السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأطباء يحذرون من الاجتهادات الشخصية.. والصوم يتوقف عـلى الحالة الصحية لكل مريض

الأطباء يحذرون من الاجتهادات الشخصية.. والصوم يتوقف عـلى الحالة الصحية لكل مريض
8 أغسطس 2010 21:35
شرع الله الصيام لحكم وأبعاد دينية ونفسية وصحية وتربوية، وهو فريضة وشعيرة أساسية من شعائر الإسلام، ومع حلول شهر رمضان الفضيل كل عام يطرح التساؤل القديم الجديد “كيف يصوم المرضى؟”، وإذا كانت فريضة الصوم قد فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين لصيام شهر رمضان المبارك، فإن هذه الفريضة قد اقترنت بالتشريع القرآني الكريم في قوله تعالى: “ومن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر..” إلى آخر الآية الكريمة. وإذا كانت القاعدة الفقهية تقول “لا ضرر.. ولا ضرار”، إذن كيف يصوم المرضى؟ وهل هناك مخاطر محتملة من جراء الصوم على مرضى الجهاز الهضمي، وضغط الدم، والقلب، والكبد، والكلى وأمراض الجهاز البولي، ومرضى السكر، والجهاز التنفسي، والمرأة الحامل والمرضع، وغير ذلك من أمراض؟ وكيف يمكن لهؤلاء المرضى أن يتجنبوا المضاعفات المحتملة نتيجة انقطاعهم عن الطعام أو الشراب لساعات الصوم؟ وهل هناك نصائح بعينها يسوقها الأطباء في هذا الصدد؟ وهل هناك أدوية أو عقاقير معينة لم تكن معروفة من قبل يمكن أن يستعين بها الصائم قبل انعقاد نيته على الصوم فجراً؟ ومتى يصبح الصيام خطراً ويلتمس الإفطار لهذا المريض أو ذاك تجنباً لأية مضاعفات تهدد حياته، ويتمتع برخصة الإفطار بناء على قرار الطبيب؟ يقول الدكتور ماك فادون، وهو من الأطباء الغربيين الذين اهتموا بدراسة الصوم وتأثيره على الصائم: “إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم، وإن لم يكن مريضاً، لأن سموم الأغذية والأدوية تتجمع في الجسم فتجعله مثل المريض، وتثقله فيقل نشاطه، فإذا صام الإنسان تخلص من أعباء هذه السموم، وشعر بنشاط وقوة لا عهد له بهما من قبل”. وتذكر المراجع الطبية أن جميع الأطعمة تقريباً في هذا الزمان تحتوي على كميات من المواد السامة، وهذه المواد تضاف إلى الطعام أثناء إعداده أو حفظه، بصورة غير مباشرة، مثل النكهات، والألوان، ومضادات الأكسدة، والمواد الحافظة، ومنشطات النمو، والمضادات الحيوية، والمخصبات أو مشتقاتها. وخلال الصيام تتحول كميات هائلة من الشحوم المختزنة في الجسم إلى الكبد، حتى تؤكسد وينتفع بها ويسترد منها السموم الذائبة فيها وتزال سميتها ويتخلص منها مع نفايات الجسد، كما أن هذه الدهون المتجمعة أثناء الصيام في الكبد والقادمة من مخزوناتها المختلفة يساعد ما فيها من الكوليسترول على التحكم وزيادة إنتاج مركبات الصفراء في الكبد، والتي بدورها تقوم بإذابة مثل هذه المواد السامة وتخليص الجسم منها. مرضى الجهاز الهضمي يقول الدكتور عباس السادات استشاري الأمراض الباطنية بمركز الخليج الطبي التشخيصي في أبوظبي وزميل الجمعية الملكية للأطباء في إنجلترا: “يعد الصيام فرصة لمرضى الجهاز الهضمي للتخلص من