السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدراما الباكية

1 يونيو 2014 23:22
مع اقتراب شهر رمضان الكريم من يومياتنا وما نتعاطاه ونحضره استقبالا لشهر القرآن، نجد الدراما التلفزيونية تتربع عرش الاستعدادات وتأخذ حصة الأسد من مساحات أيامنا الإيمانية، فلا غرابة في ذلك بعد اعتيادنا لسنوات مضت على قضاء وقت ليس بالقليل أمام وجوه الممثلين وانفعالاتهم، وما يقدمه كتاب الدراما من قصص ألفوها وفق حالات شاذة لا تمت إلى أصل مجتمعاتنا بصلة، وفي أغلب حالاتها نسج خيالهم المتشائم، وما أقل من لمس الواقع من كتاب الدراما، وألف من الأعمال ما يحاكيه ليطرح حلولا واقعية تؤثر في المجتمعات وترتقي بفكرها وأخلاقها. ولا تبعد الدراما في ذلك عن بعض البرامج التي تعول في نجاحها واستماعها على تأجيج المشاعر وتقليب المواجع وتغذية الفتن، فما المانع ومعيار النجاح أصبح مدى إقبال المعلنين على البرامج، وإن كان المعلن لا يعنى بأهداف البرامج ولا بنتائجها ، فما هي سوى مصلحته المادية التي تحرك بوصلته وتوجهها ليختار برنامجا دون غيره، حسب ما يقتضي قانون السوق وأعرافه التجارية؟. الدراما الخليجية التي ينتظرها أبناء الخليج بشوق ممزوج بذكرى أيام رمضان ولياليه الغالية، ويتلهف الخليجي لرؤية نفسه وأفراد عائلته من خلال العائلة الخليجية التي اختارها المؤلف ليحرك أحداثه الدرامية حول نطاقها، نجد فيها من العقوق وقطع الأرحام، وحب المال وتفوق الماديات على معاني الطيبة، وطغيان الإجرام على قيم الأخلاق، وغير ذلك مما لا مكان له في مياهنا الخليجية النقية، وإن ابتليت عائلة بفرد من أفرادها قد أصيب بمرض أخلاقي تلفظه العائلة، وتقدمه للإصلاح إن فشلت في تقويم اعوجاجه. كيف استطاع كتاب الدراما تصوير ذلك الرجل الذي بلغ من العمر عتياً، ولم يعد يأمل في غير حسن الخاتمة، ووضعه في دور الرجل المجرم الذي لا هم له ولا هدف يبتغى، سوى حرمان ابنه من أمواله لخلافات كانت بينهما، وكيف صور تلك العجوز الأمية بامرأة الأب التي تشكك زوجها في أبوته لأبنائه من أخرى؟ مع أننا وعينا على طيبة الآباء وإيثار أبنائهم على أنفسهم، كما وعينا على تلقائية عجائزنا اللواتي عرفن الله وحقوق عباده، ولم يجرؤن يوما على الظلم والاعتداء، شخوص عديدة شوهتها الدراما لتحفيز المشاهد على المتابعة. ولا نظن بالكتاب سوى العلم بأنهم يصنعون شخوصاً يتأثر بها أفراد المجتمع حد الإشباع ويحاكونها حد التوحد معها، فنحن الكبار لا نبعد بتوحدنا مع الشخصيات الدرامية عن أطفالنا كثيراً، وليس بمجهول ذلك التأثر والتأثير الذي صنعته أفلام الكرتون لصغارنا حتى أوصلتهم إلى الجريمة، فماذا عسى أن تغير تلك الدراما التي تحمل نماذج لشخصيات سيئة، وتعبر عن نفوس مهترئة مزقها اليأس وطحنها العذاب. ولا ندري ما الذي يمنع الكتاب من خط سطور درامية لمناقشة قضايا المجتمع الحقيقية بشكل يحفز المشاهد على وضع الحلول الملائمة، ورسم صور شخصيات متفائلة تمثل نماذج إيجابية وتسعد المجتمعات بمحاكاتها، فكم نحن بحاجة إلى بث كل ماهو إيجابي لنفكر بإيجابية ونخطط ونعمل بإيجابية، ونحاكي الشخصيات الإيجابية التي خيلت للكاتب الدرامي الإيجابي فكتب بإيجابية. نورة علي نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©