الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رسالة بوتين للرئيس الأميركي القادم

8 أكتوبر 2016 22:13
من المتوقع أن ترث الإدارة الأميركية القادمة أسوأ علاقة مع روسيا منذ أن وصف رونالد ريجان الاتحاد السوفييتي السابق بإمبراطورية الشر. وبالحكم من خلال تداعيات بعض سياسات الرئيس فلاديمير بوتين، فإنه حتى دونالد ترامب الذي لديه شعور ودي نسبياً تجاه بوتين، سيواجه وقتاً عصيباً في محاولة إرضائه. وقد أوصل بوتين رسالته للرئيس الأميركي المقبل يوم الاثنين الماضي، فيما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها قد علقت المفاوضات مع روسيا بشأن وقف إطلاق النار في سوريا، وتحرك القوات السورية المدعومة من قبل روسيا لتتقدم في حلب. وفي مشروع قانون قدمه للبرلمان، هدد بوتين بإنهاء برنامج نزع السلاح المشترك بين الولايات المتحدة وروسيا -والذي يتم فيه تحويل الفائض من البلوتونيوم المستخدم في صناعة الأسلحة إلى وقود- ما لم تلبِّ الولايات المتحدة شروطاً معينة: - عودة البنية التحتية لمنظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» إلى سابق عهدها وتقليل عدد أفراد «الناتو» إلى مستويات عام 2000. - إلغاء قانون ماجنيستكي، الذي فرض عقوبات على بعض المسؤولين الروس بدعوى تورطهم في انتهاكات لحقوق الإنسان. - إلغاء كافة العقوبات الأميركية المفروضة على الأفراد والشركات الروسية. - تعويض الروس عن الأضرار التي لحقت بهم جراء العقوبات الأميركية. - تقديم «خطة واضحة عن التدمير الذي لا رجعة فيه» لفائض البلوتونيوم لدى الولايات المتحدة. وربما يكون بوتين قد «طلب القليل جداً»، بحسب ما كتب «ليونيد فولكوف»، وهو سياسي معارض لبوتين، ساخراً على الفيسبوك. وأضاف «كان ينبغي أن يطالب بعودة ألاسكا، والشباب الدائم، وتذكرة إلى ديزني لاند»! وحتى وإن كانت الإدارة الأميركية مستعدة لرفع العقوبات التي تم فرضها رداً على التدخل الروسي في أوكرانيا، فلن يوافق حتى الرئيس دونالد ترامب على هذا المطلب المهين الذي لا معنى له للتعويض -ولا سيما في ظل قرار روسيا المقابل بحظر واردات الأغذية الغربية، وهي الخطوة التي أضرت المستهلكين المحليين في المقام الأول. كما أن خفض قوات «الناتو»، أيضاً، يعتبر بداية غير ناجحة. لقد كان اتفاق البلوتونيوم رمزياً إلى حد كبير، وكان في مراحله الأخيرة على أي حال. وهو ينطبق على مجرد 34 طناً من كل جانب، وهي حصة صغيرة من الترسانة النووية لكل من الدولتين. وقد وضعت إدارة أوباما جانبها من البرنامج «على أهبة الاستعداد البارد» في عام 2014، بعد سلسلة من الخلافات على قضايا مثل كيفية التخلص من البلوتونيوم والتكلفة المرتفعة لتحويله إلى وقود للمحطات النووية. وقد أشارت هذه الخطوة إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لرؤية روسيا تتخلى عن جانبها في الصفقة، أيضاً. ويبدو أن اختيار بوتين للمكان كان يهدف إلى تذكير العالم بأن روسيا لا تزال قوة نووية ولديها فائض من البلوتونيوم، على العكس من معظم الدول في جوارها المباشر. ويأسف الرئيس الأوكراني «بيترو بوروشينكو» بمرارة على أن بلاده تخلت عن ترسانتها النووية في منتصف تسعينيات القرن الماضي في مقابل ضمان لا قيمة له الآن من روسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بأنها لن تتعرض لهجوم. ويريد «بوروشينكو» إقناع واشنطن بأن أوكرانيا تستحق الحصول على الأسلحة الأميركية الفتاكة، بعد أن خُدعت بتجريد نفسها من رادع قوي كان من الممكن أن يحافظ عليها دون مساس في عام 2014. ورسالة بوتين مفادها أن روسيا ستظل تتصرف على قدم المساواة، سواء أرادت الولايات المتحدة ذلك أم لا. وهذا تذكير للمرشحين الرئاسيين بأن تهدئة روسيا سيكون لها ثمن، وأن موقفها المبدئي في أي مفاوضات سيكون عالياً على نحو ملفت. ونظراً لأن الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها من غير المرجح أن تصعد نشاطها العسكري في سوريا، فإن روسيا تفعل ما بوسعها لضمان أن تحقق قوات الأسد فوزاً حاسماً في حلب قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم. وقرار الولايات المتحدة بالانسحاب من المحادثات يعني القليل بالنسبة لبوتين، الذي كان يحاول كسب الوقت بدلًا من التحدث على أي حال. ويدرك بوتين أن موقفه الصعب سيكون مكلفاً. ففي يوم الاثنين، اقترحت وزارة المالية تعزيز الجزء السري من الموازنة -الذي يتضمن نفقات عسكرية وأمنية- بنحو 680 مليار روبل (10,9 مليار دولار)، وهي الخطوة التي ستتطلب خفض النفقات الأخرى وزيادة العجز. ويعلم بوتين من تجاربه أن الروس سيتحملون المزيد من الصعوبات الاقتصادية إذا شعروا بأنه يواجه الولايات المتحدة. ومن الصعب معرفة كيف سيرد أوباما جدياً على مطالب بوتين. وعلى رغم ذلك، فإن الرئيس الأميركي القادم سيحتاج لأن يقرر ما يجب القيام به مع روسيا. ومن بين الخيارات تشديد العقوبات والانتظار حتى يضعف الاقتصاد من أجل الضغط على موقف الكرملين، بيد أن مثل هذا النهج قد تكون له أيضاً عواقب مباشرة لا يمكن التنبؤ بها في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. * كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©