الكثير من الأعراض التي تزيد غالباً مع الأكل أو الإفراط فيه. وبشكل عام لا يعد الصيام مشكلة لمرضى الجهاز الهضمي، ويستثنى من ذلك بعض الحالات الخاصة من أمراض الجهاز الهضمي الحادة أو المزمنة غير المستقرة مثل المصابين بمرض الكبد المتقدم. ففيما يتعلق بمرضى الكبد، فلا خوف عليهم من الصوم، أما بالنسبة لمرضى حصيات المرارة فقد يكون الصيام وسيلة للتخفيف من الألم عند الامتناع عن الدهون والوجبات الدسمة، ويستثنى من هذه المجموعة مرضى التهاب الكبد الحاد والتليف الكبدي المتقدم وحالات فشل الكبد، فإن الصيام ربما يكون ضاراً ويلزم مراجعة الطبيب في ذلك. أما حرقة المعدة، فرمضان يعد فرصة لتجنب الوجبات الدسمة والحارة والمبهّرة التي تزيد من أعراض هذا المرض. وينصح طبياً بالتقليل من الوجبات الثقيلة وتقسيمها إلى وجبات صغيرة متعددة. ولكن قد تزيد أعراض قرحة المعدة والاثني عشر مع الصيام وخصوصاً مع عدم العلاج. ويجد مرضى القولون العصبي في معظم الحالات راحة في التقليل من كمية ونوعية الأطعمة خصوصاً الدسمة والعسرة الهضم منها. وعلى ذلك فإن معظم المرضى يشعرون بالتحسن مع الصيام”. قرحة المعدة يوضح الدكتور السادات بأن قرحة المعدة تعد من أكثر أمراض الجهاز الهضمي انتشارا، وهي عبارة عن تآكل أو تجويف صغير، أو التهاب ينشأ في الجدار الداخلي المبطن للمعدة أو الاثنى عشر، وقد ينشئ هذا الغشاء مادة مخاطية لحماية المعدة من الحامض المعدي، وعند حدوث تآكل بهذا الغشاء فإن المواد الحامضة التي تفرزها المعدة تأكل جدار المعدة وتسبب ما يطلق عليه القرحة، ولا يتعدى قطرها في أغلب الأحوال سنتيمترا واحدا، وتشتد الأعراض كلما زاد حجم القرحة. ومن أهم أسبابها بكتيريا الهليكوباكتر، وهي تعيش بصورة طبيعية داخل الجدار المخاطي المبطن لجدار المعدة، أو استخدام مسكنات الألم المعروفة والشائعة، مثل الأسبرين والبروفين والأدفيل، وكثرة التدخين وشرب الكحوليات، إضافة إلى الضغوط العصبية وتناول بعض الأغذية الحريفة أو الطعام المسبك. ومن الضروري أن يستشير مريض القرحة الطبيب قبل الصوم حتى في غياب الأعراض الجانبية، لما قد يشكله الصوم من خطورة عليه بسبب زيادة مستويات الحامض المعدي وخاصة عندما تكون المعدة فارغة من الطعام، وكذلك حتى لا يتعرض لحدوث نكسات مرضية مفاجئة. ويجب أن نعلم أنه قد حدث تطور طبي كبير جداً في علاج القرحة، وأصبح بالإمكان تناول العلاج مرة واحدة يومياً قبيل الفجر، ومريض القرحة المستقرة يمكن شفاؤه بصورة تامة، ويمكنه الصوم بعد تأكد الطبيب من استقرار الحالة. وينصح المريض بالإفطار في حالة القرحة الحادة أو عند حدوث مضاعفات مثل النزيف. وفي حال الصوم يجب تنفيذ تعليمات الطبيب بدقة، وتناول الأدوية بصفة مستمرة، واتباع الإرشادات الغذائية، والتوقف أو الإقلال عن التدخين”. مرض السكري يقول الدكتور السادات:”ينقسم مرضى السكري إلى نوعين، وتبعاً لذلك يتخذ كل نوع أسلوبه في العلاج أثناء شهر رمضان، فالنوع الأول يعتمد فيه المريض على تناول حقن الأنسولين، وعادة يأخذ عدة جرعات من