على مقاعد الدراسة· اسمها (غالية) ولم ترد أن تفصح عن الباقي، امرأة سبعينية تستيقظ كل صباح فرحة لأنها ستذهب للمدرسة، تقول غالية: ''أنا أم لأربعة أولاد وثلاث بنات، كلهم كبروا وتزوجوا وأنجبوا أبناء أيضا، هم يعملون في وظائف مرموقة: أطباء جراحون، ومسؤولون، وحتى مدرِّسون، مع أني لا أعرف القراءة ولا الكتابة''· وتتابع: ''في طفولتي كان تعليم الفتاة عارا لا يمكن أن يسمح به الأهل، ولم أكن أنا قوية كفاية لأحاول اثبات نفسي والذهاب للمدرسة، وبعد أن تزوجت شغلني الأبناء وتربيتهم عن أي تفكير آخر، إلا أن العمر يمر وأطفالي الصغار كبروا وأصبحوا أباء وأمهات، ورأيت أحفادي ولله الحمد ما جعل فكرة الدراسة القديمة تعود لعقلي، فصارحت أبنائي الذين قدموا لي التشجيع والدعم والتحقت بالمدرسة وها أنا في عامي الدراسي الثاني''· تعلم الإنجليزية شريفة عبدالرحيم أم لثلاثة عشر ولدا وبنتا، وطالبة مجتهدة في المدرسة، تقول: ''أبنائي طلاب في المدارس ومن تخرج من الكليات يعمل في وظائف جيدة، وزوجت ابنتان من بناتي فأنجبتا لي ثلاث حفيدات صغيرات، درست في صغري في ''الكتّاب'' وتعلمت القرآن والقراءة والحساب، وكنت أقرأ الصحف والمجلات منذ صغري لكني لم أكن متعلمة ولا أحمل أي شهادة''· تتابع شريفة: ''توفي زوجي قبل عدة سنوات أصبح البيت فارغا كئيبا بعد انصراف الصغار للمدرسة والكبار لأعمالهم، ففكرت بالدراسة أنا أيضا لتحقيق حلمي القديم بتعلم اللغة الانجليزية قراءة وكتابة، ووجدت كل التشجيع من أبنائي، وحين انتظمت في الدراسة أدركت أن الموضوع أكبر من تعلم اللغة لأني في المدرسة كونت صداقات كثيرة، وتعلمت الكثير من الأمور التي لم أكن أعرفها، واصبحت أقوم بعمليات حسابية كنت أعتبرها معقدة، وصارت الدراسة جزءا من حياتي أهتم له، ولأداء واجباتي الدراسية والمذاكرة لامتحاناتي التي أحصل فيها على نتائج متميزة ولله الحمد''· قراءة القرآن أما نورة ناصر علي فهي مازالت في بداية المشوار الدراسي، وتقول: ''تمنيت لسنوات طوال لو أني أستطيع قراءة القرآن من المصحف، كنت أحفظ الآيات حفظا، وأتمنى لو كنت أستطيع قراءته مثلما يفعل أبنائي، والآن أشعر بالرضى لأني ربيت أبنائي ولله الحمد، وتفرغت لتحقيق حلمي وهو قراءة القرآن وحفظه إن شاء الله، وهو الأمر الذي سهل علي كل شيء في الدراسة، حتى تعلم اللغة الانجليزية''· تتابع نورة: ''مشكلتي الوحيدة مع الدراسة هي ''الطبخ''، فأنا لم أعتد أن تطهو الخادمة الطعام لأهل المنزل، وطوال عمري كانت الخادمة للتنظيف فقط، لذا لا أستطيع ترك من بالبيت دون طعام الغداء، وهذا هو الموضوع الذي لا أعرف كيف أحسمه حتى اليوم· لدرجة أني فكرت بترك الدراسة فقط لهذا السبب''· إصرار على العلم زوينة سيف الغافري أثبتت إصرارها على التعلم برغم تأخرها عن التسجيل، تقول زوينة: ''اتخذت قرار الدراسة في العام الماضي، لكني للأسف ذهبت للتسجيل متأخرة، وكان العام الدراسي قد بدأ ولم أستطع الالتحاق بالمدرسة، وهذا العام حرصت على التسجيل باكرا جدا كي لا تفوتني الفرصة في الدراسة· تتابع زوينة: ''أنا أم لأربعة أبناء وبنات تزوجوا منذ سنين، ولي أحفاد صغار، لكن طموحي في الدراسة قديم منذ صغري، ولا يمكن أن أفرط به اليوم بعد أن أنهيت واجبي كأم، وصار لي الحق بأن أتعلم وأدرس وأعوض ما فات من العمر، أود أن أقرأ القرآن والصحف والمجلات، وأحلم يوما ما بتعلم الكمبيوتر والطباعة· تقول شيخة علي اليماحي مدرِّسة الصف الأول بمؤسسة التربية الأسرية فرع الشهامة: ''أدرِّس في تعليم الكبار منذ سبع سنوات، وكنت سابقاً مدرِّسة في مدارس الأطفال، لكن التعامل مع الكبار يختلف كثيرا عن التعامل مع الطالبات الصغار، فهنا الهمة أكبر، والرغبة في العلم تنبع من الذات بعكس الصغيرات اللواتي لا يدركن معنى المدرسة سوى أنها مرحلة يجب أن يمررن بها''· وتتابع شيخة: ''أغلب الدارسات يلتحقن بالمركز ليتعلمن قراءة القرآن وحفظه، ما شجع المركز على إعداد برنامج لحفظ القرآن تلتحق به الراغبات، وهن أيضا يمتلكن العزيمة العالية والرغبة الحقة في التعلم لذا ليس من المستغرب أن تفوق نسب النجاح في صفوف تعليم الكبار 90% برغم أن أكثرهن لا يملكن أي خلفية عن القراءة والكتابة''· وتؤكد شيخة: ''صعوبة الاستيعاب وكثرة الغياب هي أبرز المشاكل التي نصادفها في المركز، وبالرغم من ندرة حالات التسرب الدراسي إلا أن هذا الأمر يحصل أحيانا خاصة لمن تعاني من ظروف اجتماعية ووضع منزلي صعب، ونحن كهيئة تدريس نحاول التواصل مع الدارسات ومساعدتهن قدر الامكان للتوفيق بين البيت والمدرسة، ونعمل جاهدين على استيعاب أوضاعهن لنضمن عملية استمرار الدراسة''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©