الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما·· بين متون الكتب

أوباما·· بين متون الكتب
27 نوفمبر 2008 00:46
عقب الدراما التاريخية للانتخابات الأميركية والتي انتهت حلقاتها المشوقة بفوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما شهدت الأسواق الأميركية رواجا كبيرا في مبيعات سيرته الذاتية، وتصدرت الكتب التي تناولت ماضيه وحاضره ومستقبله قوائم الكتب الأكثر رواجا في الولايات المتحدة· وكأنها محاولة جماعية لاكتشاف الرجل الأسمر الذي أصاب الشعب الأميركي بعمى الألوان وأصبح رمزا لانتصار الأقليات في العالم· فعقب ساعات قليلة من إعلان فوزه رسميا برئاسة الولايات المتحدة بيعت ملايين النسخ من كتابيه ''أحلام من والدي'' و''رحلة الأمل الطويلة'' ودخل الكتابان ـ وكلاهما سيرة ذاتية لباراك أوباما ـ قائمة أفضل الكتب مبيعا على موقع ''أمازون'' الذي يعد من أشهر مواقع تسوق الكتب على شبكة الإنترنت· أما كتابه الثالث ''التغيير الذي يمكن أن نؤمن به'' والذي يتضمن الخطوط العريضة لاستراتيجيته لتجديد الحلم الأميركي فهو الأكثر حظا بالعرض والنقد والتحليل· وهناك كتب أخرى ساهم أوباما في صياغتها منها ''باراك أوباما من خلال كلماته'' ويضم مجموعة الخطب والكلمات التي ألقاها الرئيس المنتخب على جمهور مؤيديه خلال حملته الانتخابية وكتاب ''أوباما الضرورة'' وهو كتاب مسموع بصوت أوباما نفسه· وعلى الجانب الآخر هناك كتب أخرى صدرت عن أوباما تتواجد على أرفف المكتبات منها ''أمة أوباما'' و''عقيدة أوباما'' و''قضية ضد أوباما''· وسنحاول من خلال السطور القادمة إلقاء الضوء على أبرز ما فيها جميعا· أحلام من والدي كان كتاب ''أحلام من والدي'' أول تمرين لأوباما في اكتشاف ذاته· وأول محاولة جادة لمناقشة قضية هويته المعقدة وعرقه المختلط والإرث النفسي الثقيل الذي ورثه عن غياب والده· كتب أوباما سيرته الذاتية الأولى عام ·1995 كان أوباما آنذاك في الرابعة والثلاثين من عمره ولم يكن قد خطا أولى خطوات مشواره السياسي بعد· وفي عام 2004 عقب الكلمة التي ألقاها في مؤتمر الحزب الديمقراطي والتي أعلن فيها عزمه على ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية أعيد طباعة الكتاب بعد أن أضيفت له مقدمة ممهورة باسم السيناتور الديمقراطي باراك أوباما· ويحكي الكتاب تفاصيل نشأة أوباما ممزوجة بمشاعر أصيلة وصادقة حيال العديد من ذكرياته· وشرح أثر هذه المواقف على بناء شخصيته وصقل خبراته· فيصور الكتاب كيف حصن أوباما نفسه ضد عالم مليء بالصعوبات والنضالات لملء فراغ والده والتعايش مع لون بشرته السمراء في بيئة أمه البيضاء· وكيف تعامل مع كثير من الحقائق المكبوتة والقصص المخبأة والتعقيدات غير المعترف بها· ومن فرط ما يحويه هذا الكتاب من ملامح إنسانية عميقة حازت النسخة المسموعة منه على جائزة جرامي لأفضل سيرة ذاتية لعام ·2006 وقالت عنه صحيفة ''الجارديان'' أنه أكثر السير الذاتية أمانة وجرأة وصدقا لسياسي أميركي منذ خمسين عاما· ويروي أوباما أنه ولد عام 1961 في جزر هاواي لأب مسلم من كينيا يدرس في جامعة هاواي هو حسين أوباما وزميلته في الجامعة الأميركية المسيحية البيضاء آن دونهام· تم الزواج سريعا كما انتهى سريعا· فقد انفصل والديه وهو في الثانية من عمره وتطلقا رسميا وهو في الرابعة· فقد كان طموح الأب الذهاب إلى جامعة النخبة ''هارفارد'' أهم لديه من زوجته