الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إشكاليّة العلاقة بين النّصّ والكتابة

إشكاليّة العلاقة بين النّصّ والكتابة
27 نوفمبر 2008 01:09
كثيراً ما تواجهنا مفاهيمُ كثيرةٌ تبدو، واضحةً في الأذهان، غير أنّ الباحث في شأنها إذا ما تأمّلها مليّاً، وتعمّقها، ثارت في وهمه مجموعةٌ من الأسئلة قد يجد لها بعض الأجوبة طوراً، وقد لا يجد لها من تلك الأجوبة شيئاً، طوراً آخر· كما قد تواجهنا مفاهيم كثيرة أيضاً مترابطة إلى حدّ التداخل، ومتقاربة إلى حدّ الحلول في بعضها بعضٍ· وإذا كان عامّة الناس في الثقافة النقديّة الدارجة قد لا يجشّمون أنفسَهم عَنَتَ البحث في بعض هذه التَّفارِيقِ اللّطيفة التي يسْتمِيز بها النّقد الغربيّ عن النّقد العربيّ، فإنّه ما ذُكِر النّصّ والكتابةُ الأدبيّة موجودةٌ متداوَلة معه بين المنظّرين، إلاّ لوجود عَلاقةِ فَرْقٍ ما، بين هذين المفهومين اللّذَيْن يبدُوَان كأنّهما مفهوم واحدٌ يرتدي لباس مصطلحين اثنين· وإلاّ فلِمَ يقول النّاس: فلان يكتب، أو فلان يكتب نصّاً، ولا يقولون: فلان يَنُصُّ، أو هو ينصّ كتابةً؟ وما مدلول أسبقيّة الكتابة في التصوّر والفعل؟ وهل النّصّ، إذن، إلاّ ثمرةٌ من ثمرات نشاط هذه الكتابة؟ أم هل الشّأن لا يعدو كونه تنقُّلاً من مرادفٍ إلى لفظ آخر مرادفٍ له؟ وإذن، فما الفرقُ بين الكتابة الأدبيّة والنّصّ الأدبيّ؟ يبدو أنّ بارط هو الوحيد الذي أعْنت نفسه في محاولة إيجاد الفرق بين النّصّ الأدبيّ والعمل الأدبيّ··· فهل الكتابة الأدبيّة تقترب في مفهومها من مفهوم العمل الأدبيّ؟ أو هي مجرّد احتراف للكتابة التي تقوم على إنشاء عالَمٍ فضائيّ من نسْج اللّغة ومحْضِ الخيال؟ ومفهومها هو اللاّمفهومُ، طالما كان النّصّ الأدبيُّ هو صاحبَ المفهوم الذي حارتْ في تأويله النّقّاد!؟ لكن من وجهة أخرى إذا قال قائل: ''الكتابة الأدبيّة''، فإنّ مفهوم النّصّ يطفر فجأة إلى الذهن عبْر هذه الكتابة التي تغدو (إقونةً) لهذا النّصّ· غير أنّ قولنا: النّصّ، لا! فقد يكون النّصّ مجرّد عبارة إشهاريّة، كما قد يكون عبارة عن حكمة سائرة، أو مثلٍ جارٍ، بين الناس· أي ليس من الضرورة أن يكون النّصّ قد كُتِب كتابةً من قبل في كلّ الأطوار· فكأنّ النّصّ، مكتوباً وغيرَ مكتوبٍ، تنضوي تحته كلّ الآداب الشفويّة المرويّة، والمحفوظةِ في الذاكرة الجماعيّة للشعوب؛ في حين أنّ الكتابة الأدبيّة هي عمليّة إنجاز نسْج لغويّ يجسّد نصّاً أدبيّاً أساسُه الخيالُ لا الواقعُ··· إنّ مفهوم الكتابة الأدبيّة قد يكون أعمّ من مفهوم النّصّ الذي يقترب من مفهوم الخطاب، فكلّ كتابة أدبيّة نصٌّ، وليس كلّ نصٍّ كتابةً أدبيّةً· والحقّ أنّا لم نصادف، فيما وقع لنا من قراءات، ناقداً حاول التوقّف للمساءلة عن هذا الفرْق المفترَض القائم بين الكتابة والنص، إلاّ كتابات عربيّة قليلة كبعض كتابات عبد الفتاح كيليطو
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©