الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العدالة بين الأبناء تورث المحبة

28 نوفمبر 2008 01:38
قال النبى عليه أفضل الصلاة والسلام: ''فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم'' رواه النعمان بن بشير رضى الله تعالى عنهما ـ متفق عليه· يتناول هذا الحديث مهمة ووصية نبوية لازمة، توقف عندها بالشرح والتحليل الباحث في الشؤون الإسلامية الدكتور عبدالباسط أحمد على حمودى موضحا أن السنة المباركة تضمنت العديد من الأحاديث والوصايا والخطب التى تحث على العدل بين الأولاد، ومنها هذا الحديث الذى ذكره النعمان بن بشير رضى الله عنهما حيث قال: إنى أعطيت ابنى من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتنى أشهدك يا رسول الله، قال: ''أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟'' قال: لا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ''فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم'' قال: فرجع فرد عطيته، متفق عليه· ويذكر الدكتور عبد الباسط أحمد على حمودى في كتابه ''الإعجاز فى البيان النبوي''أن هذا الحديث يكشف أن المسلمين الأوائل كانوا يحرصون على تحرى الحلال ويخافون من الشبهات والآثام، وكانوا يشعرون بحاسة إيمانهم ما يحوك فى صدورهم مما لا يتفق مع شريعة الله· ويؤخذ من سياق الحديث وما ورد فى الرواية الأخرى ''لا أشهد على جور'' أن الهبة فى هذا المقام لا تجوز ولابد من العدل فى عطية الأولاد وأن تفضيل أحدهم حرام· وعلى هذا، فالحديث واضح فى ضرورة التسوية بين الأولاد، وواضح أيضًا فى أنه يجوز فى الرجوع فى الهبة إذا كانت تميز بعض الإخوة على بعض، واختلف الفقهاء فى الرجوع هل هو جائز أو مستحب أو واجب، والذى يبدو راجحا أن التسوية بين الأولاد واجبة، وأن الهبة إذا كانت تميز بعضهم بما يؤدى إلى العقوق وقطع الصلة بين الأرحام فإنها حرام· ويؤخذ من الحديث أن الإشهاد على الهبة مشروع وليس واجبا· ويشدد الدكتور زكريا أحمد محمد نور على ضرورة عدم التفرقة بين الأولاد بالهبة لأحدهم على حساب الآخر، لأن الرسول أولا لم يوافق على هذا الأمر· وثانيا إن مثل هذا السلوك يخلق بين الأخوة نوعا من الكره والضغينة وعدم الحب وربما يقود فى النهاية إلى الفرقة بين الأشقاء والقطيعة· وثالث هذه الأسباب ربما يقود هذا السلوك إلى عقوق الابن لأبيه بحجة أنه ميز أخيه عليه، ويحدث نوعا من الانفصال بين الابن وأبيه من ناحية وبين الأخ وأخيه من جهة ثانية· ولأن النبى عليه أفضل الصلاة والسلام أدرك هذا المعنى البعيد والقريب الذى يمكن أن يحدث نتيجة التمييز بين الأبناء فلم يوافق على هذا الأمر، وحتى لا يحدث أى نوع من الصدام بين الأبناء والآباء، وحتى يضمن للمجتمع سبل السلامة والسعادة والتى تتمثل فى العدالة بين الأبناء وحب الأخ لأخيه· فالعدالة بين الأبناء فى الميراث، تحقق نوعا من الانسجام والمحبة والمودة المتبادلة· وتصبح هذه الأسرة نواة لمجتمع صالح يعلى من القيم الإسلامية ويتمسك بها بعيدًا عن الكره والبغضاء والشحناء· ويذكر الدكتور حمودة أن المتتبع لما يحدث فى العالم المعاصر يجد أن هناك اختلافا كبيرا بين مجتمع الرسول القائم على تحرى الحلال والحرام، وبين المجتمع الذى نعيش فيه، فنجد الآباء فى الوقت الحالى يميزون بين أبنائهم فى المواريث، بل أن هناك من الآباء ما يقوم بسلوك أسوأ من ذلك بأن، يجعل كل ميراثه لأحد الأبناء ويحول دون وراثة أبنائه الآخرين فيه· وفى الغالب يترتب على سلوك الأب العديد من المشكلات، مثل أن يقوم أحد الأبناء برفع قضية حجر على الأب، أو أن يتهمه آخر بضعف قواه العقلية ويحدث نوع من العقوق بين الأبناء الذين حرموا من الميراث وبين أبيهم· ليس هذا فحسب بل إن الأحفاد ينشأون على كراهية جدهم الذي حرمهم من أن يكون لهم نصيب من تركته· أما على محيط الأخوة وأبنائهم، فتجد الأخ الذى حرم من ميراث أبيه يكره أخيه الذى ورث أبيه، ويعلم أبناءه منذ الصغر على كراهية عمهم وأبنائه وتنشأ هذه الأسرة مفككة وغير مترابطة ودائما يكون بينها شجار ومشكلات· وفى بعض القرى الريفية فى محيطنا العربى يصل هذا الصراع إلى القتل· ومن هنا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لديه بعد نظر فى عدم تميز الأخ على أخيه بالهبة ولم يوافق عليها، حتى يضمن للإخوة عدالة فى توزيع الميراث، ومن ثم ينشأ الجميع فى جو إسلامي صحي بعيد عن المشاحنات والخلافات· وأن يحب الأخ أخاه وأن يرحم الأبناء الآباء· وبذلك تعيش الأسرة فى حب وسعادة· وحسب المسلم فى ذلك وصية النبى صلى الله عليه وسلم لأبى ذر بخصال منه أنه أوصاه بـ: ''أن لا يخاف فى الله لومة لائم ،أن يقول الحق ولو كان مرًا''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©