وابنه· وكان عزمه على العودة إلى كينيا لرؤية أولاده من زيجات أخرى سببا رئيسيا في فشل زواجه من ''آن''· كان أوباما الأب يتمتع بشخصية كاريزمية حقيقية· فطول قامته، وصوته الجهوري، وحدته في النقاش، وجرأته، وتشبثه برأيه، وطموحه الذي بلا حدود سمات أساسية في شخصيته· عندما ذهب إلى أميركا في إطار برنامج منح دراسية لتعليم الجيل الجديد من قادة أفريقيا كان فخر عائلته وأمل بلدته· وكان الأب مهووسا بالسياسة العالمية، وحركات التحرر المناهضة للاستعمار، والحقوق المدنية في أميركا· وبعد حصوله على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ''هارافارد'' عاد إلى بلاده لينضم إلى صفوة المفكرين العصريين في كينيا، لكنه سرعان ما وقع فريسة الخلافات القبلية والخصومات السياسية السائدة· فتولى مهمة في وزارة السياحة لا ترقى لطموحاته· فغرق في إدمان الخمر حتى قتل في حادث سيارة عام ·1982 كان ''باراك'' الطفل ينسج صورا خيالية عن والده ويفخر أمام زملائه البيض بأنه ابن أمير أفريقي عظيم· وكانت والدته وجديه لأمه يحرصون على تزيين صورة الأب المثالي الذي غاب لظروف قاهرة· وظل ''باراك'' يراسل والده في كينيا إلى أن جاءت لحظة اللقاء· ويروي أوباما ذكرياته عن الزيارة الوحيدة التي التقى فيها بوالده في إجازة عيد الميلاد عام ·1971 وعن الصورة التي جمعت بينهما في مطار ''هونولولو'' وكم غرق في لحظة الاحتواء وهو ملتصق بوالده الذي لف ذراعه حول كتفه الأيسر· بينما أمسك ''باراك'' يد والده اليمنى وشدها إلى قلبه كأنه يريدها أن تبقى هناك للأبد· وعن النصف ساعة التي تحدث فيها ''د· أوباما الأب'' أمام زملاء صفه عن أكواخ الطين ورعي الماشية وملابس الجلد ففضح كل أكاذيبه عن الدم الملكي الأزرق· زيارة قصيرة للأب انتهت بشجار حاد بينه وبين الجدين حول الموعد المحدد لنوم ''باراك'' رحل إثرها الأب ولم يره ''باراك'' ثانية· كما يتذكر أوباما أول درس تلقاه للصمود في عالم صعب وخطر· وذلك في منتصف ستينات القرن الماضي عندما تزوجت والدته من عالم الجيولوجيا الإندونيسي ''لولو سوتورو'' وانتقلت الأسرة للعيش معه في جاكرتا بإندونيسيا· وعاد ''باراك'' ابن التاسعة إلى البيت مهزوما وقد ضربه أحد الصبية بحجر في رأسه· فقال له زوج والدته وقد اشترى له زوجا من القفازات للملاكمة: ''أول ما يجب أن تتعلمه في الحياة أن تحمي نفسك· لا تمنح خصمك هدفا· الناس تستغل نقاط ضعف الآخرين· إنهم أشبه بالدول· القوي يسيطر على أرض الضعيف''· قال أوباما: ''هذا الموقف منطبع في ذاكرتي بقوة· لقد كان زوج والدتي رجلا طيبا جدا وهو أول من علمني كيف يسير العالم''· رحلة الأمل الطويلة بعد أن أصبح أوباما مرشحا رئاسيا لم يعد كتاب ''أحلام من والدي'' كافيا لإشباع نهم الكثير من الأميركيين عن تفاصيل حياته· فجاء كتابه الثاني ''رحلة الأمل الطويلة'' ليقدم مزيجا غير تقليدي من سيرته الذاتية مع تحليل سياسي لرأيه في أهم القضايا التي تشغل بال الرأي العام من الإجهاض إلى الأمن القومي· فخرج الكتاب للنور عام 2006 عن دار ''ثري ريفرز برس'' للطباعة والنشر، ثم أعيد نشره في فبراير 2008 بهدف ترسيخ تبعيته الوطنية وتثبيت مواقفه السياسية أمام الناخب الأميركي· وهي المناسبة التي استخدمتها سارة بالين نائبة منافسه الديمقراطي للسخرية منه فقالت لأنصارها: ''كتب مذكراته مرتين ولم يشارك في صناعة مشروع قانون واحد''! ويأتي عنوان الكتاب مطابقا