الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأميرة والصعلوك تفتح ملف المسرح

الأميرة والصعلوك تفتح ملف المسرح
9 فبراير 2006
القاهرة ــ جميل حسن:
المسرح المصري في أزمة، فقد ضيقت القنوات الفضائية الخناق عليه واستقطبت جمهوره، وأهملته الدولة فرفعت أسعار التذاكر، وفرضت ضرائب كثيرة عليه، وعاملته كما لو كانت تتعامل مع الملاهي، كما اكد نور الشريف ومنال سلامة والناقد حسن عطية، حيث تحولت ندوة مسرحية 'الأميرة والصعلوك' التي كتبها الراحل الفريد فرج وقام ببطولتها نور الشريف ومنال سلامة إلى الحديث عن أمراض المسرح المصري·
الأمراض لم تستهدف المسرح المصري وحده، لكنها استهدفت المسرح الأوروبي أيضا الذي عرف بازدهار وتحول كبار الكُتاب إليه، ورغم وجود مسرح تجاري منتعش إلى حد ما فان الأزمة في المسرح وخاصة المصري يعيشها رواد هذا الفن من الجمهور وعشاقه من الفنانين المدركين لقيمته ودوره·
الفنان نور الشريف لم يبدأ حديثه في الندوة بمسرحية 'الأميرة والصعلوك'، لكنه بدأ بأزمة المسرح ورغم تأكيده ان الأزمة موجودة والمرض تمكن من جسد المسرح المصري، فانه لم يرجع هذا المرض لسبب محدد، فعندما يتطرق نور الشريف إلى الحديث عن اثر التليفزيون على المسرح فانه يحاول استبعاد التأثير السلبي للشاشة الصغيرة على هذا اللون الفني، لأن المسرح هو الفن الوحيد الذي سيبقى ببقاء البشر على الأرض، فإذا كان التليفزيون أضر بالسينما، والفضائيات أضرت بالقنوات الارضية فإن المسرح سيظل حالة متفردة، وسيظل شامخا، وعلينا ان نبحث عن أسباب الأزمة الحقيقية التي يعيشها المسرح المصري·
ويضرب نور مثلا بمسرحية 'الأميرة والصعلوك' فيقول: المسرحية عُرضت في مصر62 مرة وتدور أحداثها حول كاتب ينصحه بائع كتب بالهروب لأن البوليس يطارده لكن الكاتب يرفض الهرب ويرد بجملة واحدة هي: 'أشحذ في بلدي خير لي من أن أشحذ في الغربة' هذه الجملة لم ينتبه لها الجمهور المصري في ال62 مرة سوى خمس مرات فقط، وعندما انتقلنا بالمسرحية إلى الجزائر وعرضناها ثلاث ليال، فوجئت بالجمهور الجزائري يتجاوب مع المسرحية ويصفق بحرارة عندما يستمع إلى هذه الجملة التي مرت على الجمهور المصري مرور الكرام، فقد أصبح العقل المصري يستقبل الاشياء البسيطة والسطحية وهذا سببه السيطرة الاعلامية والقنوات الفضائية الكثيرة التي تروج للموضوعات التافهة، كما ان الاعلام المكتوب لم يعد يحتفي بالمسرح، ولذلك تقلصت مساحة الكتابة عنه والكثير من رؤساء تحرير الصحف يعتقدون ان الكتابة عن المسرح لا يقرأها احد، ويستبدلون المساحة المخصصة لها باعلانات، وقد اثر ذلك سلبا على عشاق هذا الفن·
فجوة
ويؤكد نور الشريف ان الفجوة بين المسرح والجمهور تزداد يوما بعد الآخر بسبب اختفاء المسرح الجامعي الذي قدم للساحة الفنية العديد من النجوم وكل نجم أحبه الجمهور كانت بدايته من خلال مسرح الجامعة· والفنان الراحل 'الضيف أحمد' كان من أكبر المخرجين في مسرح الجامعات ولم يعرف ذلك الا قلة من الذين اقتربوا منه وتعلموا على يديه، واتمنى ان يعود النشاط الفني إلى الجامعات وان يهتم رؤساء الجامعات بالمسرح وكذلك مديرو المدارس لان بذرة المسرح يتم غرسها في المراحل الأولى، وزمان كان هناك اهتمام بالمسرح المدرسي ودورات في هذا المجال بين المدارس وكنا نرى مخرجين كبارا يتابعون النشاط المسرحي في المدارس ولا أعرف لماذا اختفت هذه الظاهرة الصحية· ويسرد نور الشريف أسبابا اخرى لأزمة المسرح المصري فيؤكد ان أسعار التذاكر ارتفعت ولم تعد في متناول الجميع، فتذكرة المسرح القومي وصل سعرها إلى مئة جنيه· كما ان ايجار المسارح ارتفع بشكل مذهل، فايجار المسرح بلغ مئتي وخمسين ألف جنيه في العام، بالاضافة إلى ان الحكومة تتعامل مع المسارح على انها ملاه وترفع سعر فواتير الكهرباء والمياه ولذلك ينصرف عشاق المسرح من المنتجين عنه، ورغم وجود كُتاب قادرين على تقديم العديد من المسرحيات فانهم لا يجدون متنفسا لابداعهم المسرحي، ويطالب نور بوقفة من الدولة تجاه المسرح الجاد الذي يحمل رسالة لأن المسرح عرف منذ القدم بتأثيره القوي في الجمهور·
