الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سحر طه: أستحي من لقب مطربة

سحر طه: أستحي من لقب مطربة
12 فبراير 2006
بيروت - حسام العشي:
لمعت الفنانة العراقية الاصل سحر طه بغناء التراث العراقي بعد ان دربّت صوتها على كل الانماط الغنائية لتجد نفسها في مسار المدرسة الفنية العراقية المليئة بالحزن والشجن، ولأن العود آلتها المفضلة فهو رفيقها الداعم للسلطنة التعبيرية في كل وقفاتها المسرحية، ولأنها تفضل العمل الجماعي على الفردي كوّنت فرقة عشتروت الموسيقية التي تجوب بها كل الاقطار العربية· أما على صعيد الكتابة فقد قدّمت مؤخراً للمكتبة العربية أولى تجاربها كتاباً يحمل عنوان 'مقامات بغدادية'·
حاورناها حول التجربة، وكانت اجاباتها على النحو الآتي:
؟ لماذا 'مقامات بغدادية'؟
؟؟ كثيرون سألوني لماذا مقامات بغدادية فهو عنوان موسيقي لكتاب لا يمت للموسيقى بصلة، ولكني اردت تشبيه الحال العراقي اليوم بحال المقامات الموسيقية وسلالمها المتنوعة بدرجة كبيرة والتي نجد فيها الفرح والحزن والتقارب والاختلاف والتنافر والتوازي والتنافس الحاد والرومنسي والعنيف الصارخ والتأملّي وهذا بالفعل واقع الحال في العراق، فأحببت ان أسمي كتابي مقامات كون العراق اليوم يعيش هذه التناقضات الجامعة بين فرح وحزن·
؟ ولكن الفارق كبير بين المقامات الموسيقية وتلك الحاصلة على الساحة العراقية، فكيف استطعت التقريب بينهما؟
؟؟ رغم كل ما يحصل، يحيى الانسان على الأمل في الغد، وعلى الاختلاف والتنافس والحوارات لا تنسَ ان المرحلة الآن في العراق هي مرحلة تغيير تحمل صعوبات كثيرة لذلك حاولت من خلال تشبيه الواقع بالمقامات لأبراز الامل تماماً كالموسيقى عندما يطرأ عليها التطوير او التغيير تخرج عن الاطار التقليدي لتصل الى ما يحدد هويتها كما ان مبدعها لا يمكنه الانسلاخ عنها او التقوقع في ظل الاشياء التقليدية المتعارفة فهذا القلق والتفكير اللانظامي يوصل الى الهدف·
الانتماء
؟ هل تعيشين وأنت في لبنان الوضع الحاصل في العراق؟ وكيف تتلقين الأخبار؟
؟؟معايشة الوضع الحاصل في العراق في كل يوم مسألة محسومة وليس فقط عند سماع الاخبار، فأنا على اتصال مستمر مع اهلي عبر الانترنت، الامر الذي يشعرني بحالة انفصام في شخصيتي لأنني من ناحية أولى أشعر باتنماء قوي الى بلدي لبنان بكل ما تحمل الكلمة من معنى ومن ناحية ثانية أشعر بانتماء قوي أيضاً للعراق وأعتقد ان كل العرب مصابون بإحباط نتيجة ما يجري، والذي جرحني وأحزنني بعمق عجزي عن فعل أي شيء ومع كل هذا يبقى الوضع دافعاً للعمل الموسيقى والكتابي بشكل أكبر لذلك تراني متأثرة بالحالة الراهنة في حفلاتي، فأغنياتي وطنية ملتزمة او وجدانية تتحدث عن الارض او الرابط بها·
؟ كم حقق انتماؤك الى لبنان وزواجك فيه من إلغاء لمشاعر الغربة؟
؟؟ لم أشعر في اي يوم من الايام بالغربة في لبنان لأسباب عديدة ساهمت في ذلك منها مثلاً ان لبنان كبلد عربي شبيه جداً بالعراق بعاداته وتقاليده وحضارته وحسّه الوطني اضافة الى ان عائلة زوجي احتضنتني كعائلتي تماماً هذا الى جانب الاصدقاء الذين دعموني وشّجعوني سواء في الكتابة او في الموسيقى· في هذا البلد حققت شخصيتي اما العراق فقد كان مرحلة تأسيس بالنسبة لي· انهما بلدان أشعر بالانتماء العميق لهما فأنا لبنانية عراقية الأصل· والأهم ايضاً لبنان بلد الموسيقى والابداع لهذا صقلت تجربتي هنا بل اعتبر انها زادت غنى في مراحل مختلفة·