الأنسولين. وأكثر المتعاطين لهذا لعلاج يمكن ضبط السكر عندهم بحقنتين صباحاً ومساءً، وقد يحتاج إلى حقنة ثالثة وسط النهار. ومريض الأنسولين يحتاج إلى تناول الغذاء بعد الأنسولين بنصف ساعة، فإذا لم يأخذها نقص السكر في دمه نقصاً شديداً، وربما أدى ذلك إلى غيبوبة نقص السكر، وبعدها يحس المريض بجوع شديد وعرق غزير، وينشط نبضه، وتتسع حدقته، وتتوتر أعصابه. أما النوع الثاني فلا يعتمد فيه المريض على أخذ الأنسولين، إذ إن تنظيم الغذاء مع استعمال الأقراص المنشطة للبنكرياس يؤدي إلى إفراز كميات من الأنسولين تكفي حاجته، وأكثر هؤلاء المرضى يعانون من البدانة، وهم يستفيدون من الريجيم لامتصاص وزنهم، وتتحسن حالتهم تبعاً لذلك. ومعظمهم يفيدهم الصيام شريطة ألا تكون حالتهم تستدعي تعاطي الأقراص المعالجة للسكر لمدد قصيرة وعلى مدى اليوم، حيث يستلزم أيضًا تناول قرص في الإفطار وقرص آخر مع السحور، وبعض الحالات الخفيفة يمكنها أخذ قرص واحد يومياً مع وجبة الإفطار، وربما أقل، وهذا يستدعي تنظيم الوجبات والسعرات. والطبيب المعالج المختص هو الحكم في هذه الحالات. مرضى القلب وضغط الدم يشير الدكتور السادات إلى أن صوم المرضى المصابين بأمراض في القلب مثل: قصور القلب، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض شرايين القلب، وأمراض الصمامات، يعتمد على درجة المرض، وما إذا كان المريض يعاني من المرض بشكل حاد (طارئ) أو مزمن. وغالباً يوصى المرضى المصابون بالحالات الحادة من هذه الأمراض بعدم الصوم في شهر رمضان إلى أن تستقر الحالة. ولا توجد مشكلة إطلاقاً مع مريض الضغط، لكن ينصح بالإكثار من تناول السوائل في فترة الإفطار حتى لا يصاب بالجفاف وينصح كذلك بتجنب تناول الأطعمة الغنية بالدهون والأملاح والكافين. فالصيام لا يمكن أن يزيد من الدهون ولكن ما يزيد منها هو أنهم يقبلون على تناول الأطعمة الدسمة بكثرة عند الإفطار وبصورة أكثر مما يتناولونها في الأيام العادية والنتيجة الطبيعية هي زيادة نسبة الدهون في رمضان بصورة أكثر مما يحدث في غير رمضان، والحقيقة هي أن الصيام بالامتناع عن الطعام كلياً في النهار يؤدي إلى استهلاك الدهون الزائدة مما يخفض نسبتها ويقي من تصلب الشرايين وزيادة نسبة الكوليسترول في الدم. وبالنسبة لمرضى القلب فمن المتعارف عليه أن هناك احتياطات غذائية خاصة يجب أن ينتبه إليها مريض القلب حيث تعتبر عاملاً كبيراً في علاجه، إذ يعتمد عليها كجزء كبير من علاجه بحيث يجب تنظيم طريقة تناوله للطعام وذلك بالإقلال من الكمية والإقلال من تناول الأملاح والدهون، ومما لا شك فيه أن هذا المريض سيجد في الصيام ما يقيه ويفيده حيث يمنع الطعام نهائياً أثناء الصيام، لكن عليه أن يحتاط عند الإفطار، وهذا الامتناع عن الطعام في الصيام يخفف العبء على القلب بنسبة 25% على الأقل حيث يقل المجهود الذي يقوم به القلب بخفض ضخ الدم ومن هنا يتقوى القلب تدريجياً بالصيام. كما أن على مريض القلب مراعاة تنظيم الأدوية التي يتناولها بمساعدة طبيبه مع التقليل من الملح والمواد