السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الالتزام الأوروبي... لكسب الرهان الأفغاني

الالتزام الأوروبي... لكسب الرهان الأفغاني
6 أغسطس 2010 22:51
لا الانسحاب الرسمي للقوات الهولندية من أفغانستان في الأول من أغسطس، ولا تسريبات ويكيليكس حول العمليات الحربية، سيغيِّران شيئاً، على ما يبدو، في سياسات باريس أو برلين أو لندن حتى الآن. ومن المعلوم أن حرب أفغانستان لا تلقى تأييداً شعبيّاً في هذه العواصم الأوروبية الثلاث منذ سنوات؛ إلا أن السياسة الرسمية لشركاء الولايات المتحدة الرئيسيين في حلف "الناتو" مازالت تقوم على الصبر والتحمل على أمل الانسحاب حالما يتم إيجاد استراتيجية فعالة وذات مصداقية. غير أن اشتداد المعارك هذا الصيف، إضافة إلى كشف موقع ويكيليكس النقاب عن كم ضخم من المعلومات غير الخاضعة للرقابة، رفد المشككين في جدوى الحرب في أوروبا بحجج جديدة وأثار مرة أخرى أسئلة حول الهدف من الحرب، وآفاقها، وما إن كانت أفغانستان يمكن أن تصبح دولة ناجحة ومستقرة في المدى القريب. ومن الجدير بالذكر هنا أن صحيفة "الغارديان" البريطانية و"دير شبيجل" الألمانية هما اللتان نشرتا وثائق ويكيليكس، التي يتم تشبيهها أحياناً في أوروبا بـ"وثائق البنتاجون"، التي نشرت في مطلع السبعينيات من القرن الماضي وكشفت وجهاً آخر لحرب فيتنام. وقد انضافت تلك الوثائق في ألمانيا إلى سجال ساخن بدأ مؤخراً حول الحرب؛ وهو سجال لم يكن محسوساً حتى أواخر العام الماضي، حيث كان يتم التعامل مع المهمة الأفغانية عموماً على أنها مهمة "بناء دولة"، وليس كحرب. ولكن الكشف عن معلومات تُظهر أن القوات الألمانية تُسلِّم القوات الأميركية قوائم بأسماء أشخاص من أجل تصفيتهم، والمهمات الدورية التي تقوم بها القوات الأميركية وقوات التحالف في مناطق خاضعة لمراقبة القوات الألمانية كان الجمهور يفترض أنها ليست جزءاً من النزاع، أثار اليوم سخطاً وغضباً وبات يشكل موضوعاً لتدخلات وانتقادات المعارضة الديمقراطية الاشتراكية. ومع ذلك، فإن تلك الوثائق لا ينظر إليها حتى الآن على أنها موضوع مهم وأساسي بالنسبة للناخبين. وفي هذا الإطار، يقول هيلموت كرفت، مستشار فريق السياسة الخارجية في الاتحاد الديمقراطي المسيحي: "إن عمليات التصفية تثير إشكالية بالنسبة للجمهور الألماني". ولكن معظم الطبقة السياسية في ألمانيا، كما يقول، تتفق على أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة لم تُمنح الوقت الكافي حتى تؤتي أكلها. ويضيف قائلا: "بحلول الوقت الذي تكون فيه الأمور قد هدأت، سيكون الشتاء قد حل... الموضوع لا يناقش كثيراً ولكنني لم أسمع أحداً يقول: انسحبوا قريباً". أما في بريطانيا، فإن كل الأحزاب الرئيسية تستعد للانتخابات الوطنية المرتقبة العام المقبل ببرنامج لسحب القوات من أفغانستان في أقرب وقت ممكن؛ وهو موقف أعاد التشديد عليه رئيسُ الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون في يونيو أمام البرلمان. ولكن اللافت هو أن الانسحاب الهولندي، الذي كان مقرراً قبل سنتين ومن المنتظر أن يكتمل في ديسمبر المقبل، لا يشكل قصة خبرية رئيسية هناك؛ ذلك أن تسريبات ويكيليكس تشترك مع وسائل الإعلام البريطانية في التركيز على القتال القوي في إقليم هلمند حيث تتكبد القوات البريطانية خسائر بشرية. والجدير بالذكر هنا أن حوالي 327 جنديّاً بريطانيّاً لقوا حتفهم في أفغانستان، وهو ما يمثل ارتفاعاً مقارنة مع حوالي 200 قتيل قبل حوالي ستة أشهر. وفي هذا السياق، يقول جاريث برايس، المحلل في "كاثام هاوس"، وهو مركز بحوث في لندن: "إن السؤال الأساسي اليوم هو ما إن كانت الحرب تستحق تضحيات أبنائنا فيها، وما إن كان ثمة مخطط أو استراتيجية؟"، مضيفاً: «لا أعتقد أن ثمة من قرأ كل الوثائق التي كشفت عنها ويكيليكس، حيث توجد معلومات كثيرة، وقليلة في الآن نفسه... إن كل متتبع لمجريات الأمور يدرك أن الحرب باتت عبارة عن فوضى على رغم التصريحات الرسمية. والواقع أن التسريبات تكرس سؤالا يطرحه الجمهور هو: لماذا نحن هناك؟. ثم إن الأهداف غيِّرت عدة مرات. ففي البداية، كانت "القاعدة"، ثم "القاعدة" و"طالبان"، وبعد ذلك المخدرات والاقتصاد الأفغاني. واليوم، عدنا إلى التعاطي مع "القاعدة" ومحاولة الدخول في حوار مع "طالبان"». ومن جانبها، اهتمت وسائل الإعلام الفرنسية بتسريبات ويكيليكس والانسحاب الهولندي وغطتهما، إلا أنه لم يلاحظ رد فعل كبير بشأن تأثيرهما على حرب يكرهها الجمهور الفرنسي ولكنه يقبلها باعتبارها حرباً ضرورية مؤقتة. واللافت أن من بين الأشياء المشتركة في كل العواصم الثلاث قوة الرغبة في الانسحاب عقب تحقيق أحد الأهداف الواضحة. وفي هذا الصدد، يقول المستشار السياسي الألماني هيلموت كرفت: "إن المزاج العام في برلين يؤيد مخطط انسحاب مرتبطاً بأهداف واقعية... ماذا نحقق قبل أن ننسحب؟". ومن جانبه، يشير برايس من "كاثام هاوس" إلى أمر مماثل إذ يقول: "ما تسمعه كثيراً هنا (في بريطانيا) هو: ماذا سنترك خلفنا عندما ننسحب؟". روبرت ماركند - باريـس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©