الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

على الخط - منصور عبدالله

11 فبراير 2006

مواعيد عرقوب الرقمية
أصبح لدى الفرد كل أدوات التكنولوجيا ولكنه يخلف بمواعيده· لا يغفر له شيء، لأنه يضع على مكتبه رزنامة، ومفكرة ورقية، ويمتلك في جهازه على رزنامة الكترونية، ومفكرة الكترونية، وحافظة العناوين Address Book وغير ذلك الكثير·
وهو يحمل اللاب توب، والموبايل والمنظم الرقمي الشخصي PDA، ويقود سيارة مزودة بوسائل الاتصال الحديثة، ويضع في جيبه بطاقات التعريف المليئة بعناوين البريد الالكتروني، فمن المفترض إذن أن يتذكر مواعيد جيدا فلا يخلف فيها، لأنه لا يعدم أي أداة تقنية يمكنه من خلالها تسجيل الموعد وتاريخه وزمنه، فالمواعيد أصبحت كغيرها من الأشياء الأخرى رقمية، أي يمكن حفظها في أي وسيلة تقنية حديثة·
بل بمقدوره أن يطلب من الكمبيوتر تذكيره بالمواعيد فيما لو قام بتخزينها، فهناك برامج ترسل إليه حسب توصيفه لها، رسائل تنبهه بالمواعيد قبل حلولها بوقت، فلماذا إذن الإخلاف بالمواعيد؟
تذكرني مواعيد هذه الفرد بما رددته العرب ولا تزال: 'مواعيد عرقوب'، ولكن عرقوبا القديم لم يكن لديه ما لدى عرقوب الحديث من وسائل التكنولوجيا، لكي يتذكر مواعيده بدقة· ربما كان 'عرقوب' الذي عاش قبل الإسلام معذورا لو أخلف بوعده، لأنه لم يعش في عصرنا الحالي، عصر تكنولوجيا المعلومات، ولكن عرقوب العصري لن تعذره وهو المدجج بكل أدوات التكنولوجيا، وعلى رأسها الموبايل، ويستطيع في أي لحظة الاتصال والاعتذار عن الحضور، بدلا من أن يتركك تنتظره، وأنت تراقب ساعة يدك، وتتلفت يمنة ويسرة، لعله يأتي··ولكنه لا يأتي·
عندما التقيت به، قدم لك بطاقة التعريف الشخصية التي تشتمل على 'كوكتيل' من التكنولوجيا: رقم هاتفه في المكتب، ورقم هاتف الموبايل، وعنوان بريده الالكتروني، وربما رقم الفاكس أيضا· تكونت لديك قناعة بأنه شخص دقيق في مواعيده، ولكن رأيك فيه تغير بعد أن فاجأك بعدم حضوره في الموعد المحدد ، دون أن يكلف نفسه عناء الاتصال الهاتفي، رغم اقتنائه للموبايل والبريد الالكتروني والفاكس·
الدقة في المواعيد لا تكون في اقتناء وسائل التكنولوجيا بقدر ما تكون في احترام المرء لها، ومن إدراكه بأهمية الوقت في حياته· ربما استطعت أن تحكم على شخص ما، من خلال مواعيده· فإذا كان دقيقا فيها، حسبته دقيقا في أشياء أخرى كثيرة، وإذا لم يكن كذلك، حسبته غير دقيق في العديد من جوانب حياته· ربما!
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©