الدهنية عند الإفطار، ومع مراعاة هذه الاحتياطات يلاحظ ازدياد حيوية القلب تدريجياً”. أما المصابون بهذه الأمراض بشكل مزمن، فيمكنهم الصيام وعليهم استشارة الطبيب المختص”. مرضى الكبد يذكر الدكتور السادات أن صيام مرضى الكبد يتوقف على حسب نوع المرض وشدته ومستوى استقراره، وينصح هؤلاء المرضى بضرورة استشارة الطبيب المعالج عن الصيام وعن النظام الغذائي الواجب اتباعه والنظام البدني المسموح به، ويقول:” عادة لا توجد موانع للصيام بالنسبة لأغلب المرضى، خصوصاً المرضى الذين لا يعانون أمراضاً مزمنة أو مستعصية أو أمراضاً في المراحل المتأخرة، ولا توجد لديهم مضاعفات من المرض أو أي أمراض أخرى مصاحبة مثل مرض السكري، أو ممن لا يحتاجون إلى أدوية تؤخذ على فترات متقاربة أو مدرات للبول تؤخذ بجرعات عالية، وذلك لتجنيب المريض خطورة فقد السوائل الحاد مع الصيام. كما أن الصيام يكون مفيداً لبعض المرضى المصابين بتشحم الكبد، لأنه يؤدي إلى انخفاض الوزن وانخفاض نسبة الدهون في الدم ومن ثم تحسن حالة الكبد. كذلك المرضى الذين يتعاطون أدوية تؤخذ على فترات متقاربة مثل الملينات التي تعطى للمرضى المصابين باعتلال المخ الكبدي والغيبوبة الكبدية، أو المرضى الذين يتعاطون دواء الانترفيرون الذي يسبب لهم مضاعفات مثل ارتفاع درجة الحرارة والغثيان والتقيؤ أو الإعياء العام مما قد يجعل الصيام صعباً عليهم، خصوصاً في الأيام التي يتعاطون فيها الجرعة العلاجية. كذلك في فترة ما بعد علاج نزيف دوالي المريء عن طريق المنظار بالحقن، يكونون عرضة للإصابة بالقروح، سواء في المريء أو المعدة، وذلك بناء على مكان الحقن العلاجي بالتحديد أو وجود التهابات شديدة وقروح معوية مدمية تستلزم المتابعة والعلاج الدقيق، فيكون عدم الصيام أفضل. ومن الأمور الواجب مراعاتها بشكل عام الابتعاد عن الأكل المضاف إليه ملح للذين لديهم استسقاء وتورم في القدمين وسوائل في تجويف البطن. والتقليل قدر المستطاع من الدهون الحيوانية الموجودة في اللحم والألبان ومشتقاتهما، وتقليل كمية البروتينات، والإقلال من العصائر والتمور لما تحتويه من كميات عالية من البوتاسيوم، وذلك للمرضى الذين يتناولون مدرات للبول، وعدم الإفراط والإكثار من السوائل للمرضى الذين لديهم استسقاء وتورم في القدمين وسوائل في البطن”. أمراض الأنف والأذن والحنجرة يوضح الدكتور عبد الحميد النشار استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة بمركز الخليج الطبي التشخيصي في أبوظبي، علاقة المريض بالصيام، ويقول: “يعتبر الصيام مفيداً جداً لمرضى الجهاز التنفسي ولا سيما المرضى الذين يعانون الشخير والانسداد الأنفي وتوقف التنفس أثناء النوم، شريطة أن يبتعدوا عن امتلاء المعدة بالطعام والشراب، حيث إن فقد بعض الدهون والشحوم من جدار القناة التنفسية والرقبة وتحت الحجاب الحاجز وجدار البطن يساعد كثيراً على تحسين حالة هؤلاء المرضى. كما أن تناول الصائم كميات كافية من السوائل بعد الإفطار يساعد على تحسن الأغشية المخاطية للقناة التنفسية ولا سيما