إدخال العقيق في صناعة الجنابي حماية لوحيد القرن

الجنبية·· تراث يمني عريق باتت عنوان هوية الشعب اليمني التي يعرفه بها العالم في كل مكان· وهي أيضاً زينة الرجال الذين يتحلون بها في أغلى مناسباتهم، وهي كذلك خزينة (أي ثروة) قد تصل قيمتها إلى بضعة ملايين من الريالات· مؤخرا لجأ اليمنيون الى استخدام عدة وسائل لتطوير صناعة الجنابي (الخنجر اليماني) بهدف حماية حيوان وحيد القرن من الانقراض، وتتمثل أحدث تلك الوسائل بصناعة رؤوس الجنابي من العقيق اليماني، مما يزيد من قيمتها، ويمنحها معاني تعكس ما يليق بالرجل عند حمله السلاح الابيض للزينة، وإن كان في بعض الحالات لايستطيع تمالك نفسه، فيقترف بذلك السلاح جرائم قتل· الجنابي اليمنية ذات المقابض المصنوعة من عاج وحيد القرن هي أغلى وأثمن الأنواع، وقد باتت تستخدم فى صناعتها مؤخراً قرون الأبقار الهندية جراء منع الحكومة اليمنية استيراد قرون وحيد القرن الإفريقية، وخصوصا بعد انضمام اليمن إلى اتفاقية تنظيم الاتجار في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية في العام·1997 ويعتبر اليمنيون التمنطق بالجنبية من ضمن التقاليد التي لا يحب الكثير منهم التخلي عنها، إذ يعتبرها البعض سمة مهمة للشخصية ورمزا للرجولة، حيث ينظرون الى المرء من خلال جنبيته، فكلما كانت ضخمة ارتقت مكانة الشخص الذي يحملها· وقد تفنن اليمنِيون في صناعتهم للجنابي وجعلوها عامرة بالنقوش والزخارف الفنية الرفيعة التي حولتها تحفة غالية الأثمان، فأصبحت تمثل مصدر دخل الكثير من الأسر وعامل جذب للكثير من الزائرين والسياح· وتتكون الجنبية من الرأس ويسمى رأس الجنبية، وهو الجزء الذي يتوقف عليه قيمة الجنبية، فهو بذلك أهم أجزائها· وقد امتهن الكثيرون صناعة الجنابي وبيعها بعد أن توارثوا هذه المهنة عن آبائهم وأجدادهم، حيث تكتظ أسواق صنعاء القديمة بمحلات صانعي وبائعي سلاح الجنبية· أهم أنواع الجنابي اليمنية يقول أحد المهنيين المحترفين في صناعة الجنابي سالم يحيي عمر صاحب محل في صنعاء القديمة، ان هناك عدة انواع للجنابي اليمنية وهي تتطور وتكسب ثمنها من نوعها، ولعل أهمها: 1- الجنبية القديمي: وهي من الحديد الهندوان، يجلب عادة من مناجم في الهند، أقرب الى الإستيل وهو حديد معالج يتعرض الى درجات حرارة عالية، وصقل بارع لظهور اللمعة، وعامة فإن الجنبية القديمي تكون قصيرة نوعاً ما، ويميل ثلثها الأسفل الى الانحدار والانحناء السريع ليعطيها شكلها المميز، كما أنَّها ليست عريضة، ويفضلها الجمالة في التحزم بها، وذلك كونها قد تستخدم لسرعة قطع حبال الحمول إذا عجز البعير عن السير بأحماله· 2- الجنبية القصبي: وهي لا تختلف في المواصفات من حيث التصنيع لها عن باقي الجنابي، ولا من حيث جودة وقوة الحديد، لكنها أطول من القديمي وأعرض بقدر بسيط· 3- الجنبية الحسيني: وهي أقصر من القصبي، وليست عريضة وقد تراجعت صناعتها واستخدامها بصورة ملحوظة· 4-الجنبية القبلي: وهي جنابي طويلة نوعاً ما وعريضة عرض كف الراحة، ويتناسب شكلها طولا وعرضا مع بعضها البعض، وتعتبر من أجمل الجنابي صنعا وحديدا وصقلا، كما أنَّها مرغوبة عند قبائل القبلة في حضرموت، وقبائل اليمن، وقبائل يام والدواسر، وهي أغلى الجنابي وأثمنها على الإطلاق· رؤوس الجنابي (المقابض) أما المهني مبخوت سعيد فيقول ''الرأس مصنوع من قرن حيوان وحيد القرن (الكركدن) ولونه يميل الى الاصفرار المشوب بحمرة خفيفة، ويصل سعر بعض الرؤوس إلى مبالغ خيالية في عمان وحضرموت واليمن، وكلما قدم الرأس وكثر عليه اللمس زان وتألق لونه، وكسب النعومة المطلوبة· أمَّا الرأس المصنع من عاج سن الفيل فيستقدم من الهند، لونه أبيض وقد يميل الى الاصفرار الخفيف أحياناً، ثمنه مرتفع بعض الشيء، لا يلقى إقبالاً من قبائل حضرموت، بينما يكثر استعماله في قبائل يافع حضرموت· الصناعة يروي مطهر المطري، صاحب محل لصناعة الجنابي في باب اليمن بسوق الملح، انه يقوم بصناعة رأس الجنبية بطريقة يدوية، وبآلات بسيطة تتولى التقطيع والنحت، لتصب الجنبية في قوالب خاصة بعد صهرها· ومن ثم يتم تزيين رأس الجنبية بقطعتين من الذهب الحميري او الفضة يسميان بالزهرتين، وهما على شكل جنيهات ذهبية دائرية الشكل تثبت من الخلف بقضيب او مسمار من النحاس، او من نوع هذه الزهرة نفسها، وقد تكون هذه الزهرات من الحديد أو الفضة المصبوغ باللون الأصفر او الأحمر الباهت، تصك عليها رسومات وأشكال مختلفة، منها فارس على صهوة جواده، ويحيط بأسفل رأس الجنبية ما يسمى بالمبسم، وهو إطار معدني مستطيل الشكل، يصنع غالباً من الذهب والفضة أو من كليهما، ثم تأتي بعد ذلك المرحلة المكملة للجنبية وهي صناعة نصل الجنبية، الذي يتكون من قطعة معدنية حديدية بالغة الحدة، في كل من وجهيها خط مجوف إلى الأعلى يسمح بدخول الهواء في جرح المطعون بالجنبية، ويؤدي إلى إصابة الجرح بالتسمم· ويقول يحيى قشاشة، وهو أحد مشرفي صناعة الجنابي بصنعاء، ''إن الجنابي الثمينة كثيرة في اليمن، وهي محفوظة عند أسر عريقة· وهناك جنابي موجودة يصل عمرها إلى نحو 400 سنة وتصل قيمتها إلى 3 ملايين دولار تقريبا''· ويعتقد الكثير من اليمنيين أن جنبية الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد الذي توفي في ديسمبر ،2007 وجنبية الشيخ ناجي الشائف أبرز مشايخ قبيلة بكيل، هما الجنبيتان الأغلى في البلاد