الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السكري في الإمارات·· ساندويتش وخمول وبدانة

السكري في الإمارات·· ساندويتش وخمول وبدانة
26 نوفمبر 2008 01:11
قبل حوالي أربع سنوات، أطلق أستاذ عالمي، متخصص في مرض السكري، صيحة تحذير شديدة اللهجة ، عندما أعلن خلال، زيارة قصيرة للإمارات، أن معدلات الإصابة بالسكري، بين البالغين في دول الخليج تتعدى 25 بالمائة· الدكتور هارولد لبيوفيتز، أستاذ السكري في مركز بروكلين للأبحاث بنيويورك، والذي أجرى وأشرف على مئات الدراسات، وألقى عددا لا يحصى من المحاضرات في شتى بقاع الأرض، حول هذا المرض، قال لـ''الاتحاد''، في مقابلة خاصة خلال شهر أبريل من العام 2004 ''انتبهوا·· السكري أصبح أهم واخطر الأمراض وأكثرها انتشارا في الخليج بشكل عام والإمارات بشكل خاص·· ولأنه مرض صامت في معظم الأحيان، يتسلل إلى الجسم دون أن يطلق علامات إنذار أو تحذير، فمخاطر التهاون مع هذه المشكلة الصحية جمة، والمضاعفات يمكن أن تصبح خطيرة''· وقبل أيام، وبالتحديد في الرابع عشر من نوفمبر الحالي، ''صدمتنا'' هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بمقتطفات من الطبعة الثالثة من ''الأطلس'' الذي تعده المنظمة الدولية لمرض السكري، جاء فيها أن قائمة أكثر عشر دول في العالم فيها معدلات إصابة بالسكري تضم ست دول عربية، وأن الإمارات تحتل المركز الثاني على مستوى العالم في معدلات الإصابة بهذا المرض، فيما تحتل السعودية المركز الثالث، وتليها كل دول الخليج ما عدا قطر (التي لا تتوفر فيها احصاءات دقيقة حول معدلات الاصابة بالسكري وفقا لتصريحات استشاري سعودي متخصص في السكري للــ''بي بي سي'')·· وبعدها بساعات طالعنا تصريحات صادرة عن وزارة الصحة تحمل نفس المضمون وتدشن لتحرك جاد لمواجهة مشكلة صحية حقيقية·· بل ربما المشكلة الأخطر لارتباطها بقائمة مضاعفات تضم اخطر أمراض العصر· المرض الأهم استاذ عالمي زائر يشير، قبل سنوات، إلى أن أكثر من ربع البالغين في الإمارات يعانون من السكري، ومنظمة دولية تصنف الإمارات كثاني دولة، عالميا، في معدلات الإصابة، معلومات مخيفة تثير تساؤلات عديدة: لماذا هذا الانتشار ''الوبائي'' لمرض السكري في الخليج عامة والإمارات بشكل خاص؟، هل للأمر علاقة بالبيئة أو السلوك؟·· وهل حماية المجتمع، من استمرار التزايد المخيف في معدلات الإصابة بالسكري، ممكنة؟، وما هو المستقبل الصحي لربع البالغين، المصابين بهذا المرض في المجتمع المحلي؟··· تعالوا نبحث معا عن إجابات· الدكتور شوقي المنير، استشاري الأمراض الباطنية وأمراض الغدد الصماء والسكري في أبوظبي، يقول إنه بغض النظر عن التقدير الإحصائي لمعدلات الإصابة بالسكري في الإمارات والذي قد لا يكون دقيقا، إلا أنه من واقع خبرته العملية الطويلة جدا في الدولة، ومتابعاته للدراسات والأبحاث التي تتناول أبعاد المشكلة في دول الخليج، يرى أن ''السكري أصبح أهم مرض في المنطقة، من حيث معدلات الانتشار، ومن حيث المضاعفات المحتملة للمرض، وهي كثيرة وخطيرة ·· ولكن الوقاية منها او تقليل حدتها ممكنة، والأهم من ذلك فإن حماية المجتمع من تزايد معدلات الإصابة ليست مستحيلة ولا صعبة إذا تضافرت لها عوامل النجاح''· ومن المهم هنا أن نشير إلى مجموعة من الحقائق، يقول المنير، أولها أن السكري المنتشر على نطاق واسع في دول الخليج بشكل عام هو من النوع الثاني او ما يعرف بسكري البالغين أو السكري غير المعتمد في علاجه على هرمون