السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العجلة (3)

20 مايو 2012
نكمل اليوم حديثنا عن العجلة في ردات الفعل، واتخاذ القرارات، والتفوه بكلمات قد تسبب لنا الندم، في أحيان كثيرة تكون هناك لحظات فاصلة بين الصواب والخطأ في ردات الفعل. وقد رأينا في المقالة السابقة كيف أن الحكمة التي تقول «لا تبدأ بالدم فتندم» منعت الأب الذي غاب عن زوجته 20 عاماً من أن يقتل ولده الوحيد الذي لا يعلم أنه ولده، فقد ظن أن زوجته كانت تتحدث مع رجل غريب. ومما قاله لقمان لابنه وهو يعظه: «يا بني إني قد ندمت على الكلام، ولم أندم على السكوت، يا بني كذب من قال: إن الشر يطفئ الشر، فإن كان صادقاً فليوقد ناراً إلى جنب نار فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى؟ وإلا فإن الخير يطفئ الشر كما يطفئ الماء النار». قد نندم على فرص ضاعت لأننا تأخرنا في اتخاذ القرار حيالها، ولكننا سنكون في أشد الألم والندم إن تصرفنا تجاه أمر فكانت نتائجه سيئة وفيها ضرر علينا أو على غيرنا. خرج جنكيز خان يتجول وحيداً مع نسره، وبينما هو كذلك ابتعد عن حراسه حتى كاد أن يتيه في الصحراء، ولما أحس بالعطش أخذ يبحث عن ماء فوجد بركة صغيرة يتدفق إليها الماء من هضبة عالية، فملأ كأسه يريد أن يشرب، لكن النسر ضرب الكأس بجناحيه فأوقعه، فعاد الكرة يريد الشرب، وعاود النسر الضربة نفسها، وكرر هذا الفعل ثلاث مرات، وفي المرة الرابعة استشاط جنكيز خان غضباً وأخرج سيفه وضرب به النسر فقتله. ولما نظر إلى النسر ملقى على الأرض والدماء تتدفق منه شعر بالأسف لتصرفه، ولكنه تساءل بينه وبين نفسه عما دفع النسر لفعل ذلك، فصعد إلى الهضبة حيث مصب المياه، فوجد بها ثعباناً كبيراً ميتاً مرمياً على المصب، فأدرك أن النسر إنما كان يرمي بفعلته تلك حمايته؛ لأن المياه مسمومة فشعر بالندم الشديد لتسرعه بقتل النسر. هناك بعض الأمور تتطلب من الإنسان التسرع في عملها لأهميتها منها التصالح مع الآخرين خاصة الآباء وشريك الحياة، والأبناء، فمن الصعب على النفس مهما كابرت أن تكون بعيدة عن صلة الرحم، ومن الصعب على الإنسان أن يقاطع شريك حياته وقد قضى معه زمناً طويلاً، فالعجلة في حل الخلافات والنزاعات وإصلاح ذات البين وتصفية القلوب أمر ضروري يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع. كما أن المسارعة في التوبة من الذنوب والخطايا وطلب المغفرة من المولى عز وجل لا يدعان مجالاً لوسوسة الشيطان في تثبيط الهمم وتزيين الأمور بما يجعل الإنسان مستمرا في ذنوبه ومعاصيه، فكثير من أفكار الإنسان يلعب بها الشيطان، قال تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)(آل عمران:133). وفي المسارعة إلى عمل الخير صلاح وفائدة للإنسان والمجتمع، قال تعالى: (أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)(المؤمنون:61). نسأل الله أن يجعلنا ممن يحسنون التعامل مع الأمور بتروٍ، ويسارعون في عمل الخيرات وما فيه مصلحة للجميع، فالفرد لبنة المجتمع. dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©