السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتصار الفساد في البلد دي فيها حكومة يناقض عنوانه

انتصار الفساد في البلد دي فيها حكومة يناقض عنوانه
27 نوفمبر 2008 00:58
نجح صناع الفيلم الجديد ''البلد دي فيها حكومة'' في تسجيل أسماء جديدة بذاكرة السينما المصرية والاحتفاظ بعنصر المفاجأة للجمهور حتى المشهد الاخير· ولكن الإخفاق في معالجة السيناريو والدعاية المضللة والادعاء بأن الفيلم تعرض لتعنت رقابي أصاب المتابع لأحداث الفيلم بصدمة وخيبة أمل في مشاهدة رواية تتناول قضايا الفساد· فيلم ''البلد دي فيها حكومة'' قصة وإنتاج شيرين شعراوي في أولى تجاربها للسينما كمؤلفة ومنتجة وإخراج عبدالعزيز حشاد في تجربته الروائية الثانية بعد فيلم ''كامب'' واستطاع ان يكشف عن مستوى أفضل في التكنيك ليؤكد انه مخرج واعد يبحث عن فرصة في الساحة ولكن لم تكن له حرية التعامل مع السيناريو ولا حتى اختيار الممثلين· يلعب بطولة الفيلم تامر هجرس وعزت ابوعوف وهايدي كرم وعلا غانم ومحمد الخلعي وخليل مرسي ونيرمين ماهر· يتناول الفيلم قصة الرائد ''ادهم'' (تامر هجرس) الذي يقدمه الفيلم على انه ضحية لتورط احدى القيادات المهمة في جهاز أمني منوط به مهام سرية أطلقت عليه السيناريست شيرين شعراوي اسم ''جمعية حب مصر'' ويقوده اللواء ''فوزي السلحدار'' (عزت ابوعوف) وهو رجل شديد الدهاء ويعقد صفقات واتفاقات سرية مع كبار المجرمين وتجار المخدرات للكشف عن جرائم اكثر خطورة· وتستعرض الأحداث حياة الرائد ''ادهم'' الذي نراه متزوجا من امرأة جميلة ''شيرين'' (نيرمين ماهر) ويعيش معها حياة رغدة تختلف كثيرا عن حياة اي ضابط شرطة· اما اللواء ''فوزي السلحدار'' فهو يظهر كرجل غامض لا نتعرف على حقيقته إلا من خلال الفريق الامني الذي يحيط بمنزله وسيارات الحراسة التي تؤمن تحركاته هو وابنته الوحيدة ''نور'' (هايدي كرم) وهي استاذة جامعية في القانون الجنائي وتطور اساليب البحث الجنائي وتشعر بالتناقض بين ما تؤمن به وتحاول ان تنقله الى طلابها والواقع الذي يستفزهم من ارتفاع معدلات الجرائم خاصة تلك التي تتعلق بفساد كبار المسؤولين· ونتعرف على ''اميرة سليمان'' (علا غانم) التي تعمل مديرة لاحد البنوك الخاصة وتتورط في عمليات غسل أموال وتستغل أموال المودعين من المتورطين في تجارة الكوكايين وتضارب بها في البورصات العالمية لتجني أرباحا طائلة· وهي امرأة جميلة وحيدة يبدو أنها مطلقة أو أرملة وأم لطفل في العاشرة من عمره تركته في إحدى المدارس الداخلية في بريطانيا لكي تتفرغ لمغامراتها· وبعد سلسلة من الاحداث المتلاحقة التي تضمنت العديد من التفاصيل لا طائل من ورائها إلا استغلال بعض الحوادث الحقيقية لكي يوحي الفيلم بأنه يتحدث عن أشخاص بعينهم نصل الى النهاية غير المتوقعة فقد أشارت كل الاحداث إلى ان الضابط الفاسد هو رئيس ''جمعية حب مصر'' اللواء ''فوزي السلحدار'' ولكن يتضح ان الرائد ''ادهم'' هو الافعى الحقيقية فقد استطاع خداع الجميع ما عدا قائده الذي كشفه بحسه الأمني ولكنه خدع ابنته ''نور'' واوهمها بحبه واستطاع ان يحصل على أسرار والدها ليحصد مبلغا كبيرا من احد رجال مافيا المخدرات ''جو'' الوجه الجديد جمال الزناتي· اما علا غانم فقد استطاعت ان تنقذ نفسها من الوضع الصعب وتهرب من الحكومة وتتخلص من عضو المافيا بخطة في منتهى الدهاء وتطير الى ابنها بعد ان استولت على ثروة احد المودعين· بمعنى ان الفيلم يؤكد انتصار الفساد· واختارت كاتبة القصة عنوان ''البلد دي فيها حكومة'' وهي عبارة تقريرية تؤكد سطوة الحكومة وسيطرتها على رموز الفساد لكن التفاصيل تقدم معنى معاكسا والمعالجة السينمائية جاءت ضعيفة وبها كثير من الثقوب ونقاط الضعف· وقدم المخرج عبدالعزيز حشاد تجربة اكثر نضجا وحرفية من تجربته السابقة في ''كامب'' وكشف عن قدرته في الاحتفاظ بإيقاع سريع ومشوق رغم هشاشة السيناريو الذي صاغه طارق همام· وكان المخرج موفقا في اختياره لاماكن التصوير وزوايا الكاميرا والتعامل مع الممثلين وإن بات واضحا عدم حريته في اختيارهم جميعا· ولعبت الصورة المميزة للمصور السينمائي محسن نصر دور البطولة الاول· واستطاعت رباب عبداللطيف المونتيرة أن توظيف مهارتها لتحافظ على تسلسل منطقي لأحداث غير منطقية· وجاءت موسيقى شريف بدوي في كثير من الاحيان غربية النغمات لترسخ لدى المتابع للفيلم انه لا يدور في مصر· أداء تامر هجرس لدور البطولة المطلقة لاول مرة لم يضف له جديدا رغم اجتهاده في مشاهد الاكشن التي تكشف عن بنيانه الرياضي ولياقته العالية وهي نفس المؤهلات التي جعلته يدخل عالم السينما في أدوار اقل مساحة كذلك هايدي كرم ذات وجه جميل معبر ولكن شخصية ''نور'' لم تمنحها خطوة للأمام ومر اداء محمد الخلعي لشخصية الضابط ''عمر'' صديق البطل مرور الكرام بل هو خطوة اخرى للخلف بعد ان تألق في فيلم ''ويجا'' وتراجع في فيلم ''كامب'' وتراجع اكثر في هذا الفيلم وتمتلك علا غانم العديد من الادوات ولابد ان تتحرر من المرأة المثيرة التي تسيطر على طلتها السينمائية· نيرمين ماهر الوحيدة التي استفادت من دور الزوجة الجميلة المحبة لزوجها الضابط وحصلت على مساحة لا بأس بها فقدمت أداء افضل من أدوارها السابقة· وأزمة فيلم ''البلد دي فيها حكومة'' الاساسية هي الادعاء وعدم الاحساس بالصدق الذي يجعل المتابع له يشعر منذ البداية بأنه وقع في شرك حيث يسبق تيترات المقدمة عبارة تؤكد ان احداث الفيلم ليست لها علاقة بالواقع وان شخصياته خيالية وان اي تشابه مع الواقع غير مقصود لنكتشف بعد ذلك ان الفيلم محاولة لاقحام بعض القضايا التي هزت الرأي العام في سياق الاحداث بشكل مبتور ومفتعل ومحاولة لركوب الموجة السينمائية التي حققت نجاحا فنيا وإيرادات ضخمة في الموسم الماضي مثل ''هي فوضى'' و''حين ميسرة'' و''الجزيرة''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©