الأنسولين، وهذا النوع تحديدا مرتبط إلى حد كبير بالسلوك الحياتي، فهو يترافق في معظم الحالات مع البدانة، والتي تنتج بدورها عن السلوك الغذائي الخاطئ وعن غياب ممارسة القدر المناسب من النشاط البدني بانتظام، وغياب ممارسة اي انشطة رياضية مناسبة·· وهذا ما يفسر الانتشار المخيف للسكري في المجتمعات الخليجية، لأن هذه المجتمعات تعاني من انتشار مخيف لمعدلات البدانة، فالبدانة وسكري النمط الثاني توأمان، ثالثهما ارتفاع ضغط الدم، ولأنه عندما يكون لدى شخص ما الاستعداد الوراثي للإصابة بالسكري، فإن زيادة الوزن تؤدي إلى ظهور أعراض المرض''· هذه الحقائق تؤكد أن الوقاية المجتمعية من السكري ليست مستحيلة، وأن تصحيح مسار السلوك الغذائي وتشجيع ممارسة الرياضة وتوفير وسائلها، ونشر الوعي الصحي في المجتمع بوسائل فعالة غير تلقينية ولا جافة ولا صعبة، مع التركيز على دور مؤسسات التعليم بدءا من رياض الأطفال وحتى التعليم ما بعد العام، تمثل أهم عناصر وصفة الوقاية من هذه المشكلة الصحية· حياة صحية الدكتور قيس أبوطه، اختصاصي امراض الغدد الصماء والسكري في ابوظبي وصاحب عشرات المؤلفات التثقيفية حول السكري وطرق الوقاية من مضاعفاته والجديد في أساليب علاجه يقول: من المهم جدا التشخيص المبكر للسكري، والأكثر أهمية علاجه بشكل حازم، والعلاج الحازم يعني اتباع نظام غذائي دقيق لخفض الوزن الزائد، وممارسة الرياضة بانتظام، بالإضافة إلى العلاج الدوائي الذي يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية، بل إن نسبة كبيرة من حالات ارتفاع نسبة السكر في الدم تتحسن تماما بإنقاص الوزن الزائد وممارسة الرياضة·· وعلى الرغم من بساطة هذه الحقائق وربما تكرار الحديث عنها في وسائل الإعلام إلا أن الكثيرين لا يلتزمون بها والنتيجة مضاعفات ومتاعب صحية بالجملة·· فالنمط الثاني من السكري، وهو المنتشر في الإمارات والخليج، يستجيب للنظام الغذائي والنشاط الرياضي والعلاج الدوائي بالأقراص· الحقيقة التي قد تبدو غريبة بالنسبة للكثيرين من مرضى السكري، يقول أبوطه، هي أن المطلوب من المصاب بهذا المرض ان يعيش حياة صحية، وأنه إذا فعل ذلك يمكن أن يتمتع بحالة صحية عامة أفضل من كثيرين غير مصابين بالسكري، فهو مطالب بالامتناع عن التدخين ان كان مدخنا، وبتناول طعام صحي لا يعترف بأي شكل من أشكال الحرمان، ولكن فقط بالتوازن والاعتدال، وممارسة نشاط رياضي مناسب·· وكل ذلك يمنحه حياة صحية تنعكس على صحته بشكل عام وليس فقط على مستوى السكر في الدم· الفحص الدوري إذا كان السكري مرضا صامتا، فكيف نكتشفه وهل تنصح بإجراء قياس سكر الدم بشكل دوري؟ يقول الدكتور عباس السادات، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد في أبوظبي: مع انتشار معدلات الاصابة بالسكري في منطقة الخليج، أعتقد أنه من المهم أن يكون فحص نسبة السكر في الدم إجراء روتينيا لا يقتصر فقط على من يعانون من مشاكل صحية ولكن يمتد الى الأصحاء أيضا·· فإذا كان أي شخص يعاني من البدانة أو ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل قلبية أو ينتمي الى أسرة يعاني بعض أفرادها من الإصابة بهذا المرض·· يجب أن يفحص نسبة السكر في الدم بشكل دوري وبمعدل مرة كل عام على الأقل·· وقد أثبتت الدراسات العلمية أن أي شخص له شقيق، أو شقيقة، مصاب بالسكري، فإن احتمال اكتشاف إصابته تكون عالية·· وفي العديد من الدراسات تبين أن 20 بالمائة من أشقاء مرضى السكري الذين خضعوا للفحص