الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العسكرية في إسرائيل... أزمة خدمة «المتدينين»

19 مايو 2012
على رغم تعزيز رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لائتلافه الحكومي بعد توصله إلى اتفاق مع حزب الوسط، "كاديما"، لمواجهة التحديات التي تطرحها الأحزاب الصغيرة داخل حكومته، يظل "يوئيل كويس"، المنتمي إلى التيار الديني المتشدد في إسرائيل بجدائله المتدلية على كتفيه مصمماً على معارضة سياسة نتنياهو والحكومة الجديدة فيما يخص اليهود المتدينين، ولذا يعكف "كويس" من داخل مكتبه الضيق في القدس المحتلة على تدبيج المنشورات التي يوزعها على سكان الحي ويعلقها على الجدران وفيها يعلن مواقفه الدينية الواضحة حول عدد من القضايا المعاصرة. وفي واحد من الملصقات يطلب من القراء مقاومة المؤامرة التي يتم طبخها ضد اليهود المتدينين ومحاولة جرهم إلى أداء الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، علماً بأن طلاب المدارس الدينية في إسرائيل يستفيدون من إعفاء من الخدمة العسكرية. وعن هذا الموضوع يصرح "كويس" وهو جالس في مكتبه الذي تعلوه صورة له تظهره في اشتباك مع الشرطة بمعية ناشطين من منظمات يهودية مناهضة للصهيونية قائلاً: "نحن مستعدون للذهاب إلى السجن لو اقتضى الأمر، نحن نشعر بأننا محميون من الله". ولكن نتنياهو ومعه زعيم حزب الوسط، شاؤول موفاز، تعهدا بأن أول ما سيقومان به بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة هو تمرير قانون ينهي الإعفاءات العسكرية المنتشرة على نطاق واسع لدى طلبة المدارس الدينية، بحيث تحولت هذه القضية المثيرة للجدل إلى كابوس حقيقي للسياسيين الإسرائيليين، فعدم تمرير القانون سيطيل أمد النظام الذي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته، فيما الإصرار على إقرار القانون المانع للإعفاءات من شأنه أيضاً تأجيج ما يشبه الحرب الثقافية داخل إسرائيل. ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تعهد بموازنة جميع المواقف حتى لا يتواجه الرأي العام في صراع غير مرغوب فيه، يرى المحللون أن الوقت لاحتواء الصراع قد فات، ولاسيما في ظل الاستياء الكبير لدى الغالبية العلمانية في إسرائيل من اليهود المتدينين المعروفين باسم "حاريديم". وعلى رغم ما يبدو عليه الجدل من تركيز على الجانب العسكري، بحيث ينص القانون في إسرائيل على إجبارية الخدمة العسكرية، إلا أن القضية تتعدى ذلك إلى رغبة العديد من الإسرائيليين تقاسم أعباء المواطنة وضمان مشاركة فئة منعزلة تمولها الدولة وما فتئت تتوسع من حيث الحجم والنفوذ. وفي هذا السياق يقول "أوري ريجيف"، رجل الدين الإصلاحي المنتقد لمواقف المتدينين المتشددين "هناك اضطرابات تمتد إلى الجانب الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وتؤثر على روح إسرائيل"، مضيفاً أن "نمط حياة المتدينين المتشددين يشكل خطراً على استقرارنا". ويرجع تاريخ الإعفاء من الخدمة العسكرية في إسرائيل إلى أول رئيس للوزراء، ديفيد بن جوريون، الذي منح قلة من طلبة المدارس الدينية لم يكن عددها يتجاوز المئات إعفاء من أداء الخدمة العسكرية لما كان يُخشى وقتها من اندثار نمط حياتهم، ولكن اليوم توسع العدد ليمثل عُشر سكان إسرائيل البالغ عددهم 7,8 مليون نسمة. وفي عام 2010 لوحده حصل 63 ألفاً منهم على إعفاء من الخدمة العسكرية. غير أن ذلك تغير في شهر فبراير الماضي عندما قررت المحكمة الدستورية العليا إلغاء القانون القديم لرفع نسبة مشاركة اليهود المتدينين في الجيش الذي لم ينجح في ترغيب المتدينين في الخدمة العسكرية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نسبة المنخرطين منهم في الجيش لا تتعدى 15 في المئة مقارنة مع 75 في المئة من باقي اليهود في إسرائيل، ولذا تعهدت الحكومة في الأسبوع الماضي بصياغة قانون جديد يلزم المتدينين المواطنين العرب بأداء الخدمة العسكرية. وفيما ينقسم المتدينون المتشددون داخل إسرائيل إلى مجموعات مختلفة فإن هناك تفاوتاً بينها في درجة معارضتها لإلغاء الخدمة العسكرية، فأغلب الجماعات الدينية اليهودية المتشبثة بالتعاليم التقليدية للديانة اليهودية ترى أنه ما كان لإسرائيل أن ترى النور قبل ما يعرف بالعودة الثانية للمسيح، ولذا يعزلون أنفسهم عن المجتمع وعن كل ما يعتبرونه تأثيراته العلمانية، كما أن مواقفهم باتت تؤجج سجالاً واسعاً داخل المجتمع الإسرائيلي، ولاسيما فيما يتعلق بمطالب الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة. وبالنسبة للذكور ضمن هذه الجماعات الأصولية تتمحور الحياة حول دراسة التوراة. ولكن الجماعات الدينية المنغلقة على نفسها وعلى دراستها العقدية تمكنت على امتداد العقود الماضية من التغلغل في المجتمع وكسب نفوذ داخل السلطة للحفاظ على امتيازاتها وضمان دعم الدولة، وتم ذلك من خلال مشاركة الأحزاب الدينية الصغيرة في الحكومات الائتلافية المتعاقبة، بل إنها في بعض الأحيان ترجح كفة الأحزاب الكبرى لتضمن بقاءها في السلطة، مقابل دعم الدولة المتمثل في إعفاءات ضريبية. ومع أن الأحزاب الدينية ما زالت مشاركة في حكومة نتنياهو، إلا أن توسيع الائتلاف مؤخراً سيحد من نفوذها وقدرتها على التأثير في القرارات المهمة، وهو بالضبط ما يطمح إليه، "بواز نول"، الذي يقول إنه أكثر تمثيلاً لغالبية اليهود من المتدينين بقبعاتهم السوداء وجدائلهم المنسدلة، فمن موقعه كضابط احتياط في الجيش الإسرائيلي وكمستثمر بنكي نجح في حشد حركة احتجاجية تطالب بمشاركة المتدينين ضمن الجيش والمساهمة في تحمل أعباء الدولة، ومن خلال حركته تمكن من لفت انتباه السياسيين إلى الموضوع ومن بينهم نتنياهو، وعن موقفه يقول "بواز": "إن الأمر يتعلق بقيمة كبرى نتربى عليها في إسرائيل وهي ضرورة أداء الخدمة العسكرية". كارين برويارد القدس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©