المرأة «الحساسة» تحاور نفسها أكثر من الآخرين

زوجتي مثيرة للقلق والمتاعب، هي شخصية معقدة تفتقر إلى الثقة بالنفس، بهذه الكلمات يعبر ناصر حميد عما يشبه المعاناة مع زوجته، ويقول: «أضطر إلى الكذب عليها لأتجنب المواجهة معها، هي امرأة شكاكة وسريعة التأثر والغضب، وتعاني من مشاكل نفسية. يؤكد ناصر بقوله: «للأسف غالباً ما ترى الافعال والأقوال على غير حقيقتها، واعتقد أنه يتوجب علي أن أتحمل ظروف زوجتي الحساسة إلى ابعد مدى، لأن الزواج ارتباط، ولا يمكن أن أفك هذا الارتباط بسبب حساسيتها، فأنا مقتنع بأن كل ما يطرأ على الحياة الزوجية يمكن حله بالهدوء والنقاش والحوار». احترس في بيتك قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، والخطورة انك لا تستطيع تحديد متى تنفجر بالضبط.. طبعاً نحن هنا لا نتحدث عن أنبوبة الغاز، بل عن بعض الزوجات اللواتي يوصفن أنهن حساسات، ويمكن وصف هذه الشخصية بأنها تحاور نفسها أكثر من حوارها مع الآخرين، وهذا الحوار مبعثه القلق والشك والترقب. جميعنا حساسون بشكل أو بآخر، ولأن لا أحد في هذا الكون يخلو من عيب، لذا فحين يجلس أحدنا ويطرح حديثاًً يسلط الضوء على هذا العيب تظهر حساسيتنا. انها حرب باردة، ويبدو أن المرأة، بحكم تركيبتها وفطرتها وأنوثتها وحساسيتها هى التي تحال من خلال إلقاء القبض على الرجل من خلال معارك الكر والفر. من هنا يطرح السؤال نفسه: كيف يتعامل الزوج مع تلك المرأة، وما رأي علم النفس في تحليل شخصية المرأة الحساسة؟ سريعة التقلب لايختلف حسين عبدالله (أب لثلاثة أبناء) عن ناصر كثيراً، إذ يؤكد: «أنا على استعداد لتحمل ظروف زوجتي إلى ما لانهاية، وخصوصاً فى ظل وجود أطفال، ومهما ساءت الظروف فلا بد للإنسان أو الزوج تحديداً، من أن يرضى بالواقع وينسجم معه، أو على الأقل أن يجد طريقه للتكيف والتعايش معه، مادام هو الذي اختاره». يبتسم حسين ابتسامة ذات مغزى، ويتابع حديثه قائلاً: «المرأة الحساسة متعبة وقابلة للاستهواء وسريعة التقلب، وعلى الرجل أن يأخذ حذره عندما يتعامل مع زوجة سريعة الغضب باستمرار، وهذا ما لاحظته على زوجتي». مضيفاً ما يمكن اعتباره تفسيراً للأمر: «لقد نشأت زوجتي على الدلال فتولدت لديها تلك الحساسية عند الاصطدام بأي تجربة أوموقف». في هذه الحالة على الزوج أن يبتعد عن المواقف التى تثير حساسيتها ما أمكنه ذلك، وهذا ما فعله حسين مع زوجته موضحاً بقوله:»حاولت الابتعاد عن ذلك مع زوجتي بقدر الامكان، لأن تلك الأمور يمكن حلها بهدوء وبعقلانية، وليس بتفاقم المشاكل التى عادة ما تؤدي إلى نهاية مأساوية لحب سعيد وإلى أطفال ضائعين أيضاً» . باب جديد أما عاصم رمزي فهو دائم الخلاف مع زوجته بسبب ومن دون سبب، ويشرح واقعه الصعب بالقول: «أحياناً اتعمد المزاح معها لكنها سرعان ما تأخذ الأمور بجدية، وغضبها الدائم قد يستمر لأيام وأسابيع». يضيف كما لو أنه يبوح بسر خطير: «لقد فكرت بالزواج من امرأة ثانية، الا أنني تراجعت حتى لا أفتح على نفسي باباً جديداً للمشاكل». ثمة نساء كثيرات ممن تنطبق عليهن صفة النساء المفرطات الحساسية، يمشين ويعشن ويتنفسن على أعصابهن، يذكر توفيق زكي سبب ذلك: «هذا النوع يتحفظ على أي تصرف، ويؤوله تأويلات غريبة لا أساس لها، ويبني عليه مواقف حادة ومتطرفة أحياناً. الواحدة منهن تظل تأكل في نفسها، وتتآكل من داخلها بسبب الافراط فى تخزين الغيظ، مع أن البوح والشفافية، ومنطق تصفية الحسابات أولاً بأول هو المنطق الصحيح والصحي». يؤكد توفيق كلامه بالقول:«هناك الكثير من الزوجات يفضلن أن يذبن كشمعة، دون أن تقول إحداهن لزوجها إنها تأخذ عليه موقف كذا وكذا، ونساء كثيرات في المقابل لا يعرفن ما الذي يعنيه أن تقف الواحدة منهن عند حد الأمان النفسي والسلوكي، وما الذي ينبغي لها أن تمرره بهدوء، وكيف يسع الإنسانة الحساسة أن تجعل حبها لزوجها وعائلتها دواء لحساسيتها المفرطة». من يطفئ النار؟ سيف الحداد من جهته ينقل الحديث إلى وجهة أخرى إذ يقول: «ليست المرأة وحدها التي تمتلك هذه الصفة، بل قد يشاركها الرجل في الكثير من تلك الملامح النفسية، والمرأة من هذا النوع تكون عادة، ذات عواطف جياشة أكثر من رديفتها ذات الحساسية المعتدلة. لذلك من أفضل الطرق للقضاء على تلك الصفة التي تتملك المرأة أن يحتوي الرجل امرأته الحساسة بالحب والفطنة، وأن يكون بارداً ويتعامل معها بحذر، ويستخدم في مقاربتها أسلوباً دبلوماسياً، ويراعي تكوينها النفسي، إذ ينبغي عليه مساعدتها لا استثارة مواطن ضعفها». يلتقط عبد العزيز الجابري أطراف الحديث، ويضيف: «ماتقوم به هذه المرأة يرجع إلى خوفها من أن تخطف امرأة اخرى زوجها الذي تحبه، وعادة ما تقودها الحساسية إلى الغيرة المفرطة المؤدية إلى الدمار». والمسألة من وجهه نظر الجابري تحتاج إلى فهم مغاير. هي تتلخص بالمعادلة التالية:»على الرجل أن يعالج المواقف الصعبة بتفادي الدخول في مناقشة مع زوجته، أو أن يلتزم الصمت حتى تهدأ ثورتها العصبية». وينفي الجابري القول بأن المرأة الحساسة صعبة مؤكداً بقوله: «ليس صحيحاً الربط بين حساسية المرأة وصعوبة مراسها، هي انسانة شفافة وكائن جميل يجب أن يعامل بلطف ورقة، وهذا ليس صعباً علي أي رجل». مشادات تافهة مشكلته تدور حول عصبية وحساسية زوجته وانفعالها السريع، يبلغ مبارك قاسم من العمر (34سنة) متزوج منذ تسعة شهور فقط، يقول:«منذ بداية ارتباطي حصلت بيني وبين زوجتي مشادات وخصام بمعدل مرتين كل شهر، وأسباب تلك المشادات تافهة جداً، ولا تستحق حتى التوقف عندها، فزوجتي حساسة جداً في بعض الأحيان لأي تصرف أقوم به عن غير قصد أو سوء تفاهم بسيط، وهي في بعض المواقف لا تستوعب أو تتفهم الأمور، وتقوم بتكبير وتأزيم الأمور والمواقف الصغيرة التافهة وتعمل منها مشاكل وخصاماً يمتد يوماً أو يومين». بدوره عبد القادر البلبيسي، موظف، يؤكد أن زوجته ست بيت ممتازة، ويستفيض في الشرح قائلاً: «تهتم بي وبنفسها وببيتها وبأهلي، لكنها بالمقابل سريعة الغضب وحساسة في بعض المواقف، وليست لديها القدرة على التفهم والاستيعاب لبعض المواقف، وكثيراً ما كنت أجلس معها وأحاورها بهدوء بعد كل مشاجرة، وأرشدها إلى ضرورة أن تضبط أعصابها، وأن لا تنظر إلى الأمور الصغيرة التافهة، وتعمل منها مشاكل لا تستحق أن تثيرها وتغضب زوجها بشأنها، في المقابل ترد زوجته بسمة الخطيب موضحة ما تعاني منه بالقول: «لا استطيع التحكم بأعصابي، وأحاول دائماً أن ألجم غضبي و نرفزتي حيال أي تصرف، لكن بعد أسبوع يتغير الحال، وفي أول موقف أو تصرف، بقصد أو بغير قصد، يعود الأمر لسابق عهده، وتعود نرفزتي وعصبيتي مرة أخرى. مداخل نفسية تؤكد فاطمة سجواني، اختصاصية نفسية إذ تقول :«الزوجة الحساسة ذات المتاعب الكثيرة لزوجها هي امرأة طبيعية تعاني من مشاكل نفسية في الشخصية، قد يكون ذلك بسبب التنشئة التى تعرضت لها، أوالتجارب التى مرت بها والخبرات المؤلمة التى جعلتها تشعر بعد الأمان. وعندما لا يجد الإنسان الأمن في طفولته يصعب عليه أن يشعر بالأمان عندما يكبر، هكذا تكون المرأة الحساسة دائمة البحث عن الحنان الذي لم تحصل عليه من والدها وأسرتها». تتابع سجواني: «عندما تتزوج تلك المرأة تعيش مع زوجها في حالة خوف وقلق من أن تفقد حب شريكها وحنانه في أي لحظة، وبالتالي حتى تحافظ على زوجها تتحول إلى امرأة مزعجة سريعة الغضب تريد أن تمتلك الزوج ومشاعره بطريقة استبعادية، فتكون حساسة فى التعامل معه وتخلق المشاكل وتتاثر وتبالغ عند مواجهة أي مشكلة».