وعن علاقته بالمسرح يقول نور الشريف: قدمت في الفترة الماضية مسرحية 'يا غولة عينك حمرا' من انتاج التليفزيون وكنت سعيدا بها لأنني أحب المسرح ومعه أشعر بانني أكثر تفاعلا مع الجمهور، ولا يستطيع أي ممثل ان يصف مشاعره عندما يقف على خشبة المسرح ويصفق له الجمهور، لكنها في النهاية حالة فنية يعيشها الفنان ولا يجدها إلا على خشبة المسرح والعمل في المسرح يحتاج إلى مجهود كبير إلا انني استمتع بهذا المجهود لأنني أشعر انني اقدم رسالة مهمة تصل للجمهور بلا وسيط·
وقالت منال سلامة: المسرح المصري يمر بأزمة والجمهور بدأ ينصرف عنه، وعندما عرضنا المسرحية في الجزائر فوجئنا باقبال كبير من الجمهور وتصفيق متواصل وانفعال بكل مشهد في المسرحية، وهذا لم يحدث في مصر، حتى انني قلت ذلك لزملائي وجميعنا أقر بان المسرح في مصر يعاني وكل منا اجتهد في تقديم الأسباب·
وحول عملها مع الفنان نور الشريف قالت: هذه هي المرة الثالثة التي اعمل فيها مع نور الشريف، فمن قبل عملت معه في مسلسل 'لن أعيش في جلباب أبي' ثم في مسرحية 'يا غولة عينك حمرا' وأخيرا في مسرحية 'الأميرة والصعلوك' ويكفيني فخرا ان نور هو الذي يرشحني للعمل معه وهذا يدل على انه مقتنع بانني موهوبة·
مسرح الواقع
وتؤكد منال سلامة انها نشأت في بيئة فنية، حيث دخلت المسرح وهي طفلة وشاهدت كيف يقف الفنان على خشبة المسرح وكيف يؤدي من خلال مرافقتها لوالدها المخرج الراحل سلامة حسن الذي اخرج عشرات المسرحيات في القطاعين العام والخاص·
وتعود منال سلامة إلى مسرحية 'الأميرة والصعلوك' فتؤكد ان شخصية 'زمردة' التي تلعبها في المسرحية تعشق 'حسن' الذي يلعب شخصيته نور الشريف، ورغم انها تنتمي لطبقة اخرى· فانها تتمسك به وتصر على الزواج منه وتدخل به عالم الثراء ليس بهدف رفعه إلى الطبقة التي تنتمي إليها ولكن لاعتقادها ان انتقاله إلى هذا العام سيجعله سعيدا·
واكد الناقد حسن عطية ان الحالة المسرحية في مصر لا تسر وقد اتضح ذلك عندما استمع إلى الفنان نور الشريف عن استقبال الجمهور الجزائري للمسرحية· ويضيف حسن عطية: أزمة المسرح تتضح من تجاهل الدولة للمسرحية، ففي النرويج يتم الاحتفال بأحد كتاب المسرح كل أسبوع وتتحمل الدولة طبع احدى مسرحياته على اسطوانات C.D وتوزيعها على الجمهور ويستمر الاحتفال بهذا الكاتب لمدة أسبوع حتى يعرفه الشباب ويقبل على أعماله، وهم بذلك يعرفون قيمة المسرح وتأثيره على الجمهور، لكننا في مصر إذا سألنا الشباب عن ألفريد فرج أو لينين الرملي فسنجد الغالبية لا تعرف شيئا عنهما·
ويضيف: في مسرحية 'الأميرة والصعلوك' لمسنا عبقرية الراحل الفريد فرج وكيف غاص في أسطورة 'ألف ليلة وليلة' ليخرج منها ذلك الصعلوك الذي وقعت الأميرة في غرامه، وقد فعل ألفريد ذلك دون ان يبتعد عن الواقع، والمسرح إذا تفاعل مع الواقع يكون تأثيره أقوى، و'الأميرة والصعلوك' لا تقدم افيهات جنسية أو اثارة للغرائز، لكنها تعبر عن الواقع مستعينة بالحلم لتؤكد ان من حقنا ان نحلم، ونحول هذا الحلم إلى حقيقة، وقد تعمد ألفريد فرج ان يوقع الأميرة 'زمردة' في حب ذلك المتصعلك ليكشف من خلاله كواليس عالم الثراء الذي ينتقل إليه الصعلوك بعد زواجه من الأميرة، وبهذا يظهر الفارق الكبير بين الطبقات، وبهذه المسرحية وغيرها من الأعمال الكثيرة الجادة يتأكد لنا ان المسرح الجيد لابد له من نص جيد يعرف كاتبه كل ما يدور حوله من أحداث، ولابد له أيضا من مخرج مؤمن بالنص ويتفاعل معه بســـــــــــرعة وممثلين قادرين على نقل وجهة نظر المؤلف كما جاءت في النص، وكل هذا تحقق في مسرحية 'الأميرة والصعلوك'·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©