لعنوان الكلمة التي ألقاها أوباما في مؤتمر الحزب الديمقراطي واستغرقت 18 دقيقة لإعلان ترشيح نفسه، وهي الدقائق التي أضاءت أمامه طريق الشهرة والسلطة والمجد· وفي الكتاب حرص أوباما على أن يقدم نفسه كنموذج فريد لنجاح الحلم الأميركي· وبأنه تجسيد حي لاختلاط الأعراق والألوان والأديان والثقافات والأيديولوجيات في شخص واحد· وبكل ما أوتي من نضج وذكاء حرص أوباما على مزج ذكريات طفولته وتجارب شبابه ومشوار تعليمه بإنجازاته، لترسيخ معنى واحد هو نجاحه في بناء عالم خاص به بعيدا عن إخفاقات الآخرين وعيوبهم· وفي إحدى المقابلات الصحفية قال أوباما أن كتابه ''رحلة الأمل الطويل'' هو مرآة لعمله اليومي ومحاولاته إعادة صياغة القضايا التي تواجهها أميركا في قوالب تحمل رؤيته واستراتيجيته المحتملة للإصلاح· ولقد وصفت الصحف الأميركية الكتاب بأنه لسان صاحبه فهو يحمل بصمة أوباما اللغوية ولم يكلف أحدا غيره بكتابته وتنقيحه· لذلك كان كتابه مميزا عما ينشره السياسيون في مواسم الانتخابات الرئاسية عادة· وللمرة الثانية يقف صدق أوباما وبساطته إلى جانبه· فيكونا سببا في تفوق حجم مبيعات كتابه على كل الكتب المعادية له· ويبدأ أوباما كتابه بوصف ملامح طفولته الفريدة ومدى ثراء التنوع العرقي في عائلته بين أم أميركية وأب كيني وأخت اندونيسية غير شقيقة وأنسباء صينيون· ويتحدث عن الأثر العظيم لذلك والذي جعله ينظر إلى العالم بليبرالية مثالية، ويبحث عن أرضية مشتركة لفهم الآخرين والتعامل مع الأيديولوجيات المتنوعة وإيجاد حلول حقيقية للمشاكل العصية· لقد كان منذ نعومة أظافره ينسج طريقه إلى القمة ففي الصف الثالث الابتدائي وهو في مدارس إندونيسيا كتب موضوعا بعنوان ''أريد أن أصبح رئيسا''· وعلى حجر الرصيف أمام مدرسته الابتدائية في هاواي كتب ''أوباما الملك'' وفي سنواته الأولى من الجامعة استهل مذكراته بعبارة تقول: ''عشر سنوات من الآن··''· وفي سيرته الذاتية يقف عند اسمه قليلا ويحكي أن والده أسماه ''مبارك'' فغيرته الأم إلى ''باراك'' وظل كذلك حتى بلغ العاشرة من عمره فذهب للعيش مع جده وجدته لأمه واللذان غيرا اسمه إلى ''باري'' حتى ينسجم مع بيئته البيضاء الجديدة· لكن باراك أوباما الذي كان يؤمن بأن هويته لا تقف عند لونه أو اسمه، وقف بين زملائه في الجامعة وهو في الثامنة عشرة من عمره يلقي خطابه الأول عن العدالة والمساواة بين الأغنياء والفقراء والسود والبيض ويصرخ بأعلى صوته طالبا منهم أن ينادونه باسمه الأفريقي ''باراك'' وليس ''باري''· ورغم التفاصيل الإنسانية الكثيرة في الكتاب إلا أنه ركز في سيرته الذاتية الثانية على العقد الأخير من حياته وهو مشواره السياسي· ويحكي اوباما في كتابه عن الإصرار والطموح والتميز الذي ورثه عن والده، وعن ولعه بمساعدة الفقراء والمعوزين ودفاعه عن الحقوق المدنية التي اكتسبها من والدته· ففي عام 1983 وبعد أن حصل على ليسانس العلوم السياسية من جامعة كولومبيا لم يلحق بزملائه الساعين إلى وظائف متميزة· فكان الالتزام الاجتماعي هو المهمة الأسمى· فراح يراسل جمعيات الحقوق المدنية ويطلب التطوع في برامج لمساعدة سكان الأحياء الفقيرة في شيكاجو· كان يساهم في تنظيف البنايات والأحياء الفقيرة ويحضر الاجتماعات في سراديب الكنائس· فكان مبعث سخرية أصدقائه ومعارفه حتى أن حارس البناية التي يقطنها أشفق على حاله ونصحه بالتخلي عن وهم تحقيق العدالة الاجتماعية