المدخنين منهم. فالصيام يسعد على تخفيف الوزن وفقد الكثير من الدهون الضارة، إذا التزم الصائم بالنظام الغذائي السليم”. ويشير الدكتور النشار: “هناك بعض الأمراض التي توجب إفطار الصائم بعد استشارة الطبيب، منها الالتهاب الصديدي للوزتين أو الأذن الوسطى أو الجيوب الأنفية المصحوبة بحمى وارتفاع درجة الحرارة، ومن ثم يستوجب على المريض تناول الأدوية اللازمة في أوقات محددة مع أخذ كمية كافية من السوائل، وفي حالات الدوار الشديد والقيء واضطراب الأذن الداخلية وحالات النزيف الأنفي يجب أن نذكر أن نقاط الأنف والأذن أو العينين لا تفطر الصائم ما دام لا تصل إلى الجوف. وهناك نصائح عامة نذكّر بها المرضى عند الصيام، كالاهتمام بشرب كميات كافية من السوائل والمياه لتجنب آثار ارتفاع حرارة الجو، ونظراً لأن هذه السوائل تحتوي على كمية مطلوبة من الأملاح المهمة للوظائف الحيوية للجسم، كما أن تأخير السحور يعين الصائم على الاحتفاظ بهذه السوائل لأطول فترة ممكنة، كما يجب تجنب امتلاء المعدة بعد الإفطار حتى لا تحدث التخمة أو الدوخة أو الدوار أو الصداع أو أي اضطراب في وظائف التنفس والقلب، ومن الأهمية عدم الإفراط في النوم أثناء النهار أو بعد الإفطار مباشرة لأن ذلك يسبب كثيراً من حالات الصداع واضطرابات إفرازات القناة التنفيسية وأغشيتها المخاطية. كما أن آلام الرقبة والتهاب الجيوب الأنفية يؤدي إلى تراكم الإفرازات مما يؤدي إلى نمو البكتيريا والميكروبات ويزيد تحسس الأغشية المخاطية، ومن ثم يجب عدم إهمال معالجة هذه الأعراض، والصيام فرصة عظيمة للابتعاد أو التقليل من التدخين أو المشروبات الكحولية ذات العلاقة المباشرة بحدوث الأمراض السرطانية بالمناطق التنفسية والهضمية وزيادة أمراض الحساسية وأمراض الأوعية الدموية والقلب والدورة الدموية للغشاء المخاطي المبطن للقناة التنفسية والهضمية. وفي كل الأحوال يجدر بالصائم متابعة طبيبه المختص إن شعر بأي من الأعراض السابقة قبيل وخلال الصيام”. الكلى والمسالك البولية يوضح الدكتور تامر فلفلة، استشاري أمراض الكلى والمسالك البولية بمستشفى السلامة في أبوظبي، كيفية صيام مرضى الكلى، ويقول:” ينقسم مرضى الكلى إلى ثلاث مجموعات: الأولى تضم مرضى القصور الكلوي المزمن، والصوم هنا قد يفيد البعض من جهة تقليل الوجبات المملحة والغنية بالبروتينات التي تضر وظائف الكلى، بينما قد يؤدي الصوم نتيجة لفقد السوائل والأملاح إلى مضاعفات لحالة القصور المزمن، أو التهابات الكلى المزمنة، أو التكيس الكلوي. ومن المعروف أنه في حالة الصوم يكون هناك تغيرات في الاتزان الملحي والمائي في الجسم، وهذا في حالة مرضى الكلى له أثر مهم على صحة المريض وسلامته. في حين أن مرضى المجموعة الثانية هم المصابون بالفشل الكلوي المزمن الذين يحتاجون إلى الغسيل الكلوي الصناعي، ففي أوقات إجراء الغسيل الكلوي قد يحتاج المريض إلى الإفطار عند عمل ذلك في نهار رمضان، وأما في الأيام الأخرى فليس هناك مشكلة في الصوم إذا كانت حالة الكلى مستقرة “. أما مرضى الكلى المزروعة