السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ازدواجية المعايير خطر على الأبناء

ازدواجية المعايير خطر على الأبناء
29 نوفمبر 2008 01:03
تتشكل صور علاقة الأبناء بالوالدين وفق الأطر التي تحدد معالم هذه العلاقة، فنجد ميل بعض الأطفال الذكور للتعلق بالأم دون الأب، أو ميل الأنثى ناحية الأب، وتبادله مشاعر الحب والود والتفاهم أكثر من الأم· قد تبدو هذه الصور بسيطة للوهلة الأولى، ولكن مع تقدم الأبناء في العمر يكتشف أحد الوالدين أن علاقته بابنه أو ابنته قد انهارت فيها معايير الود والثقة والتفاهم الإيجابي التي تنشأ في الأساس نتيجة الإحساس بالأمان مع الأب أو الأم· فالفتاة في جميع مراحلها العمرية تتأثر بوالدتها، وتحاكيها في كل شيء، وتعتبرها مرجعيتها الأولى في جميع شؤون حياتها، وخصوصياتها، وفي مرحلة المراهقة بوجه خاص نظراً لحساسيتها، وطبيعتها الخاصة والحرجة، وكثيراً ما تكون هذه العلاقة حذرة، ومتوازنة، وتدرك الأم خطورة هذه المرحلة التي تمر بها الفتاة دون أن تشعرها بذلك أو تسبب لها أي توتر، أو عناء، أو انحراف عن الطريق الصحيح· الأمر ذاته لا يقل أهمية بالنسبة للمراهق الفتى، وحاجته الشديدة إلى أب قدوة، يفهمه، ويتفهم دوافعه وحاجاته وانفعالات، ونجاح المراهق في اجتياز هذه الفترة بسلام وتوافق يتوقف إلى حد كبير على علاقته بوالده في هذه الفترة· ولكن ماذا يكون عليه الحال في حالة تعلق الولد بأمه، والبنت بأبيها؟ ولماذا نرى كثيراً من حالات التمرد والعصيان بين الفتاة المراهقة وأمها؟ وهل مشاعر حب الأم لابنتها كافية وحدها لإقامة علاقة إيجابية بين الطرفين؟ الاحتياجات الأساسية تقول الدكتورة كريمة العيداني الأخصائية النفسية في وزارة التربية في أبوظبي: ''الأبناء في حاجة ماسة إلى المحبة باعتبارها من الاحتياجات الأساسية والمهمة، وغياب وفقدان المحبة، والحنان، من شأنه أن يسبب كثيراً من الاضطرابات السلوكية والنفسية، وإذا كانت مشاعر الحب هذه فائضة وزائدة لدى أحد الطرفين (الأب أو الأم)، من الطبيعي أن يقابلها تعلق وارتباط زائد من الطرف الآخر ''الأبناء''، ولكن لا يعني ذلك أن هناك خللاً في نفس أحد الوالدين، ولكن في كيفية التعبير عن حبه، في الوقت الذي يكون من الضروري الاعتماد على أسلحة أو وسائل أخرى تتسم بالحزم والشدة أن لزم الأمر، وعند الحاجة· وتضيف الدكتورة العيداني: ''علينا أن نتفهم إقبال كثير من الآباء على بناتهن بدرجة أوفر مقارنة بإخوانهن الذكور، ربما لإحساس الأب بحاجة ابنته إلى المزيد من الرقة والحنان في التعامل باعتبارها أنثى، أو لطبيعة الإناث التي تميل إلى الهدوء والطاعة والخجل والحياء مقارنة بالذكور· ومن جانب آخر، فإن توجه الأنثى ناحية الأب لا يعني في حد ذاته أنه يمتلك مميزات إيجابية إلى الحد الذي يجعلها تترك أمها وتتوجه إلى أبيها، لكن هذا يعود في الحقيقة إلى عدم وجود الاطمئنان الدافئ مع الأم مقارنة بالأب، فبعض الأمهات يتصفن بشدة التعامل مع البنات، بينما يكنَّ أكثر تساهلاً مع الذكور، وربما يعود ذلك لعدد من الأسباب أهمها الإعداد الاجتماعي