الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ماذا ينقصنا؟

2 يونيو 2014 23:24
كنت أتأملهم، مجموعة صغيرة من الكتّاب العرب والأجانب من المقيمين في الدولة، اجتمعت بنا ايزابيل أبو الهول مديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب لتعرف مقترحاتنا وملاحظاتنا حول المهرجان، وإن كانت لدينا أي أفكار للتطوير. طرح أحدهم أن يتم تسجيل الندوات وبثها على اليوتيوب، ودار جدل بين الكتّاب الأجانب حول أن هذه الفكرة يمكن أن تجعل كلام الكاتب مكرراً في ندوات أخرى بالنسبة للجمهور الذي يتابعه، وتطرقوا لحقوق الطبع والتوزيع لكتبهم الخ.. يتكلمون بحماس وحرارة وحيوية عن أن كتبهم هي مصدر دخلهم، وبالتالي كل ما يمسها ويمس ظهورهم الإعلامي يجب أن تتم مداولته مع دور نشرهم بالرجوع إلى العقود المبرمة بين الطرفين. وكنت في داخلي أضحك. فحين يأتي ذكر عقد مع دار نشر عربية نتندّر بالأمثال العربية المتداولة «يا أخي بلّه واشرب ميّته»، «عقد إيه اللي انت جاي تقول عليه»! نحن نكتب وننشر الكتب غالباً على حسابنا الخاص، ولكن كتبنا في أغلبها لا توزع، قد يطبع الكاتب منا ألفي نسخة حسب العقد، لكن لن يعلم إلا الرب كم بالفعل قد طبع. تجد على غلاف بعض الروايات أنها الطبعة الثالثة والعاشرة، وربما كل طبعة لم تتعد أصابع اليد الواحدة أساساً، وهناك كتب يعاد طباعتها دون أن يتم الرجوع إلى الكاتب ودون أن تتم الإشارة بذلك على غلافها. حقوق كاتب؟ توزيع؟ دعاية؟ تسويق؟ مصطلحات لا توجد في قاموس الناشر العربي، إلا من رحم ربي. يقول لي أحد الكتاب العرب الحاضرين ممن يكتبون بالإنجليزية، إنه يحاول التحول إلى الكتابة باللغة العربية. فتُطرح تساؤلات مثل ولكن لماذا تود فعل ذلك؟! من سيقرأك؟ الجمهور العربي لا يقرأ ولا يحضر الندوات في الأغلب، وأتساءل أين يكمن الخلل؟ هل كل المحتوى المكتوب باللغة الإنجليزية ذو جودة فعلية تستحق انتشاره فعلاً؟ هل المحتوى المكتوب باللغة العربية أقل جودة وجذباً؟ وإن صح ذلك في البعض فهل يصح في الكل؟ أليست المسألة في النهاية وفي جزء كبير منها تعتمد على ذكاء التسويق الذي يوجه أذواق القراء للإقبال على كتاب دون غيره برعاية الوكيل الأدبي المفتقد أساساً في الوطن العربي؟ ما الذي ينقصنا لكي تكون صناعة الكتاب العربي نظامية احترافية تنافس بالمحتوى العربي المنتج العالمي؟ وأجد مجرد هذا التساؤل مغرقاً في الرومانسية وأنا أتذكر الخريطة العربية، وكل تلك الجموع البشرية اللاهثة وراء تحصيل أساسيات حياتها لكي تعيش. كل تلك الفوضى العاصفة بالعرب، على المستوى العام، كيف يمكن للفرد أن ينهض لوحده لو كان المحيط العام يسحبه لقاع التهالك للبقاء على قيد الحياة. كيف يجد الكتاب طريقه إلى يدي إنسان تحفران في الهواء الملوث بحثاً عن ثغرة نحو هواء نقي. نحن شعوب متعبة. هل يقرأ المتعب؟ هل يملك رفاهية الجلوس الخالي من الهم لقراءة كتاب؟ تداعب إحدى الكاتبات العربيات الحاضرات شعرها وهي تتحدث بإحباط عن تجاربها مع الناشرين. فيما أفكر أنا في تحديات الكتابة. نعم نحن محبطون. هل يُنتج المحبط؟ هل العيب في الناشر الذي لا يهتم بالتوزيع؟ أم في الفرد الذي لا يهتم بالقراءة؟ أم في الكاتب الذي لا يشتغل على نفسه؟ أم في المنظومة الاجتماعية التي تخلت عن دورها الطبيعي في الرقي والارتقاء، وجلست القرفصاء تراقب بعضها بعضاً وهي «تأزأز اللبّ» وترمي قشوره حولها؟ أم الخطأ في المنظومة السياسية سواء تلك التي ترعى الأولاد الصالحين أو تلك التي تتركهم عرضة لأخطار الطريق؟ لماذا لا نقرأ؟ سؤال كبير. أكبر من قضية ناشر ومكتبة وكتاب. Mariam_alsaedi@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©