وهم المجموعة الثالثة، ففي العام الأول من عملية الزراعة لا ينصح المرضى بالصيام لما لذلك من أثر سلبي على نجاح عملية الزراعة، وأما فيما بعد ذلك فليس هناك مشكلة في الصوم عند استقرار الحالة وعمل الكلى بشكل طبيعي، وعلى أي حال لابد من استشارة الطبيب المعالج قبل ذلك لأخذ النصيحة فيما يتعلق بجرعات الأدوية اللازمة مثل أدوية تثبيط المناعة وغيرها”. ويضيف الدكتور فلفلة:” بالنسبة للنظام الغذائي لمرضى الكلى فيجب الحذر وأخذ النصيحة من اختصاصي التغذية حول هذا الأمر، فتناول المريض كميات كبيرة من السوائل، أو الأطعمة الغنية بأملاح البوتاسيوم كالتمر والموز والمشمش وقمر الدين، والبروتينات، قد يؤدي إلى زيادة شديدة في السوائل بالجسم وزيادة نسبة البوتاسيوم والبولينا في الدم، وهذا له أثر خطير في أجهزة الجسم الرئيسية، فالاتجاه الحديث في تغذية مرضى الغسيل الكلوي هو تشجيع تناول كميات عالية من البروتينات، ويفضل أن تكون النسبة الأكبر من هذه البروتينات من مصادر حيوانية مثل اللحم والدجاج والأسماك لاحتوائها على الأحماض الأمينية الأساسية المهمة للجسم على أن يكون ربع الكمية تقريباً من البروتين النباتي مثل الفول والعدس، ولا يوجد مانع أبداً من طبخ الخضار بالطريقة التي يفضلها المريض بشرط واحد هو سلق الخضار في ماء يغلي والتخلص من ماء السلق لتخفيف نسبة البوتاسيوم الضارة، وينبغي عدم الجمع بين السلاطة الخضراء والفاكهة في وجبة واحدة بغرض تقليل كمية البوتاسيوم وأن يحرص المريض على تناول قرص فيتامينات مركبة وقرص حديد لتعويض النقص في هذه العناصر وأيضاً تناول العلاج المخفض للفوسفات وباقي أدويته الأخرى بانتظام، وفي كل الحالات لا يجب على المرضى الصوم دون إشراف الطبيب المعالج تأكيداً للقاعدة الشرعية “لا ضرر ولا ضرار”. نعم للترغيب والتدرج.. ولا للإكراه والتعجل في صيام الأطفال لم تحدد الشريعة الغراء سناً معينة لصيام الأطفال، ومن ثم اختلف الناس واجتهدوا حول تحديد السن المناسبة للصوم، ولو راجعنا النصوص التي تحث على ترغيب الأطفال في العبادة نجد حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر”. وهناك من أسس رأيه على شق الحديث الأول وهو سبع سنوات، وهناك من بنى على الشق الثاني وهو عشر سنوات فقد أصاب، وهناك من يستند إلى الحديث الشريف: “رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل”. ومن المعقول أن يختار الوالدين وبالأخص الأم التوقيت المناسب لصيام طفلها فلا تجازف في دعوة طفلها إلى ما دون السبع أو العشر، وأن تراعي حالته الصحية من حيث القوام والبنية، فقد يكون الطفل في مثل هذا السن ضعيف البنية والصحة، والعكس صحيح. وينصح خبراء التربية واستشاريو طب الأطفال بالابتعاد تماماً عن الإكراه والضغط، ومراعاة التدرج، بحيث يصوم أول مرة لبضع ساعات من النهار، ثم نصف يوم، وهكذا إلى أن تصل به إلى صوم يوم كامل، ثم أياماً متقطعة غير متصلة، حتى يصبح قادراً على متابعة الأيام في سنوات عمره المتوالية. ويستحب في ذلك أسلوب الترغيب والتحبيب في