للعائلة، حيث إن العوائل والأسر المحافظة ترى أن بقدر ما تحدد، وتهمش البنت، يحرر الولد، إلى جانب التركيبة النفسية للأم، وهذه التركيبة تتحكم في رسم طريقة التعامل التي تعتمدها الأم مع ابنتها، الأمر الذي يجعل البنت تفكر في الأب الذي تجده حضناً دافئاً لما ترغب أو تفكر فيه، مع الموازنة بينه وبين الأم· أما ما يخص الولد فنجده لو كان وحيداً في العائلة، فهذا يشكل أرضية سهلة للأم لممارسة دورها معه، وهكذا بالتأكيد مبني على الوعي الشخصي لكل من الولد والأم، فالولد عندما يتوجه للأم بهذا الشكل ليس معناه أن الأب مقصر بل انه يجد في الأم الملاذ الذي يحقق له ما يريد، لذلك أنصح الوالدين بضرورة خلق توازن معين يخلق بدوره شعوراً واضحاً لدى كل من الولد والبنت للاطمئنان لكل من الأب والأم، وبالطبع لا يتحقق هذا إلا بالتوازن الذي يتخذه الوالدان، وليحرص الوالدان على التعامل مع أبنائهما بقيم ومثل ومبادئ مثل الأمانة والصدق والوفاء بالوعد والمساواة والعدل والالتزام والإيثار، فهي كفيلة بإشعار الأبناء بنوع من الازدواجية في المعايير التي تسقط بالتالي مصداقيتها عندهم، ليشعروا بالأمان، فقليل من الجهد والصبر والدعاء يجعل الأبناء يشبون بسلام، وتتوحد العلاقة داخل الأسرة بشكل ايجابي، وخال من أية مشاكل· تقليد الأم ترى الأخصائية النفسية سوسن حلاوي :''أن علاقة الابن بالأم والبنت بالأب علاقة سامية جداً، وتعلق كل منهما بالآخر هو دلالة على الحب الزائد الذي يجمله الطفل سواء كانت ذكراً أو أنثى للوالدين، ولاشك أن هذه الصلة بين الأم والابن والأب والبنت لا تعدو أن تكون في إطار الأسرة فقط، ومتى كبر الأبناء نجدهم تلقائياً يميل كل جنس منهم لتقليد جنسه، فتتجه البنت لتقليد أمها والابن لتقليد والده في سلوكياته كلها ليصبح صورة طبق الأصل من الأب في المنزل وخارجه، كما نجده يمارس دور الأب في غيابه عن البيت· والبنت أيضاً تتجه لتقليد أمها في كل صغيرة وكبيرة حتى في وضع الماكياج والذهاب للأعراس النسائية وما شابه هذه الأمور· إن مسألة تعلق البنت بوالدها والابن بأمه أمر ملحوظ في معظم الأسر، والسبب في ذلك يرجع إلى ميل الأب لتدليل ابنته وفرض الشدة والقسوة على الولد حتى يشب رجلاً قادراً على تحمل المسؤولية في المستقبل، ومنذ الصغر يغرس الأب في نفس ابنه معاني المثابرة في الحياة وتحمل المشاق ومواجهة الصعاب· وفي المقابل، نجد أن الأم، ولرقة قلبها على ابنها، فإنها عندما تشاهد هذا السلوك الصارم الصادر من قبل الأب، تحاول التخفيف عن الابن بشتى الطرق، فتسعى لتدليله وتعويضه الحنان المفقود من قبل الأب، لدرجة أن الكثير من الزوجات يتشاجرن مع أزواجهن بسبب سلوكياتهم التعسفية مع أبنائهم الذكور، وبهذا نجد أن الأم هنا تغدو نبع الحنان والقلب الرحيم للولد أكثر من البنت، وشيئاً فشيئاً يزداد تعلق الولد بالأم ويتواصل هذا التعلق لدرجة تفضيل الأم للولد أكثر من البنت التي تنال الدلال المفرط من قبل والدها ومن والدتها أيضاً، لأنها في النهاية أنثى ولها نصيب الأسد من الحب·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©