الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الساوري يتتبع سليم بركات في كتابة الرواية

الساوري يتتبع سليم بركات في كتابة الرواية
19 مايو 2012
صدر حديثاً للناقد المغربي بوشعيب الساوري كتاب نقدي بعنوان “التباس هوية النص .. دراسة في تداخل الروائي والشعري”، ويقع في 125 صفحة من القطع المتوسط وقسم على ستة فصول. وفي مقدمة الكتاب يقول المؤلف “قليلة هي الأعمال السردية التي تلزم متلقيها الدخول إليها باحتياطات مضاعفة، إذ تنسج عبر لغة مشحونة بالدلالات والرموز شكلاً من الكتابة يتطلب من متناولها التفكير في إيجاد مخارج من فخاخ السرد المصاغ باستراتيجيات وتقنيات دقيقة، تفرض عليه مراجعة منطلقاته النقدية والمعرفية كل حين. ينطبق هذا على تجربة سليم بركات السردية. هو إحراج يتأسس على خبرة صاحبها باللغة العربية وتشعب متخيله وغنائه، وخصوصيته الكردية، التي تتطلب من القارئ أن يكون على اطلاع بالثقافة والتاريخ الكرديين”. وأضاف قائلاً “دشن سليم بركات ممارسة روائية يكاد ينفرد ويتميز بها، وتتمثل في اهتمامه الأنطولوجي بالأكراد، وقد تأتى له ذلك من درايته بالمتخيل والمأثور الأدبي والفني للثقافة الكردية، دون أن ننسى حياته الخاصة الغنية بالتجارب. يشتغل بركات في رواياته على البيئة الكردية بأسلوب ساحر، مستثمراً مؤهلاتها الثقافية والتاريخية بتحويلها إلى عناصر إشراق في سياق بنية نصوصه الروائية، وذلك بتمثل التاريخ الكردي المهمش والنبش في تفاصيله المنسية، وإعادة الاعتبار لأبطاله وشخصياته الواقعية والأسطورية”. وسليم بركات، أيضاً، واحد من الروائيين القلائل الذين يزاوجون بين كتابة الرواية والشعر، دون أن يحدث قطائع بين الجنسين، وذلك بالوفاء للمقومات الفنية نفسها والمنطلقات الجمالية، المستندة إلى اللغة التي تحظى بمركزية لا تضاهى في بناء متخيله الروائي. يحظى توظيف اللغة في المتخيل الروائي لسليم بركات بأهمية أكبر من الشعر؛ كون توظيف الخيال في الرواية أكثر منه في الشعر، ويكاد يكون متفرداً به. وتجلى ذلك منذ أعماله الأولى: سيرة الطفولة وسيرة الصبا وحتى في رواياته الأخيرة، وبشكل لافت استطاع بناء نسق روائي قادر على الامتداد خارج السرد المباشر ليعانق الشعري والأسطوري والرمزي، وهو ما حقق التباساً في الهوية النصية لديه. كما تجدر الإشارة إلى مرتكز آخر في الإنتاج السردي لسليم بركات وهو الخيال، فعلى الرغم من جموحه، يبقى خيالاً خادماً لبناء الرواية، خيالاً تنسجه إمكانات اللغة باستعاراتها وتورياتها وصورها الشعرية مزيلة الفواصل ومكسرة الحدود بين الطبيعي وفوق الطبيعي، بين الخرافة والخيال، حين تجعل الأسطورة تحادث الواقع الملموس، كما تضفي على الواقع طابعاً غرائبياً وتجنح به إلى معانقة عوالم الأسطورة المنطلقة بناء ومتخيلاً. يستوجب الحديث عن التباس هوية النص لدى سليم بركات الانطلاق من مسألة حضور الشعر في رواياته استحضار سياقين: الأول: ويهم الرواية العربية ككل وتمثل في مسعاها بعد هزيمة 1967، خصوصاً في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، نحو تجديد رؤاها الابتدائية وبحثها عن أشكال وآفاق جديدة للإنتاج. الثاني خاص: وهو كون سليم بركات شاعراً يزاوج بين كتابة الشعر والرواية، فمن الأكيد أن يتداخلا في نصوصه الروائية ويسهما في نصوصه بالتباس في سؤال الهوية. ويتقوى هذا الالتباس، بشأن هوية نص معسكرات الأبد، وكان سليم بركات يتمرد على الميثاق الأجناسي، فنجده خالياً من أي ميثاق أجناسي. الميثاق الذي يفرض على المتلقي استدعاء تصور أجناسي مسبق، ويقوم بتوجيه تأويل وفهو النص، لأن القراءة خاضعة لحدود التقليد الأجناسي، الأمر نفسه بالنسبة للكتابة. لذلك تبقى مسألة تحديد الجنس الأدبي ضرورية لمقاربة أي نص أدبي. يضعنا سليم بركات أمام نص يطرح إشكالاً أجناسياً، يقوض الهوية النصية، يتوسل بالشعر، ولا يقطع الصلة مع السرد الروائي. وهو ما يقودنا إلى طرح التساؤلات التالية: هل العناصر الشعرية عندما تدخل إلى الرواية تغيرها أو لا؟ هل تعمل مثلما تعمل في الشعر؟ أم تتخذ شكلاً أخر يتلاءم مع أجواء التخييل الروائي؟ ما الغاية من توظيف عناصر الشعر في الرواية؟ هل هي غاية شعرية وجمالية؟ أم لخدمة العناصر الروائية؟ هل تحضر بشكل عفوي أم أنها تدخل في إطار تصور عام للكتابة؟ هل هي تعبير عن ضرورة تحتم تكسير الحدود بين الأجناس الأدبية؟ نحن نعلم أن الرواية تقوم على السرد والخبر، قصة متخيلة أو واقعية، وأحداث تقوم على القول، وتبتعد ابتعاداً كلياً عن الواقع والمرجع، لكن عندما توظف الرواية الشعري هل تحسم مع العالم الخارجي ومع الإيديولوجي؟.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©