والبحث عن وظيفة مرموقة بدخل جيد· وبعد سنوات من العمل الدؤوب في شيكاجو لاح لأوباما حلم الحصول على الدكتوراه في الحقوق من جامعة ''هارفارد'' وهو الدرب ذاته الذي سلكه والده· وفي عام 1996 بدأ يهتم بالسياسة والانخراط بشكل رسمي في أنشطة الحزب الديمقراطي· وفي عام 2004 فاز في انتخابات الكونجرس عن ولاية ''إلينوي'' ليصبح واحداً من أصغر أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي سناً وأول سناتور في تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي من أصل أفريقي· وفي فبراير 2007 أعلن أوباما عزمه على خوض سباق الرئاسة الأميركية ليصبح الأول في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية· تغيير يمكن أن نؤمن به أما الكتاب الثالث لأوباما فهو بعنوان ''تغيير يمكن أن نؤمن به'' وهو كتاب يلخص برنامجه الانتخابي ورؤيته لمستقبل الأمة الأميركية· ولقد صدر في سبتمبر 2008 عن شركة ''ثري ريفرز برس'' للنشر والتي تتولى نشر كتب أوباما· ويعكس الكتاب حاجة الشعب الأميركي الملحة للتغيير بعد سنوات ثمان من الإخفاقات الهائلة في السياسة والاقتصاد في الخارج والداخل ويقدم مشروعا متكاملا لإعادة إحياء الحلم الأميركي· ويقدم أوباما نفسه للقارئ هذه المرة في صورة شخص يمكن أن يجتمع الناس حوله في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها العالم، شخص يمكن أن يجلب التغيير ويجدد روح الأمة، شخص لديه موهبة فذة في توحيد الناس تحت لواء إنقاذ العالم من الأزمة الاقتصادية والتغيرات المناخية والتهديدات الأمنية· وفيه يؤكد أوباما على قدرته على استعادة مكانة أميركا الدولية من خلال الدخول في تحالفات قوية· كما يقدم الكتاب أفكارا واضحة وقوية ومحددة، حول إمكانية الإصلاح والتغيير وتقوية الطبقة الوسطى· وحول الرعاية الصحية والاكتفاء الذاتي من الطاقة وحماية أميركا من خطر التهديدات الخارجية· إلا أن النقاد انتبهوا إلى الاختلاف الكبير في أسلوب الكتابة هذه المرة· فالنصف الأول من الكتاب يعكس رؤى أوباما السياسية ولكن بلغة مساعديه في الحملة الانتخابية مما جعله باهتا وغير مؤثرا· بينما النصف الثاني من الكتاب يضم أفضل ما قاله باراك أوباما وهي سبع خطب حديثة ألقاها في مناسبات مختلفة· من ضمنها خطابه في ولاية أيوا في يناير 2008 حول الوضع الاقتصادي· والخطاب الذي أعلن فيه فوزه في الترشيح للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي الأميركي، وخطابه الملهم المعروف ''بنعم نستطيع'' الذي ألقاه في نيو هامبشاير· وخطابه في فيلادلفيا حول حركة تحرير الأميركيين من أصل أفريقي· وفي الأسواق كتاب آخر يحمل طابعا مشابها هو ''باراك أوباما من خلال كلماته'' للكاتبة ليزا روجاك والذي صدر في مارس 2007 عن دار نشر ''كارول وجراف''· والمؤلفة هي ذاتها صاحبة كتابي ''كولين باول من خلال كلماته'' و''هاوراد دين من خلال كلماته'' وقد اهتمت بعرض محتوى كتابها الأخير عن أوباما عشرات المطبوعات المرموقة أهمها صحيفتي ''وال ستريت جورنال'' و''يو إس إيه توداي''· وتقدم ليزا روجاك نبذة سريعة عن مواقف سيناتور ''إلينوي'' من خلال مقتطفات من أقواله حول الإجهاض، والدين، والإيدز، والسياسة الخارجية، والعراق، والحرب على الإرهاب، والبطالة، وزواج المثليين وقضايا كثيرة أخرى تشغل أميركا والعالم بأسره· إلا أن الكتاب لا يضيف الكثير للقارئ المتابع للسياسة عن كثب