الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاضطرابات التايلاندية··· ودور المؤسسة العسكرية

29 نوفمبر 2008 03:48
رغم المواجهات العنيفة التي قادتها القوى المناوئة للحكومة التايلاندية خلال الأسبوع الجاري، يبدو أن الحركة الاحتجاجية التي استماتت لشهور كاملة في مظاهراتها، وأصرت على مواقفها المعنلة المطالبة باستقالة الحكومة، بدأت تفقد زخمها الذي ميز تحركاتها السابقة· ففي يوم الثلاثاء الماضي، اصطدم ''التحالف الشعبي من أجل الديمقراطية''، الذي يقود المظاهرات ويتزعم الاحتجاجات مع الجماعات المؤيدة للحكومة· واستمروا في حصارهم لمطار ''دون موانج'' بعدما انتقلت إليه الحكومة وأقامت فيه مكاتبها المؤقتة لمباشرة أعمالها· ولم يكتف المتظاهرون بمحاصرة مقر الحكومة الجديد، بل اجتاحوا المطار الدولي الرئيسي بتايلاند في محاولة لقطع الطريق على عودة رئيس الوزراء ''سومكي ونجسوات'' من زيارته الخارجية، مما اضطر سلطات المطار إلى تعليق جميع الرحلات· لكن الاحتاجات العارمة التي شهدتها شوارع بانكوك طيلة الشهور الماضية وإعلان التحالف المعارض ''حربه الأخيرة''، فشلت في تحقيق أهدافها المتمثلة في دفع الحكومة إلى الاستقالة، أو التحريض على انقلاب عسكري يزيحها بالقوة، وفي غضون ذلك تناقص عدد المشاركين في المظاهرات بسبب الاضطرابات التي طال أمدها وتسرب الإحساس باليأس والتعب إلى نفوس العديدين منهم· ويعبر عن ذلك ''تيتينان بونجسوديراك''، المحلل السياسي في جامعة ''شولونجكورن'' التايلاندية قائلًا: ''لقد تعب المحتجون وفقدوا الكثير من حماسهم، وكلما طالت الاحتجاجات تجذر الشعور بالتعب، فقد وصلوا إلى حد يريدون فيه فقط إغلاق الملف''· وفيما غفا الكثير من المحتجين المنهكين على أرضية مطار ''دون موانج'' ليلة الاثنين الماضي، نام آخرون في العراء رغم ضجيج حركة المرور، ولعل ذلك ما دفع ''سونتورن راكونج''، المنسق العام للتحالف الشعبي من أجل الديمقراطية إلى الإعلان أمام الملأ: ''يجب أن نصل إلى نتيجة في النهاية إما النصر، أو الهزيمة، والحقيقة أني لست متأكداً من شيء''· وعلى مدى السنة الأخيرة، بذل التحالف جهوداً استثنائية للإطاحة بحزب ''قوة الشعب'' الحاكم الذي يتهمونه بشراء الأصوات للفوز بانتخابات السنة الماضية، لاسيما أن الحزب تربطه علاقات وثيقة برئيس الوزراء ''تاسكين شيناوترا''، الذي يعيش في المنفى· ورغم التقدير الذي مازال يحظى به رئيس الوزراء السابق في أوساط العديد من التايلانديين الذين ينظرون إليه كبطل، فإن ''التحالف الشعبي من أجل الديمقراطية''، الذي يقود المظاهرات ما فتئ يصوره على أنه المسؤول عما يجري في الحياة السياسية، وبأنه مازال يحتفظ بسلطة على القيادة السياسية في تايلاند، وخاصة تأثيره على رئيس الوزراء الحالي وصهره ''سومكي''· وقد وصلت الاحتجاجات ذروتها في أغسطس الماضي عندما اكتسح عشرة آلاف من المتظاهرين مقر رئيس الوزراء وحولوا المكان المحيط إلى فضاء تتناثر فيه الخيم المنصوبة، وهو ما اضطر أعضاء الحكومة إلى الهرب والتوجه إلى مطار ''دون موانج'' والاستقرار في جناح الشخصيات المهمة، كما عمد زعيم التحالف ''سوندي ليمتونجكول'' إلى توظيف القناة التلفزيونية التي يملكها لبث البيانات المحرضة على الاحتجاج والنزول إلى الشارع· ويرى المحللون والمراقبون للوضع في تايلاند أن الهدف النهائي من هذا التصعيد الذي تشهده شوارع العاصمة بانكوك هو دفع المؤسسة العسكرية إلى التدخل من خلال انقلاب عسكري لإرغام الحكومة على الاستقالة، لاسيما أن تاريخ البلاد حافل بالانقلابات العسكرية التي وصلت إلى 18 انقلاباً منذ الحرب العالمية الثانية، وحتى الإطاحة برئيس الوزراء ''تاسكين شيناوترا'' عام ·2006 لكن رغم الإشاعات التي تتردد عن قرب قيام الجيش بانقلاب عسكري تبقى احتمالات حدوثه بعيدة، حيث فضلت القيادة العسكرية -على ما يبدو- انتهاج سياسة رفع اليد وعدم التدخل في الاضطرابات السياسية التي تعصف بالبلاد بعدما أعلن قائد الجيش الجنرال ''أنوبونج باوشيندا'' عدم قدرة جنوده على مداواة الجراح السياسية لتايلاند· ويعتقد العديد من المراقبين أنه فقط بوصول الأمور إلى مرحلة متقدمة من الفوضى والعنف يمكن للجيش أن يتدخل ويمسك الأمور بيده، لكن آمال المتظاهرين الذين عولوا على استفزاز قوات الجيش للتدخل من خلال رشقهم بالحجارة والسخرية منهم في الشارع، تعرضت لخيبة أمل بعدما ضبط الجيش نفسه ورفض الرد على الاستفزازات· وفي نفس الأثناء، كان الوهن قد بدأ يتسرب بالتدريج إلى صفوف المتظاهرين، الذين تناقصت أعدادهم إلى أقل من ألفي شخص، وربما الأسوأ من ذلك المصاعب المالية التي تمر بها المؤسسة الإعلامية لزعيم التحالف الشعبي من أجل الديمقراطية والمهددة بمصادرة القضاء لأصولها بعد فشلها في تسديد الديون المستحقة عليها، والتي تصل إلى 133 مليون دولار· هذه الديون تراكمت بسبب النفقات الكثيرة للتحالف مثل إطعام المتظاهرين وتوفير وحدات البث التلفزيوني المتنقل مع ما يتطلبه ذلك من مهندسين وتقنيين، فضلاً عن المصاريف الأخرى التي أثقلت كاهل التحالف وتركته غارقاً في الديون· باتريك وين-تايلاند ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©