الصبر طيّب
؟ كيف تجدين تأثيرات بغداد الحضارة على سحر طه؟
؟؟ العراق بلد حضارة وليس كياناً مصنوعاً او مفبركاً هو كالشجرة جذوره عميقة في الارض والتاريخ، هو كالأسطورة بالنسبة لأي عربي لكثرة ما كتب وقيل عنه من أخبار وحكايات منقوشة في الزمن· بغداد مدينة جميلة جداً ليس لأنها مدينتي ولكن فعلاً عندما تزورها تحسّ بعبق الحضارات القديمة، تسير في شوارع الحضارة العربية كلها فترى مدارس المستنصرية والبناء القديم، تدخل شارع الرشيد فتشعر انك ستلتقي مع هاورن فيه، أثناء المشي بالكتب المرصوفة على جانبيه اضافة الى وفرة التماثيل للشخصيات العربية كأبي نواس وأبي جعفر المنصور وشهريار وشهرزاد وكهرمانة والمتنبي ومعروف الرصافي· انها مدينة تشعرك بأنك تملك قاعدة تجعلك فخوراً بنفسك بأساسك الذي جئت منه·
؟ ماذا تقولين لها اليوم؟
؟؟ أقول: الصبر طيب واتمنى على اهلي وشعبي في العراق ان لا يسمحوا لسوسة الطائفية الدخول او الانتشار لأنها متى تدخل البيوت تهدم البلد كله تماماً كما حصل خلال الحرب الأهلية في لبنان·
موقف
؟ مقامات بغدادية' هل هو تصريح اعتذار؟
؟؟ هو تصريح بكل شيء، اعتذار لها ولأمي وأهلي الذين لم استطع مساعدتهم، اعتذار لبلدي وشوارعها، لشجرة التوت التي زرعها والدي امام منزلنا، هو بكاء ونواح وأمل ورفض صارخ وقاطع للاحتلال دون أي مناقشة·
؟ هل هو التجربة الاولى على صعيد الكتابة؟
؟؟ ككتاب هو أول تجربة لي اما على صعيد الكتابة بالعموم، فأنا أمارس الصحافة منذ أوائل التسعينات، مع العلم ان كتابي هو مقالاتي التي كتبتها أثناء مشاهدتي لقصف بغداد حتى من قبل بدء القصف والاحتلال كنت أرى هذه الحرب وأشم رائحتها تزكم أنفي وأقلق من حالة الاكتئاب العامة السائدة على كل شيء والموجود في العراق حتى دجلة والفرات اراهما يبكيان كل يوم·
؟؟ الاثنان معاً، هذا الكتاب هو لأي شخص، ومن لا يعرف العراق بامكانه ان يقرأه فيتعرف على أمور عدة ومن يعرفه يقرأه فيتّعظ من أشياء كثيرة وإن كنا كعرب لا نتعّظ من شيء فهناك احوال هامة مررنا بها ولكن للأسف لم نستفد منها ولا أريد ان أحمّل الكتاب أكثر من تسجيل موقف ضد كل الذي يحصل، كما اتمنى ان يقرأه الشعب الاميركي لما هو خارج اميركا ليتعرفوا الى هذا البلد الحضاري·
مسؤولية الاختيار
؟ ماذا تصنفين نفسك اليوم مطربة أم كاتبة؟
؟؟ لا مطربة ولا كاتبة فاللقب الأول أصبح مستهلكاً ومبتذلاً جداً وحقيقة صرت أستحي إن نعتني أحد به، أما كاتبة فأنا ازاول هذا العمل بشكل متواضع ولكنه مرتبط الى حدّ كبير بالموسيقى· أحب ان أبقى في مجالي فالموسيقى عشقي توازيها الكتابة حولها مع العلم ان هذا العشق لا يكون دائماً وسيلتي التعبيرية لأنه بالنسبة لي ليس للاستهلاك ولا يمكن استخدامه الا في حالات وجدانية أعيشها مع نفسي ولكن امام الجمهور فالتعبير بالموسيقى قليل، خاصة ان منابر الفن اليوم يعتليها أشخاص يختلف فنهم عن لوني الخاص بي·
