صغار يتحدون الإعاقة وأناملهم تبتكر في «الخدمات الإنسانية»

كان يقف خالد بين أقرانه مبتسما وفخورا، يقابل الجمهور بوجهه المتفائل وملامح الثقة ترتسم على ملامحه، كاسرا حواجز الخوف والتردد والشعور بالعجز، يستعرض مع زملائه منتجات متنوعة صنعتها أياديهم، ونماذج لافتة اجتهدوا معا في ابتكارها، مشاركين جميعا بمعرض في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، يحمل عنواناً يعبر عن حالتهم ورسالة تلهج بلسانهم لتقول للمجتمع وبصوت مرتفع أنا”مختلف عنكم مبدع مثلكم”. أبواب الأمل وخالد طالب 18 عاماً، حالة إنسانية واحدة من ضمن عشرات الحالات الأخرى التي تعاني من إعاقات ذهنية مختلفة وبدرجات متفاوتة، أولئك الذين لجأوا لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، بعد أن فتحت لهم أبواب الأمل والمستقبل وغيرت من نظرتهم للحياة، ليتواصلوا مع مجتمعاتهم ويكونوا أفرادا أكفاء، فعّالين، وقادرين على الإنتاج والعطاء، ومن خلال انتسابهم لقسم التأهيل المهني والتوظيف التابع للمدينة، استطاع هؤلاء الشباب والشابات أن يثبتوا جدارتهم وأن يتجاوزوا كل الصعوبات متحدين الإعاقة ومتسلحين بالصبر والثقة، ليصلوا بعد سنوات من التدريب والعمل الشاق إلى المشاركة في معارض دورية ناجحة يبيعوا من خلالها ما أبدعته أياديهم البيضاء من حرف يدوية ومشغولات. وقال أمجد الطواهية المسؤول في قسم التأهيل المهني والتدريب والتشغيل إنه معرض دوري نقيمه في السوق المركزي على مدار السنة، يخصص لبيع منتجات طلبة التأهيل المهني من ذوي الإعاقة، ويحمل رسالة قيمة إلى المجتمع تعبر عن حقوق فئة المعاقين في الانخراط والمشاركة المجتمعية في التنمية والعطاء، وإعطاءهم الفرصة لإثبات قدراتهم الذهنية ومهاراتهم اليدوية، والتي تعكس إصرارهم على التحدي والانتصار على كل حواجز الإعاقة. وأشار إلى أن المنتسبين خضعوا لساعات عمل طويلة وسنوات من التأهيل والتدريب على يد أساتذة متخصصين بأقسام وورش متعددة، وزعت لتستوعب كل منهم حسب قدرته وإمكانياته الذهنية، وبعد دراسة كل حالة على حدة تمكنت المدينة من إيجاد جسور للتواصل معهم، وبث روح الثقة في نفوسهم، ومع الوقت والتدريب المستمر على مهن وحرف معينة، تحول هؤلاء الشباب إلى أفراد منتجين، قادرين على الاعتماد على أنفسهم ومستعدين للاندماج في المجتمع وتحدي صعوبات الحياة. ابداعات متنوعة أمجد الطواهية، أوضح أن معرض “مختلف عنكم مبدع مثلكم” تتضمن مشاركة طلبة من ذوي الإعاقة بمنتجات وإبداعات متنوعة، ومن مختلف الورش التابعة لقسم التأهيل المهني والمتمثلة في (ورشة النجارة والدهان، وورشة صناعة الخزف، ورشة الخياطة والنسيج والأشغال اليدوية، وورشة التغذية)، بالإضافة إلى مجموعة منتجات من المشتل الزراعي. وعن فنون الأشغال اليدوية أشارت شيماء خالد إلى أن ورشة الأشغال احتضنت 20 فتاة من سن 17 وإلى منتصف العشرينيات، كلهن يعانين من إعاقات ذهنية مختلفة، وجدت فيهن إصرارا على التعلم والمثابرة والنجاح، اتضحت من خلال اختبارات بينت قدرة كل واحدة منهن على استخدام إبرة الخياطة وضم الخرز، ومسك المقصّات، وطرق الثني والقطع، وتم تعليمهن كل ما يلزم ليصبحن محترفات في صناعة الاكسسوارات، وبالفعل أثبتن جدارة عالية وقدرة كبيرة على الإبداع في هذا المجال، وأصبحت تباع منتجاتهن في المعارض آمال عبدالحميد المشرفة على ورشة التغذية، قالت إن فريقها يتكون من سبع منتسبات شابات من ذوات الإعاقة الذهنية، يتجمعن كل صباح في مطبخ التأهيل والتدريب المهني التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، لطهو بعض أنواع الحلويات، مع صنع تشكيلة من الشطائر، وتتقاسم جميع الطالبات مهام العجن والخبز والتزيين، كلن حسب قدرتها. وتم بيع هذه المنتجات في المعارض والجمعيات التعاونية، مما يدل على مدى قدرة هؤلاء الفتيات على النجاح وتجاوز مصاعب الإعاقة. جدير بالذكر أن معرض “مختلف عنكم مبدع مثلكم” حدث ترويجي لمنتجات الأشخاص من ذوي الإعاقة، يخدم الاتجاهات الإيجابية في رفع الوعي المجتمعي تجاه فئة المعاقين، وبالتالي يساهم في تعزيز التعاون معهم ومساندتهم ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع.