الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هجمات مومباي: هل تهدد الاستراتيجية الأميركية؟

29 نوفمبر 2008 03:45
جاءت الهجمات الإرهابية الأخيرة التي هزت مدينة مومباي الهندية بينما كانت فيه باكستان والهند، القوتان النوويتان العدوتان لبعضهما البعض، تسيران معاً في طريق تحسين العلاقات الثنائية بتشجيع من الولايات المتحدة، وخاصة من الإدارة الأميركية المقبلة· لكن بعد العمليات الأخير قد نشهد انحرافاً لهذه المسيرة عن سكتها المرسومة، مع تداعيات قد تكون وخيمة على المساعي الأميركية، لاسيما إذا اكتُشفت أدلة تشير إلى تورط طرف باكستاني في العمليات التي يبدو أنها خططت بشكل محكم· وفيما سارعت الهند إلى إعلان شكوكها تجاه جارتها، أنكرت باكستان بشدة أي علاقة لها بالعمليات الإرهابية ونفت ضلوعها في الأحداث الأخيرة· والواقع أنه أياً كان المسؤول عن هجمات مومباي الدامية، فإن حجمها وطبيعة الأهداف التي ابتغتها، سيُصعبان على الإدارة الأميركية القادمة مهمتها في التقريب بين البلدين ودفعهما إلى تطبيع علاقاتهما· فقد برزت المصالحة بين الهند وباكستان كركن أساسي للسياسة الخارجية التي ينتهجها الرئيس المنتخب، باراك أوباما، والقائد الجديد للقيادة المركزية، الجنرال ديفيد بيتراويس، وذلك بهدف إقناع إسلام آباد بتقليص التركيز في جهدها العسكري على الهند والالتفات أكثر إلى مقاتلة المسلحين في مناطقها القبلية التي ينعدم فيها القانون ولكي تشن هجماتها داخل العمق الباكستاني· وبجر المؤسسة العسكرية في إسلام آباد بعيداً عن الهند وجعلها تصب كامل اهتمامها على التصدي لـ''طالبان'' وشركائها في تنظيم ''القاعدة''، يعتقد المسؤولون الأميركيون أن ذلك من شأنه إضعاف قوة المسلحين الذين يقاتلون الأميركيين وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانتسان· غير أن هجمات مومباي، بطابعها المدمر الذي رأيناها عليه، سواء أكانت لها علاقة في النهاية بإحدى الجماعات المحلية أو بخيوط خارجية، أو حتى الاثنين معاً، قد تتسبب في توتر العلاقة بين البلدين وتضفي مزيداً من مشاعر عدم الثقة بين الجميع، وهو ما سيعطل، على الأقل في اللحظة الراهنة، التطلعات الأميركية إلى إحداث مصالحة تاريخية بين الهند وباكستان· ولم تتأخر الإشارات المقلقة من جانب الهند، والتي ستشهد تنظيم انتخابات في الأسبوع المقبل، حيث انتقدت بشكل حازم وصريح جارتها، وتبنى رئيس الوزراء الهندي ''مانموهان سينج'' في خطاب إلى الأمة، نبرة حادة لا تبعث على الارتياح، رغم أنه دافع في الماضي عن نهج معتدل في التعامل مع باكستان· وأشار رئيس الوزراء الهندي إلى احتمال أن تكون للهجمات ''صلات خارجية'' وإلى أنها نفذت من قبل جماعة ''تنشط خارج البلاد''، محذراً من أن هناك ''ثمناً'' سيدفعه ''جيراننا'' إذا تبين أن أراضيهم استخدمت منطلقاً لتنفيذ الهجمات· ومع أن رئيس الوزراء لم يُنحِ باللائمة مباشرة على باكستان، إلا أن كل من شاهد التلفزيون الباكستاني ليلة الخميس يعرف المقصود من خطاب ''سينج''، ولربما سيعرف أيضاً أن التاريخ الطويل من تبادل