والذي يعرف مواقف ''أوباما'' وبرنامجه الانتخابي جيدا· كما أخذ بعض النقاد على الكاتبة اعتمادها أسلوب اقتطاع الجمل من نصوص الخطابات للتدليل على مواقف معينة مما يفقد الكتاب قيمته التوثيقية وتجعله جمعا لعبارات اجتثت من سياقها الزمني والمكاني· العقيدة والأمة أما أبرز ما كتب عن باراك أوباما فهو كتاب ''عقيدة باراك أوباما'' للمؤلف ستيفن مانسفيلد والذي يتتبع فيه مسيرة أوباما الدينية أكثر من برنامجه الانتخابي· وقد طرح الكتاب في يونيو 2008 عن دار نشر ''سايمون اند شوستر''· ورغم محاولات الكاتب والناشر التأكيد على النزاهة التامة في محتوى الكتاب، إلا أن القارئ الفطن لابد أن يتخذ حذره خاصة وأن دار النشر التي يملكها ''توماس نيلسون'' أكبر ناشر مسيحي في العالم تديرها ماري ماتالين مساعدة ديك تشيني السابقة والمؤلف يصف نفسه بأنه جمهوري محافظ· ويؤكد مانسفيلد ـ صاحب كتاب ''إيمان جورج بوش'' والذي ظل 14 أسبوعاً على لائحة أفضل الكتب مبيعاً لصحيفة ''نيويورك تايمز'' ـ أن الولايات المتحدة الأميركية نظريا دولة علمانية لكنها فعليا دولة تقوم على الدين· فالدين يحتل مكانة رئيسية في الانتخابات الرئاسية الأميركية· والناخب الأميركي يحرص على التأكد من الناحية الإيمانية لرئيسه المنتخب· وكان في الخمسين سنة الماضية يكفي الناخب أن يرى صورة للمرشح الرئاسي وأسرته متوجهين إلى الكنيسة·· أية كنيسة، حتى يشعر بالاطمئنان بأن الرئيس يشاركهم قيمهم الدينية ذاتها· أما اليوم فعشرات الصور لا تكفي· فالعقود الماضية شهدت تحولات كثيرة دفعت بالناخب الأميركي إلى معرفة تفاصيل المعتقد الديني للمرشح الرئاسي ومدى تأثير إيمانياته على القضايا السياسية وعلى صناعة القوانين· ولا عجب أن يكون الدين في انتخابات 2008 الرئاسية على قمة هرم الاهتمامات· فأميركا منذ ثماني سنوات تقود حربا مقدسة ضد ما تسميه بالإسلام الراديكالي، وزاد من حساسية الوضع أن عقيدة ''أوباما'' وضعت على المحك بعد أن عزف الحزب الجمهوري على وتر جذوره الإسلامية وتعاطفه مع شخصيات مسلمة· وانتشرت ملايين الرسائل الإلكترونية التي تحذر من أن انتخاب ''أوباما'' سيجعل من الولايات المتحدة دولة مسلمة! ثم جاءت قضية تبرؤ ''أوباما'' من مرشده الروحي السابق القس ''جرمايا رايت'' لتحمل الكثير من علامات استفهام· إلا أن ما فعله كان ضرورة انتخابية وليس دينية· فالتصريحات التي أدلى بها القس عن اضطهاد البيض للسود كانت لتضر بحملته الانتخابية· وإدراكا من ''أوباما'' لحساسية موقفه الديني، حاول بكل الطرق نفي أصوله المسلمة والرد بفاعلية على إشاعات الانترنت التي تدعي أنه مسلم، حتى أنه رفض التقاط صورة مع فتاتين محجبتين حتى لا يستخدمها منافسه الجمهوري ضده· ويؤكد مانسفيلد في كتابه أن ''باراك حسين أوباما'' مسيحي ويفتخر بذلك· وأن الدين بالنسبة له ليس زيا سياسيا بل تحولا حقيقيا يستمر طوال الحياة· وأن الإنجيليين الشبان ربما يختلفون معه في قضية الإجهاض لكنهم يتفقون معه في مسألة الفقر والحرب· وأن ما يعجبهم فيه أنه مسيحي مؤمن بأن الإيمان يجب أن ينعكس على السياسة العامة· وقارن الكتاب بين أوباما وكل من الرئيسين الديموقراطيين جيمي كارتر وبيل كلينتون اللذان اعتمدا أسلوب الفصل بين الدين والسياسة· مرجحا الكفة لصالح أوباما الذي يرى أن إيمانه هو السبب الحقيقي وراء رغبته الشديدة في تحقيق العدالة والمساواة· كما يقوم مؤلف الكتاب