الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«آخر نساء لنجة».. رواية الغياب والمساحات الزمنية والمكانية الشاسعة

17 يناير 2014 00:13
دبي (الاتحاد) - عقد نادي القصة التابع لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، مساء أمس الأول جلسة أدبية لمناقشة رواية «آخر نساء لنجة» للكاتبة لولوة المنصوري، وذلك في مقر مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بدبي. استهل الجلسة الناقد عزت عمر بقراءة نقدية للرواية تحت عنوان «المفارقات السردية.. نوستالجيا الغياب»، معتبراً أن الكاتبة ترصد حياة أسرة عربية طوحت بها الأقدار من لنجة مسقط رأسها في الضفة الشرقية للخليج، بعد احتلالها إيرانياً بتواطئ بريطاني نهايات القرن التاسع عشر، إلى المحرَّق، عبر ثلاثة أجيال، تمثّلت بالساردة الحفيدة ميعاد، وأمها حورية، والجدة رزيقة؛ والنسوة الثلاث يمثلن بطبيعة الحال، ثلاثة أزمنة مختلفة، تتقاطع فيها التحولات المتعددة باختلاف الأجيال والأزمنة والأمكنة، وما تنطوي عليه التحولات من اختلاف معرفي وثقافي بين الأجيال. ولكن غياب الأم المبكر يجعل (الحوار – الصراع) بين جيلين ما يزيد من الهوة، في شريط السرد، الذي يقوم على تداعي الذكريات أو استعادة الماضي بشكل غير منتظم، وهو ما سماه الناقد «المفارقات السردية». ويرى الناقد أن الكاتبة افلحت في لملمة هذه المشهديات، وقدمتها على شكل نصر سردي متخيل، قد يرتبط بالسيرة، ولكنه يفارقها فنياً، لأن كتابة الرواية ليست سرداً إخبارياً لحوادث جرت في التاريخ يدونها الكاتب ثم يسميها رواية، وإنما الرواية هي تاريخ حياة حافلة لشخوص خلقتهم لولوة المنصوري من لحم ودم وأعصاب ومشاعر وآلام وآمال، جمعتهم في خيالها، وسافرت مع حكايتهم لنحو قرن من الزمان، لتقدم إبداعاً ثرياً يبعث على البهجة، على الرغم من معاناتها الشخصية والمآسي التي عاشتها لنجة وسيداتها وأبناؤها كافة في المغتربات التي لجؤوا إليها، فالشخوص يعصف بهم واقع قدري عنيف لا مناص منه، بدّد مجتمعهم وفّرق شملهم، فلا غرابة أن يتلمس القارئ ديمومة قلقهم، نظراً لأن إقصاءهم عن الحاضنة (موطنهم الأم) مازال أشبه بجرح نازف صعب الالتئام، لأنه غائر في المشاعر والوجدان، ولا غرابة أيضاً في أن تتكاثف هذه المشاعر في لحظة إبداعية للتعبير عن كل هذا الغياب «الغياب عن لنجة، فتغدو حلماً، غياب الزوج يوسف، غياب الأم حورية، غياب الأب راشد، غياب الحبيب سالم، فلا يبقى في المتن سوى الجدة رزيقة والحفيدة ميعاد تسعيان لاستعادة ما سرق منهما في زمن مادي صعب وقاس، يمكن للقارئ تلمس آثاره عليهما حالما اضطرت ميعاد للبحث عن عمل مناسب». ويلاحظ الناقد أن تقنية تبادل الرسائل لها حضور كبير في الثقافتين العربية والعالمية، وقد وظف الروائيون هذه التقنية في كثير من أعمالهم، وربما كان محمد حسين هيكل أول من وظف هذه التقنية في رواية «زينب»، وقد استثمرها الروائيون العرب من بعده لأغراض مختلفة، غير أن لولوة المنصوري ستخصص قسماً كبيراً من روايتها للرسائل المتبادلة ما بين ميعاد وسالم، وبذلك يصبح سالم راوياً ثانياً، فينهض السرد على راويين ممثّلين في المتن، يسعيان لتقديم ذاتيهما كعاشقين، أو لإضاءة بعض القضايا الكبيرة، أو لتبيان بعض ما أشارت إليه ميعاد فيما سبق، وبخاصة تاريخ لنجة ورجالها، معتقداً أن الروائية أجهدت نفسها باعتماد هذا الأسلوب، الذي يعتبر من أصعب الأساليب السردية، وهو إلى ذلك اسلوب نخبوي يثابر على موضعة اللغة خارج إطارها الاجتماعي النابض بحياة الشخوص البسطاء. كذلك يأخذ عزت عمر على الرواية إغراقها في الشعرية، معتبراً أن ذلك يربك القارئ «تبعاً للتبعثر المجازي الذاهب في وجهات غامضة تحتاج إلى تأويل على الدوام» ما أسفر عن تعطيل تدفق الأحداث وانسيابيتها، فضلاً على رغبة الكاتبة في إسباغ الغموض في استهلالات روايتها واعتمادها الأسلوب الإشاري لأحداث لا يجد القارئ فاعليتها إلا في نهاية الرواية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©