الاتهامات بين البلدين قد عاد مجدداً· وفي السياق نفسه، أفادت ''هيندوستان تايمز''، الصحيفة الهندية النافذة، يوم الخميس الماضي أن الأجهزة الأمنية في الهند تعتقد أن الهجمات المتعددة التي تعرضت لها مومباي هي من صنيع الجماعة الإسلامية المعروفة باسم ''لشقر طيبة'' التي تعمل من باكستان· فحسب الصحيفة، أعلن المسؤول البارز في وزارة الشؤون الداخلية ''كوماوات'' أن تورط ''لشقر طيبة'' احتمال وارد بقوة، لكن الصحيفة امتنعت عن الإشارة إلى أي دور للاستخبارات الباكستانية في مساعدة الجماعة الإرهابية، وهو الدور الذي دأبت الحكومة الهندية على إسناده إلى ذلك الجهاز الباكستاني في تدبير العمليات الإرهابية السابقة على الأراضي الهندية· ولاشك أنه إذا اكتشفت الهند أي علاقة للاستخبارات الباكستانية بهجمات مومباي، حتى لو كانت عناصر مارقة داخل الجهاز الرسمي، فإن العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي شهدت تحسناً في الآونة الأخيرة، ستعود إلى ما كانت عليه في السابق، وربما ذلك هو ما حرك أصلاً منفذي الهجمات والجهة التي تقف وراءهم· ويقول في هذا الصدد مسؤول أميركي، رفض الإفصاح عن اسمه، ''إذا اعتقد الهنود أن لشقر طيبة، أو القاعدة مسؤولة عن الهجمات، فإننا سنشهد أزمة كبيرة شبيهة بتلك التي حدثت عام 2002 مع تنامي الضغط على أميركا بالتدخل لنزع فتيل التوتر، والأهم هنا هو ما إذا كانت الهند سترصد دوراً ما للاستخبارات الباكستانية في تنفيذ الهجمات''· وترجع أزمة 2002 إلى الهجوم الذي استهدف البرلمان الهندي في نيودلهي وأسفر عن مقتل عشرات الأشخاص، وقد قامت الهند حينها بتوجيه الاتهام فيه إلى مجموعة جهادية تطلق على نفسها ''جيش محمد''، مشيرة إلى الاستخبارات الباكستانية، وهو ما دفع البلدين إلى شفير الحرب حين حشدا قواتهما على الحدود المشتركة الممتدة على 1800 كلم· ومن ناحيته، يبدو الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، متمسكاً بالأجندة الأميركية الرامية إلى تحسين العلاقات مع الهند، حيث يدرك زرداري، وهو رجل أعمال في الأصل، فوائد التجارة بين الهند وباكستان، لاسيما أن بلاده تعيش هذه اللحظة على قروض صندوق النقد الدولي، وهي في حال تطبيع العلاقات مع جارتها ستجني فوائد اقتصادية جمة· وفي إطار خطواته التقاربية مع الهند، دعا زرداري إلى رفع التأشيرة على الرحلات بين البلدين في نقلة نوعية عن الماضي، حيث لم تكن توجد رحلات جوية أصلاً بين إسلام آباد ونيودلهي، وقد ذهب الرئيس الباكستاني إلى أكثر من ذلك عندما اقترح، في حديث بالدائرة المغلقة مع مسؤولين هنود، التخلي عن ''سياسة الضربة النووية الأولى''· لكن الاقتراح جاء صادماً للمؤسسة العسكرية الباكستانية التي كانت دائماً ترفض التخلي عن عقيدة الضربة النووية الأولى، كما أن الأفكار التي طرحها زرداري لا تعكس سياسة المؤسسة الأمنية القومية في باكستان والتي قامت أساساً منذ تقسيم شبه القارة الهندية قبل 61 عاماً، على معاداة الهند واعتبارها التهديد الأول· جين بيرلي-باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©