الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

العجوز الخجول.. أيقظت العالم بابتسامتها

العجوز الخجول.. أيقظت العالم بابتسامتها
22 أغسطس 2017 22:22
نوف الموسى (دبي) لا أحد يجيد صُنع ثقافة اللحظة كالشاعر، فهو الذي يرسم متاهاته ويصل بها إلى ذروة المدى. ومهما تنوعت المسارات، بين جذور الألم وأغصان الفرح، إلا أنه يجعلك تبتسم بعد نهاية كل قصيدة، كأنك اكتشفت لحظة ما مرت عليك يوماً، ولم تنتبه لها أبداً. إذاً فهو «الانتباه»، قمة الملاحظة، القدرة المرئية على متابعة سير الحياة بين تفاصيلها الدقيقة المتصلة ببعضها بعضاً، ومزجها بساحرية اللغة، وجعل القصيدة تعيش اللحظة في اللحظة نفسها، ما يعني ديمومة خالدة، وقوة في الحضور. أنجزت جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، دوراً مهماً أثرى ثقافة «فوتوغرافيا اللحظة»، عبر مسابقة دولية عالمية، اتخذت من «اللحظة» مصدراً ملهماً في العمل الإبداعي. ويمكن القول إنه مهما تعددت أشكال الإنتاجات الفنية، فإذا استطاع مُنتجوها تحويلها إلى فنتازيا من القصائد الشاعرية، يضمنون بذلك خوض اللحظة، وليس ذلك فقط، بل يضمنون أيضاً، أن تصل الصورة إلى العالم أجمع ويتفقون جميعهم على جمالها، لأنها جعلتهم يبتسمون. أنها لحظة أخاذة، تلك التي ترى فيها سيدة عجوزاً تضع يدها على فمها من شدة الخجل، كالأطفال تماماً، إنه الاستحياء المفرط حد الابتسامة، أتقنها المصور الفوتوغرافي العُماني نضال السالمي (شارك بعمله الفوتوغرافي هذا، في موسم سابق للجائزة ضمن محور «بالأبيض والأسود»، وتم عرضه في أغسطس الجاري بمعرض فني لمجموعة مختارة من المحور نفسه في مركز دبي مول التجاري)، فما تقوله اليدان، ليس تماماً ما تصرح به العينان، فالأيدي تقف بثبات إخفاء الشعور، بينما العيون تكشف بوضوح وصراحة تشكلات الرغبة شبيهة بكرة الفيلم القديم التي تنتج من خلال كل رمشة عين مشهداً للقصة. وضعية الأصابع في الصورة تستمد قوتها من التحرك الداخلي أمام عدسة الكاميرا، فالعجوز لا ترى أمامها جمعاً أو أُناساً، بل تقف مباشرة في مواجهة تامة مع الثقب الأسود، العدسة الدائرة المركزية لكيفية التقاط اللحظة، وبالطريقة نفسها يمر الشاعر عبر وفي ثقب اللحظة، دون أن يلحظ عليه أحد، وجّل الانتباه في كلا الحالتين القصيدة والصورة الفوتوغرافية، يتجسد بالنسبة للمتلقي بعد انتهاء الرحلة الإبداعية في اللحظة، حيث يراها وهي تتحدث عن قصتها، كالمخضرم الذي جال العالم، وجلس يدون مغامراته بشغف لا متناهٍ، مصرحاً باسم التجربة، عن جعبته المليئة بالحب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©