الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حتى يشبهنا المكان ونشبهه

حتى يشبهنا المكان ونشبهه
27 نوفمبر 2008 02:20
يتضح من خلال المراقبة الدقيقة للفعاليات التي صاحبت الاحتفال بعام ''الهوية الوطنية'' أن هناك اتفاقا رسميا وشعبيا كبيرين على ضرورة تكريس الهوية الوطنية، وأن كل الجهود التي بذلت بالتأكيد كانت تنطلق من هذا الحرص على الحفاظ على الهوية الوطنية وسط الاتساع الكبير الذي تشهده الدولة على مختلف الأصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والرياضية، ويعد هذا الخوف على الهوية الوطنية خوفا صحيا وجاء في وقته، حيث ليس من المعقول أن تسير قافلة البناء والانفتاح دون الاكتراث بأهم قيمة للإنسان والوطن وهي الهوية، هوية الإنسان في مكانه وهوية المكان بإنسانه· ليس من المعقول أن نتمادى في غفلتنا عن أن هناك شيئا ما يحدث، وهو الاغتراب الذي أوشك أن ينخر في ثوابت الإنسان والمكان، ينخر في لغته وثقافته وروحه·· اغتراب ربما يراه البعض أمرا صغيرا لا يستحق أن يلتفت إليه، بحكم أن الزمان الجديد في مفهومهم والذي اصطلح عليه ''زمن العولمة'' لا بد فيه من الانفتاح على الآخر؛ وهذا ما يكرر ويردد أيضا في رسائل نصية قصيرة هاتفية ترد من جهة غير معلومة تقول ''علمتني قيادتي الوطنية أن أتقبل الآخر وأفتح باب الحوار الإيجابي معه·· لاختصار المسافات وننشأ معا عالما بلا حدود''· نعم تعلمنا منذ أزمان بعيدة أن ننفتح على الآخر ونتحاور معه ونمد يدنا في يده كي نبني مستقبلا أجمل· ولكن ليس بهذا الواقع الذي نكاد نفقد فيه هويتنا التي أدركنا جميعا قيادة وشعبا أنها في خطر، حتى أن أطلقت القيادة شعار ''الهوية الوطنية'' على عام ·2008 ونتمنى أن لا يقتصر الانشغال بتكريس الهوية الوطنية في عام واحد فقط، ذلك لأن حجم التحديات التي تواجه هذه الهوية كبير· *** إن الإصرار على ثقافة المواطنة وتكريس هوية المكان وإنسانه وثقافته من لهجة وفنون ورقص وأدب وشعر هو إصرار وانشغال لدى كل شعوب العالم التي منها من يصل به الولاء لهويته وثقافته، لغة وفنا وأدبا وشعرا ورقصا، حد التعصب الذي لا يقبل فيه تكريس لغة غير لغته في مكانه، حتى أن فيهم من لا يقبل أن تخاطبه إلا بلغته ويجبرك على احترام كل تفاصيله الثقافية· أعتقد أنه قد آن الأوان كي نصر على أشيائنا، على أرواحنا وقلوبنا ولساننا، على أن يكون المكان يشبهنا ونحن نشبهه·· وأن تتوقف بعض الجهات عن التغريد خارج الإجماع الشعبي في التأكيد على الحفاظ على الهوية الوطنية·· التوقف عن المهرجانات التي لا تشبهنا والتي ليست لنا، عن الجوائز التي أنشئت للآخر، وتغييب المبدع المحلي عن الكثير من الفعاليات الثقافية، التوقف عن تهميشه وتركه في خانة العوز والتفرج على أمثاله من المبدعين الذين يأتون إليه في مكانه ويحظون بكل الرضا والدعم· saad.alhabshi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©