؟ متى ظهر دورك كموسيقية في الوطن العربي؟
؟؟ الوقفة الاولى: كانت سنة 1986 حيث كنت مطربة فرقة نبيه الخطيب وهي الخطوة الاحترافية الاولى لي في مجال الغناء، ثم أسست بعض الفرق الموسيقية التي تعنى بالتراث فطبيعتي تميل للعمل الجماعي وليس الفردي المشحون بالنرجسية ولكنه عمل صعب جدا· كما ان التراث كخط فني لا يمكن الاعتماد عليه في العيش ولكني استمريت فيه بعد ان مكّنت نفسي من كل انماط الغناء العربي حتى اتضحت شخصيتي بنمط التراث العراقي خاصة ان صوتي تعبيري وليس تطريبياً فهو لا ينتمي الى المدرسة المصرية بل الى العراقية حيث الشجن والتأمل الدرامي مع العلم ان هناك من لا يستطيع سماع صوتي لكثرة الحزن الذي فيه وأحياناً لا يفهمون اللهجة العراقية التي أغنيها الا ان هذا لا يمنع من ظهور الحاني الخاصة بالقصائد الفصيحة الصوفية ذات النفس العراقي·
؟ ألا تجدين ان المسار الذي توجهّت اليه في الغناء لا يتماشى مع الساحة اليوم؟
؟؟ صحيح، ولكن الانسان عليه ان يختار ما هو مقتنع به ولو لم تكن قناعتي موجودة بهذا النمط لما أكملت فيه أو اخترته وعلي ان اكون مسؤولة عن اختياري كي أنجح· فأنا أحب هذا النوع من الفن الذي له جمهوره الخاص اليس كل الناس يحبون ما نراه على الفضائيات·
مشكلة
؟ كم نحن بحاجة الى نهضة في المقامات الموسيقية؟
؟؟ نحن بحاجة للمحافظة عليها لأنها اندثرت بغالبيتها، فاليوم نجد بين كل ثلاثين لحناً واحداً شرقياً والباقي كله غربي، في العالم العربي بالكاد يعتمدون على عشرة مقامات موسيقية نتيجة للجهل بها، الآن فقدنا الخبرة والدراسة لكثرة التعلم على الكي بورد او البيانو وهي آلات غربية فكيف ستعطي الملحن الحق الشرقي او الأذن الشرقية· مشكلتنا هي في عدم توفّر العلم والخبرة عند الملحنين مما أدّى الى هذه المنظومة الاستهلاكية التي نسمعها·
؟ ما سر هذا التناغم والانسجام بينك وبين العود؟
؟؟ العود آلة جميلة جداً ورفيقة المطرب وسلطانة الآلات كما أني أرتاح كثيراً عندما أغني والعود في يدي فهو يساعدني على السلطنة وتداخل المقامات والموّال كما انها رخيمة، صوتها يدخل القلب مباشرة، والمفارقة الغريبة رؤية عدد كبير من الشباب يتوجهون الى المعاهد الموسيقية ليتعلموا العزف على العود الذي علينا الحفاظ عليه كواحد من التراث العربي ومع كل هذا فنحن ينقصنا الفكر الموسيقي الذي يدوّن لنا معلومات عن الآلات لنرى إن كانت تصلح ام لا·
طه بدلاً من خفاجي
؟ لماذا اخترت اسم الشهرة الذي يتبع اسم الزوج وليس عائلتك؟
؟؟ لم يكن هذا اختياري فعندما حصلت على الجنسية اللبنانية أعطوني اسم سحر طه فانزاح اسم العائلة الذي هو الخفاجي ليحل مكانه اسم الزوج وعلى كل حال هو أسهل لفظاً·
؟ ما جديدك اليوم؟
؟؟ شكّلت فرقة موسيقية مؤلفة من عشر بنات، تم اختيار 'عشتروت' اسماً لها نعمل فيها جماعياً نغني التراث العراقي والفلبناني وقد شاركنا في مهرجان جرش ومهرجان المدينة في تونس وفي معرض دمشق وأتمنى ان أجد الدعم لها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©