بتحليل الجانب الروحي من خطابات أوباما ومدى تأثير الدين على أسلوب حكمه مشيرا إلى أن عقيدة أوباما الحقيقية هي إنهاء الحروب المرتبطة بالثقافة والدين· ويعد أكثر الكتب هجوما على أوباما والتي استخدمت أصوله الإسلامية لإضعاف صورته، هو كتاب ''أمة أوباما'' للكاتب جيروم كورسي· وهو الكتاب الذي نشر في سبتمبر 2008 عن دار ''سايمون اند شوستر'' وهي الدار ذاتها التي نشرت كتاب ''عقيدة أوباما'' والمتخصصة في إصدار كتب المحافظين· وحقق الكتاب ـ الذي طبع منه 475 ألف نسخة ـ مبيعات قياسية جعلته في المرتبة رقم 466 على موقع ''أمازون'' الإلكتروني لبيع الكتب· إلا أنه وكما كان متوقعا نشط فريق أوباما الانتخابي في الرد على الكتاب· فأصدر وثيقة من 41 صفحة أرسلت بالبريد الإلكتروني إلى 3,5 مليون ناخب· تناولت الرد على كل اتهام صغير وكبير جاء في الكتاب· وحملت الوثيقة عنوان ''غير ملائم للنشر''، وذلك في إشارة إلى كتاب سبق وأن شارك في تأليفه جيروم كورسي بعنوان ''غير قابل للقيادة'' اتهم فيه جون كيري المرشح الديمقراطي السابق في انتخابات عام 2004 بالكذب بشأن سجله العسكري وبطولته خلال حرب فيتنام مما أضعف فرصه الانتخابية· ووصفت الوثيقة كتاب ''أمة أوباما'' بأنه أحد الكتب الكثيرة المليئة بالأكاذيب، وبأن مؤلفه كاتب منحاز يعتمد أسلوب الأكاذيب المطبوخة الهدف منها تحقيق الربح وتأييد أجندة الحزب الجمهوري· ويتفق كثير من النقاد على أن هذه هي بالفعل حقيقة ''كورسي''· فالمؤلف الذي يحمل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ''هارفارد'' تخصص في نشر كتب لا تلتزم أسلوب البحث العلمي المحترم وتهدف جميعها إلى إلحاق الأذى السياسي بالآخرين· وهو ما ينطبق على كتابه ''أمة أوباما'' الذي لا يقدم معلومات جديدة عن المرشح الرئاسي، ولا يستند إلى مصادر موثوقة في البحث بل يعتمد على الإنترنت والمصادر الصحفية· ولقد أجمعت عدد من الصحف المرموقة من بينها ''الإندبندنت'' البريطانية و''الواشنطن بوست'' الأميركية على أن الكتاب مليء بالتلفيقات الخيالية ويزخر بمعلومات مغلوطة ولغته تحمل الكثير من الألفاظ العنصرية المؤذية لشرائح كثيرة من المجتمع الأميركي· والمثير أن دار النشر ''سايمون اند شوستر'' لم تدافع عن الانتقادات الموجهة للكتاب بل استخفت بها مديرتها ماري ماتالين نائبة ديك تشيني السابقة وصرحت بأن الكتاب ليس المقصود به أن يكون كتابا سياسيا· قضية ضد أوباما وينضم إلى قائمة الكتب المعارضة لأوباما كتاب آخر هو ''قضية ضد أوباما''من تأليف الكاتب الصحفي المحافظ ديفيد فريدوسو· وهو واحد من بين مجموعة كتب ساهمت في تسميم حملة باراك أوباما الانتخابية· فلقد صدر الكتاب في 4 أغسطس 2008 عن دار نشر ''ريجنري''· وكان الهدف من توقيت النشر كما أوضحت رئيسة دار النشر مارجوري روس أن يكون قبل أقل من ثلاثة أسابيع من المؤتمر الديمقراطي في ''دنفر'' في ولاية كولورادو ليكون له أثر في زعزعة صورته أمام الناخب الأميركي· فالمؤلف ديفيد فريدوسو وهو محرر سياسي في مجلة ''ناشيونال ريفيو'' الإلكترونية والحاصل على درجة الماجيستير في الصحافة من جامعة كولومبيا الأميركية يستشيط غضبا من فكرة أن يكون باراك أوباما هو الطفل المدلل لوسائل الإعلام الأميركية· ويركز في كتابه على أن أجندة أوباما الانتخابية غير مجربة وأن فوزه بالانتخابات غير ممكن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©