الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صدمة للمودعين والبنوك المصرية بعد تثبيت أسعار الفائدة

صدمة للمودعين والبنوك المصرية بعد تثبيت أسعار الفائدة
8 أغسطس 2010 21:48
جاء قرار البنك المركزي المصري الثامن هذا العام بتثبيت سعر الفائدة على الودائع البنكية صدمة للمودعين من أصحاب المدخرات لاسيما الصغار ولمعظم البنوك التي كانت تتوقع بدء تحرك مؤشر أسعار العائد لأعلى تمشياً مع الاتجاهات المتوقعة لمؤشر التضخم. وكان عدد من البنوك قد بدأ قبل القرار تحريكاً جزئياً لأسعار العائد على بعض أنواع الشهادات والأوعية الادخارية خصوصا طويلة الأجل التي تتراوح مدتها بين 3 و5 سنوات وهو تحريك تراوح بين نصف وواحد في المئة في بعض البنوك الاستثمارية وذلك استعدادا لقرار كان متوقعا برفع أسعار العائد إلا أن تثبيت الاسعار خلال الاجتماع الأخير للجنة السياسات النقدية بالمركزي وضع هذه البنوك في مأزق حيث بات عليها مواجهة ضغوط الأسعار المرتفعة للعائد على معدلات الربحية والتوظيف لديها خلال النصف الثاني من العام الجاري ونفس المأزق يواجه عدداً كبيراً من المودعين الذين وجدوا في قرار البنك المركزي المصري تعارضاً مع مصالحهم مع استمرار انخفاض اسعار العائد على مدخراتهم وهو الانخفاض الذي يهدد بتآكل القيمة الحقيقية والقوة الشرائية لهذه المدخرات مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم التي تجاوزت 14% حسب بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء الشهر الماضي أي أن الفارق بين معدل التضخم ومتوسط اسعار العائد على الودائع أصبح 6% حيث تضمن قرار البنك المركزي أن يكون سعر العائد في حدود 8,25% بينما يبلغ سعر الإقراض 9%. ودفع التراجع في قيمة المدخرات الصغيرة بالبنوك عدداً من أصحاب المدخرات إلى سحبها مما أدى إلى انخفاض حجم الودائع العائلية بصفة عامة لدى الجهاز المصرفي المصري بنحو أربعة مليارات جنيه في 30 يونيو الماضي مقارنا بأرقام الفترة المماثلة من العام الماضي وهو اتجاه مرشح للتزايد في الفترة المقبلة. ورغم جهود العديد من البنوك للاحتفاظ بهذه المدخرات أو إعادة جذبها عبر حوافز وإغراءات مثل زيادة العائد بمعدلات طفيفة أو تقديم خدمات اضافية مثل اصدار بطاقات ائتمان أو بطاقات خصم لأصحاب هذه المدخرات فإن معظم هذه الجهود لم تنجح في إعادة الثقة بين المودعين والجهاز المصرفي. ويتوقع خبراء مصرفيون أن تستمر موجة انسحاب صغار المدخرين من البنوك في الفترة القادمة مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على المدى الطويل، لاسيما أن صغار المدخرين من القطاع العائلي يمثلون العمود الفقري لمصادر الايداعات بالبنوك حيث يتراوح متوسط الادخار لهؤلاء الأفراد بين 5 و100 ألف جنيه ويبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين يشكلون 40 بالمئة من عدد الحسابات المصرفية في مصر. وتمتد التأثيرات السلبية لتشمل الشركات التي تتمتع بفائض سيولة عال بسبب طبيعة الأنشطة التجارية التي تمارسها مثل البيع بالتجزئة أو تجارة المواد الغذائية وغيرها من الأنشطة المدرة للسيولة، حيث كانت هذه الشركات تعول كثيرا في تحقيق أرباح رأسمالية لجملة اسهمها على عائد الحسابات الجارية التي ابتكرتها البنوك وتدفع عنها عائداً يومياً لهذه الشركات وفي مقدمة هذه البنوك بنك مصر الذي اطلق وعاء حساب “يوم بيوم” الذي يدفع عنه عائداً في حدود 7,5 بالمئة واجتذب مئات الشركات المصرية حيث يوفر عائد الحساب اليومي جزءا من نفقات التشغيل اليومي لهذه الشركات وكذلك البنك الاهلي المصري الذي اطلق شهادات الشركات الموجهة للشركات الصغيرة والمتوسطة حيث جعل الحد الأدنى للاكتتاب في هذه الشهادات للشركات 100 ألف جنيه يوفر عائدها جانبا من المصروفات الإدارية. أما التأثيرات الأكثر سلبية لاستمرار سياسة تثبيت أسعار الفائدة بالبنوك فهي دفع أصحاب المدخرات قسراً إلى التوجه بمدخراتهم الى سوق العقارات وبورصة الأوراق المالية، الأمر الذي يترتب عليه أن تنشط المضاربات في السوقين وترتفع أسعار الأراضي والعقارات والأسهم ويعود الاقتصاد مجدداً إلى دائرة النمو الزائف المرتكز على تسعير غير حقيقي للأصول والموجودات ومن ثم اطلاق موجة جديدة من التضخم يدفع ثمنها الجميع. ورغم أن بعض الخبراء يتهمون البنك المركزي بالانحياز للمقترضين من الجهاز المصرفي وخفض تكلفة الأموال بالنسبة لهم على حساب المقرضين من أصحاب الودائع والمدخرات الصغيرة، وأن “المركزي” يحابي الشركات على حساب الافراد الذين يمثلون الحلقة الأضعف في السلسلة الاقتصادية، فإن “المركزي المصري” قدم المبررات لقراره الأخير ومنها الرغبة في تنشيط التمويل والاستثمار والتوظيف لخفض معدلات البطالة واقتصار موجة ارتفاع الأسعار الاخيرة على مجموعتي الطعام والشراب فقط، حسب احدث مؤشر اطلقه “المركزي” قبل نحو العام لقياس معدلات التضخم، إلى جانب الرغبة في مكافحة التضخم والسيطرة عليه عبر منع مزيد من الأموال من التدفق للأسواق لمطاردة سلع وخدمات محددة وبالتالي يحدث مزيد من ارتفاع الأسعار. ويشير الخبير المصرفي ورئيس قطاع أمناء الاستثمار ببنك مصر حلمي السعيد إلى أن المركزي المصري يستهدف مكافحة التضخم بعد أن كشفت تطورات بورصات السلع الرئيسية في العالم عن ارتفاع كبير في أسعار الحبوب وفي مقدمتها القمح بنسبة 50 بالمئة على مدى الشهور الماضية، لأن أسوأ موجة من الجفاف في بعض مناطق العالم أدت إلى نقص المعروض من هذه السلع وهو اتجاه مرشح للاستمرار في الفترة المقبلة مما يعني انتقال هذا الارتفاع العالمي في الأسعار إلى السوق المحلية ومن ثم يجب عدم تغذية هذا الاتجاه بالتماشي معه عبر رفع أسعار العائد على الودائع بالبنوك. ويؤكد السعيد أن قرارات “المركزي” في هذا الشأن تظل ارشادية وتوجيهية للبنوك حيث يمكن للبنوك تحريك أسعار بعض الشهادات والأوعية الادخارية خاصة الموجهة لصغار المدخرين للاحتفاظ بهؤلاء المدخرين، وقد حدث هذا بالفعل في الأيام الماضية في عدد من البنوك. وقال السعيد إن الذين يوجهون أموالهم لسوق العقار أو لبورصة الأوراق المالية لم يكونوا ينتظرون قرار البنك المركزي للتوجه لأي من هذه الأسواق لأن مثل هؤلاء يتعاملون بشكل رئيسي في هذه الأسواق ولا يضعون أموالهم في البنوك. ويرى خالد الجبالي، العضو المنتدب لبنك باركليز، أن صغار المدخرين تضرروا من قرار تثبيت أسعار الفائدة على الودائع لاسيما أن هذا هو التثبيت الثامن خلال أقل من عام حيث كان هؤلاء يتوقعون رفع الأسعار ولو بنصف نقطة مئوية ولكن جاءت الأحداث عكس توقعاتهم ومن هنا انزعج البعض ولكن هذا الانزعاج سرعان ما تلاشى. والبنوك مازالت تدفع عائداً مجزياً لأصحاب المدخرات ولا ننسى أن دور البنوك الرئيسي هو تنمية الاقتصاد الكلي وليس إعالة فئة تعتمد على ربع مدخراتها، فالقضية بحسب الجبالي الاكثر اهمية للبنوك والاقتصاد بصفة عامة هي التشغيل والاستثمار وتمويل المشروعات الكبرى التي تحدث نقلة نوعية في أداء الاقتصاد تستفيد منها جميع الأطراف.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©