للبَدَوي في حياته علاقة حميمة بالناقة منذ الأزل، فهي ركوبه، ومشربه، وزاده، وعدته إذا جفَّتْ منابع الماء وغارت الشهب؛ لذلك كانت زينتهم وفخرهم رمزاً للعز والقوة، تدفع لإثبات السلم في الديات والعشور والمصالحات، وتدق بسببها طبول الحرب والإغارة، يدلِّلونها كما يدلِّلون بناتهم الأثيرات، ويذرفون الدمع عليها، ومن هذا المنطلق ترتبط الإبل كليّاً بأصحابها وتستطيع تمييز أصواتهم، وقد أصلت الثقافة العربية لحداء الإبل شعراً وموروثاً شفهياً متناقلاً، حتى أصبح حادي العيس رسول غرام يبلغ تحايا العاشقين لربات الخدور على هوادجهن، وهي تتمايل في سيرها.