الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عن «بلاك بيري» وجوجل وCIA

7 أغسطس 2010 20:34
بعيداً عن المعادلة الظالمة: الحرية أو الأمن، وأقرب لنظرية أن من يملك المعلومات يتمتع بقدرات أكبر على التحكم بالأشياء والأشخاص وبمزايا أخرى كثيرة، ولَّدت التكنولوجيا المتطورة في بيئة العولمة والانفتاح ذات الفرص غير المتكافئة خللاً عظيماً في ميزان المعلومات العالمي بشكل يطرح العديد من التحديات على كافة الأطراف المعنية من شركات كبرى ودول ومنظمات إقليمية ودولية وجماعات الحقوق المدنية. فمشروع القانون المطروح حديثاً على الكونجرس الأميركي، لمنح «الرئيس» سلطات تخوله إغلاق الإنترنت لحماية «الأمن الاقتصادي والأمن الوطني والسلامة العامة» من التهديدات المختلفة على شبكة الإنترنت، يمثل مؤشراً على أن الفضاء الرقمي مقبل على مرحلة جديدة يجب الاستعداد والتنبه لها جيداً. هذه التطورات «العالمية» ومعها الجدل حول استخدامات «بلاك بيري» تندرج بطريقة ما مع ما سبقها من كشف عملاء استغلوا وظائفهم في شركات الاتصال اللبنانية للتجسس على الهواتف والمعلومات لصالح إسرائيل، وآلاف قضايا القرصنة على الإنترنت والمخاوف من الاختراقات الأمنية والشخصية من «فايسبوك» التي عمت العالم، والتي تنسحب على كل ما يخص الاتصالات في العالم خاصة مع هاجس الربح والمنافسة والسيطرة لدى شركات الإنترنت والهواتف الذكية وشبكات الاتصالات في العالم، وإلى ذلك تضاف المخاوف من سياسات بعض الدول النافذة. إنها سلسلة «أجراس إنذارات» متتالية تفضح الخلل في ميزان المعلومات العالمي وتتطلب نظام معلومات عالمياً جديداً، لأن كل هذه القضايا تتعلق بيانات وتطبيقات عابرة للحدود والقارات وبشؤون الأمن والمعلومات والحريات وحماية الخصوصية، علماً أن مثل هذا النظام قد يلقى مقاومة شديدة في البداية بسبب تمسك القوى النافذة والشركات المستفيدة بالمزايا الاحتكارية، أو بسبب الخشية من أن يأتي منحازاً لصالح حماية الحقوق (الإنسانية) الشخصية ومانعاً لاستغلال المعلومات الشخصية تجارياً أو أمنياً أو جنائياً، على اعتبار أن أي تشريع من هذا النوع لا بد ـ ولو من باب رفع العتب ـ أن ينسجم مع التشريعات الدولية الأخرى مثل اتفاقيات حقوق الإنسان وحرياته الفردية. إن ضرورة استعجال مثل هذا النظام تنبع من خطر مصدره تحالف تحكم بعض الشركات الكبرى بالمعلومات مع تحكم بعض القوى العالمية النافذة، والأكثر أهمية على هذا الصعيد ما كشفه موقع ومجلة «Wired» الأميركية الشهيرة نهاية يوليو الماضي عن شراكة بين «جوجل» ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) في تأسيس شركة «Recorded Future» لمراقبة كل محتويات الإنترنت والتنبؤ راهناً ومستقبلاً بأي حادث في العالم سواء كان منشأه الأفراد أو الجماعات والمنظمات (http://www.wired.com/dangerroom/2010/07/exclusive-google-cia/#ixzz0vS6F1i2t). وهنا ذروة الخطر الذي يؤكد أننا أمام قضية إنسانية كونية ويثبت العلاقة الوطيدة بين امتلاك ـ وليس فقط استهلاك - التكنولوجيا الأصيلة وبين «الحرية والأمن» معاً (وثروة جوجل البليونية). إن ذلك يدل على أن المعلومات والتكنولوجيا لا تمنح فقط القدرة على التحكم في العالم، بل القدرة الحقيقية على التحكم بالمستقبل. هذا علم وليس رواية من الخيال العلمي. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©