الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحيّ يحييك «2 - 2»

21 أغسطس 2017 23:01
الأوبريتات المكتوبة كُتبت بحرفية عالية، وهي تماماً كحبة شوكولا تبدأ من الكاتب كفكرة وتُطرح أمام الفنان، وتتم مُناقشتها، ثُمّ يُضاف إليها، ويتم التدقيق، وهكذا حتى يخرج للمُشاهد نصاّ واضحاً هادفاً مُفعماً بالخير والإنسانية والعطاء، والأعمال كثيرة لهذا العملاق عبدالحسين عبدالرضا، والأسماء كثيرة لمن عملَ معهُ بروحٍ واحدة، لكنني اكتفيتُ بذكر البعض منها، وهو نقطة في بحر ذلك الزمن الجميل، وأولئك المُمثلين الرائعين. عرفتُ عبدالحسين عبدالرضا من خلال حكايا «أمي وأبي» وحُبهم لشخصية «حسينوه» «عتيج»، فبدأتُ متابعة أعمال هؤلاء العمالقة حتى رسخت المبادئ والقيم في ذهني، وتعلمتُ من الإخلاص الذي كان يبدو واضحاً في أعيُنهم، هكذا الشخصيةُ الحيّة المليئة بروح الدُعابة المُحبة للحياة، صعبٌ نسيانها ومُهمٌ تخليدُها، عبدالحسين عبدالرضا ستارةٌ أسدِلَت وحكايةٌ اختُتمَت وحبكةٌ توقفت في لندن بخبر مُفاجئ، تذكرنا البداية في لندن التي ودّعها مرةً واحدة «باباي لندن»، لكنهُ عاد إلى موطنه ومُحبيه وكُلُ بيتٍ كان لهذا العملاقِ وطناً، عاد إلى لندن مُجدداً لكنهُ عادَ إليها مودِعاً كُل بيت، كُل شاشة، كُل وطن، كُل قلب، كُل مسرح، قالها للجميع «وداعاً». جموعٌ غفيرة تنعى الفقيد، تترحمُ على فقيدها الذي زرع معنى الإنسانية ودخل القلوب دون استئذان، ليترُك في كُل قلبٍ فراغاً يشتاقُه، رحل الهامة التي تميّزت برحابة صدرها وحسها الفُكاهيّ الذي تبنى شعار «اكسب قلباً لا موقفاً»، فكسب قلوب من حوله، وإنْ كان في العمل دائماً خلافات إلا أنهُ يمحوها بحكمتهِ وقلبه الكبير، مثّل الكويت والخليج والعرب أفضل تمثيل، وهو نموذج شامخ تفخر به الساحة الفنيّة التي خيّم عليها الحُزن منذ تلقي خبر الفقيد. هو الإنسان بمعنى الكلمة، ولعل الحُزن الذي طغى على الجميع طوال الأيام الماضية، خيرُ دليل على مكانته العزيزة في القلوب، والضجةُ التي أحدثتها تغريدة «تويتر» التي هاجمها جميع الناس خيرُ ما يُخبر كم أنهُ كان فناناً مُعلماً أدى رسالة قيّمة من الخير والعطاء، وكُل من شاهد أعماله، هو تلميذ كبُر في مدرسة عبدالحسين عبدالرضا، ونهل من بحر ثقافته ودرايته وخبرته التي لم يبخل بها على أحد. الفنّ رسالة لا شُهرة، وإخلاص لا أداء فقط، وشعور بالآخر لا تمثيلاً عليه، الفنُّ يؤسس حضارات ويُعلّم ويوجه، أتمنى أن يكون هذا العملاق مدرسة لكُل مُمثل صاعد، وأن تكون رسائلهُ البناءة نموذجاً يحتذي بهِ كاتب النص. ختاماً، نقولها بحرقة «باباي لندن» ونسدلُ الستار عن عتيج..عن حسينوه.. عن نوح..عن بو ردح.. عن حبيب الملايين. نوف سالم - العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©