دعوة الطفل للصوم، والحرص على سحوره حتى يستطيع مقاومة الجوع والعطش في النهار، ومراقبة الطفل طيلة النهار ولاسيما أيام الصيف مع ارتفاع درجتي الحرارة والرطوبة، وتجنيبه المجهود الزائد، وتوفير الراحة اللازمة له. والجميل في ذلك كله عند إتمام يومه الأول كاملاً أن تعد له حفلة عائلية تكون تذكاراً بأول صوم ليوم كامل، وبهذا نكون قد قمنا بغرس حب هذه العبادة في نفوس أطفالنا بأفضل الأساليب، فلا نلزم في غير وقت اللزوم ولا نهمل حتي إذا شب على ترك الصيام كان عليه عسيراً حين يصل سن البلوغ. ويشكل تزامن شهر رمضان المبارك مع شهور الصيف صعوبات على كثير من الأسر لخشيتها من أن يؤدي صوم أطفالها الى التعب الشديد الذي يؤدي الى حالات من الإغماء وانخفاض نسبة السكر أو السوائل في الجسم. والهتمام بنوعية الطعام الذي يتناوله حتي يستطيع مواصلة صيامه دون إرهاق أو مضاعفات. وينصح الأطباء بعدم دخول الأطفال المرضى في تجربة الصيام إطلاقاً، لأن تأثير الصيام عليهم سيكون خطيراً، ومنهم الذين يعانون من قصور في وظائف الكلى، والمصابون بالأنيميا المنجلية وهؤلاء إذا انقصت السوائل في أجسامهم يدخلون في نوبة من آلام المفاصل، كذلك الأطفال الذين يعانون من مرض السكر. صيام المريض النفسي مشروط يشيرالدكتور هشام العربي، رئيس قسم التوعية الصحية والدراسات بالمركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، إلى أن الأمراض النفسية والعقلية تختلف اختلافاً كبيراً فيما بينها من جانب، وبينها وبين الأمراض العضوية من جانب آخر. ومنها أمراض صعبة تؤثر بشكلٍ كبير على حياة الإنسان وتجعله غير قادر على القيام بأي عملٍ، أو أمراض رُفع القلم عَّن صاحبها، وهؤلاء المرضى لا تجب عليهم الصلاة أو الصيام نظراً لطبيعة مرضهم الذي يفقدهم التفريق بين ما هو حقيقي وما هو خيالي وواقعي.لكن ثمة أشخاص يُعانون من اضطرابات خفيفة لا تؤثر على حياتهم ووظائفهم كالوسواس القهري أو الخوف والهلع المرضي أو القلق أو الاكتئاب مثلاً، وهذا الأمر تجب مناقشته بشكلٍ جاد مع الطبيب المعالج كي يقيّم مدى قدرة المريض على الصيام، ومدى توقع الانتكاسة المرضية ، فإذا كان لا يستطيع الصوم فإنه لا يسقط عنه، ويستطيع قضاء الأيام التي أفطرها في وقتٍ تكون حالته النفسية والعقلية في شكلٍ أفضل. ويستطيع المريض تحديد ذلك بالتعاون مع الطبيب والاستعانة برأى عالم دين ضليع في الفقه ليُفتيه في الأمر.وذلك عكس المرضى العقليين مثل مرضى الفصام الذين لا يستطيعون قضاء الأيام التي أفطروها نظراً لأن أمراضهم مُزمنة في أغلب الأحيان:”. ويضيف الدكتور عبد المحسن:” للصيام فوائد نفسية عديدة، أهمها إنماء الشخصية، أي النضج وتحمل المسؤولية والراحة النفسية. فالصوم يعطي الفرصة للإنسان لكي يفكر في ذاته، ويعمل على التوازن الذي يؤدي إلى الصحة النفسية، وبالطبع فإن الصيام يدرب الإنسان وينمي قدرته على التحكم في الذات، ويجعل كل ميول الدنيا تحت سيطرة الإرادة، وكل ذلك يتم بقوة الإيمان”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©