مصابون بالسكري، وأي شخص يزيد وزنه باستمرار يجب أن يخضع للفحص الدوري مرة كل عام على أكثر تقدير· أخطاء الغذاء·· سبب البلاء! يقول الدكتور محمد أبوالغيط، أستاذ التغذية العلاجية وأستاذ التخدير والعناية المركزة في كلية طب قصر العيني، إن الوقاية من السكري تبدأ من مائدة الطعام· هذه هي الحقيقة التي يجب تبنيها والاهتمام بها· يشير الدكتور أبو الغيط إلى أن درسات عديدة أجريت في دول الخليج أكدت انتشار البدانة بشكل وبائي· حتى أصبحت البدانة هي القاعدة وما عداها هو الاستثناء· وهذا هو التفسير الأول والأهم لظاهرة التزايد المخيف في معدلات الإصابة بالسكري بين الخليجيين البالغين· وتكمن خطورة البدانة كما يؤكد الدكتور أبو الغيط، في أنها تسبب حالة تعرف بمقاومة الجسم للأنسولين· وهذه الحالة تؤدي إلى مجموعة من الأمراض والأعراض الخطيرة المتلازمة والتي يطلق عليها الأطباء ''متلازمة الأمراض الاستقلابية'' الناتجة عن مقاومة الأنسولين· وتشمل ارتفاع ضغط الدم وزيادة نسب الدهون الثلاثية الضارة في الدم وتصلب الشرايين والأزمات القلبية والجلطات الشريانية· يضيف أن أسباب زيادة معدلات البدانة في الإمارات لا تختلف كثيراً عن أسبابها في الكثير من الدول: السلوك الغذائي الخاطئ والذي يشمل تناول كميات كبيرة من الطعام تزيد على الحاجة، وعدم التوازن في مكونات ما نتناوله من طعام، حيث أصبح الكثيرون يعتمدون على الوجبات السريعة وعلى الأطعمة الدسمة والمحفوظة على حساب الخضراوات الطازجة والفواكه· قدماك·· عيناك! من المضاعفات المؤلمة لمرض السكري، والتي تؤكد وجود خلل ما في العلاج، التهاب الأعصاب الطرفية، والذي يؤدي كما يقول الدكتور محمود وائل صلاح الدين، استشاري الجراحة العامة وجراحة المناظير في أبوظبي ــ إلى فقدان الإحساس في الأطراف وخاصة السفلية· ويضيف: فقدان الإحساس بالألم في أي جزء من الجسم يعني أنه قد يتعرض لمشاكل أو إصابات أو التهابات لا يشعر بها المريض وهو ما يحدث في الحالة التي تعرف بالقدم السكرية· حيث يفقد المريض إحساس الألم في قدميه· وتضعف التروية الدموية لهما بسبب تصلب الشرايين الناتج عن السكري·· فإذا ما تعرض لإصابة بسيطة كتلك التي يمكن أن تنجم عن استعمال حذاء ضيق أو دخول جسم غريب أو جرح بسيط· فإنه لا يتلقى الإنذار المعتاد في مثل هذه الحالات· ويبدأ الجرح في الالتهاب، وتتفاقم الحالة وصولا إلى الإصابة بالغرغرينا السكرية والتي تعرضه لبتر الجزء المصاب· والأصابع المبتورة عند مرضى السكري من المشاهد التي أصبحت تتكرر بكثرة بسبب الاكتشاف المتأخر للمرض وبسبب العلاج غير الحازم أو الصارم والذي لا يلتزم بأحد المحاور المهمة: النظام الغذائي الدقيق· والنشاط البدني أو الرياضة البدنية المناسبة· والعلاج الدوائي سواء بالأقراص أو الأنسولين أو الاثنين معا· والمراقبة المستمرة القياسات الدورية لنسبة السكر في الدم مع تعديل البرنامج العلاجي وفقا للحالة للوصول إلى نسبة أقرب ما تكون إلى الطبيعي وتجنب التذبذب الشديد في سكر الدم· والنصيحة الذهبيـة التي نوجهها لمريض السكري، وفق دكتور محمود ، هي أن يعتني بقدميه ويحافظ عليهما تماما كما يعتني ويحافظ على عينيه، وأن يفحص قدميه كل يوم قبل أن يخلد الى النوم مستخدما في ذلك مرآة لكي يرى الأجزاء غير المتاحة لمرمى البصر من قدميه فإذا ما لاحظ اي تغيير أو إصابة مهما كانت بسيطة عليه أن يسارع الى طبيبه المعالج·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©