الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان: أعمال الخطف تهدد الاستثمارات

أفغانستان: أعمال الخطف تهدد الاستثمارات
30 نوفمبر 2008 02:46
يعيش ''حاجي حبيب لال''، رجل الأعمال الأفغاني الناجح، في الجزء الجنوبي من مدينة قندهار، حيث يعتمد في نشاطه الاقتصادي على استيراد ألواح الرخام الجيد من ألمانيا وفرنسا وبيعها في السوق المحلية، لكنه بالإضافة إلى ذلك لا تفارقه بندقية AK-74· فقد سبق لحاجي حبيب أن تعرض لمحنة قاسية عندما اختُطف ابنه واضطر لدفع فدية 20 ألف دولار لاسترجاعه بعد 13 يوماً، وهو إلى حد الآن مازال يتلقى التهديدات بالقتل عبر الهاتف، كما تعرض بيته قبل أيام قليلة لمحاولة سرقة عندما اقتحمته مجموعة من الأشخاص الذين تراجعوا بعدما سمعوا صوت إطلاق الرصاص من بندقيته· والحقيقة أنه بالنسبة للأفغان الذين تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها كسب عقولهم وقلوبهم، لم تعد ''طالبان'' في الكثير من الأحيان العدو الأول، بل تحول العدو إلى تلك الجماعات الإجرامية التي تقض مضاجعهم، ومعهم أفراد الشرطة الذين ينظر إليهم على أنهم متواطئون مع المجرمين· وحتى في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بدأت مظاهر انعدام القانون والنظام تطغى مولدة لدى الأهالي شعوراً بالإحباط يدفعهم إلى التمرد والانضمام إلى الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة· ويعبر عن المشاغل الأمنية التي يواجهها الأفغان ''أندرو ويلدر''، الذي أعد تقريراً في عام 2007 حول إصلاح جهاز الشرطة الأفغاني، وذلك لصالح وحدة الأبحاث والتقييم الأفغاية، قائلاً: ''إن ما نفهمه في قوات التحالف عن الأمن يختلف عما يتوقعه معظم الأفغان''· وهكذا شهدت البلاد تراجعاً ملحوظاً في تطبيق النظام والقانون مع ارتفاع وتيرة عمليات القتل والاختطاف خلال السنة الجارية، ما دفع بالعديد من رجال الأعمال في الجزء الغربي من محافظة حيرات الأكثر ازدهاراً إلى الانسحاب من المنطقة والتفكير في مغادرة البلاد· فمن أصل 250 مصنعاً في المحافظة، أغلقت إلى حد الآن 150 أبوابها، حسب اتحاد عمال حيرات، وهو ما حدا بالمجلس التشريعي المحلي إلى التهديد بالاستقالة إذا لم تسارع الحكومة إلى معالجة المشكلة وحماية القطاع الصناعي في المنطقة· ولا يختلف الوضع كثيراً في العاصمة كابل، حيث قُتل أحد عمال الإغاثة المسيحيين واثنين من رجال الأعمال في الأسابيع الأخيرة، فضلا عن تزايد عمليات الخطف التي طالت العديد من الشخصيات من بينهم مصرفي بارز وأحد أقارب الملك السابق للبلاد، بالإضافة إلى موظفين أجنبيين ضمنهم صحفية كندية أطلق سراحها لاحقاً· هذا الغياب السافر للأمن جعل كثيراً من رجال الأعمال المحليين يفكرون في ترك البلاد والنفاذ بجلودهم بعيداً عن مظاهر التسيب وغياب القانون التي تشهدها أفغانستان حالياً، وربما قريبا يكون ''حفيظ الله شيرزاي'' أحد هؤلاء المغادرين· فمع أن رجل الأعمال وصاحب شركة البناء، مر بأحلك الفترات في التاريخ الأفغاني المعاصر، إلا أنه لم يفكر أبداً في مغادرة البلاد، سواء في أوج الحرب الأهلية بين المجاهدين، أو إبان حكم نظام ''طالبان'' المتشدد، كما يفكر حالياً· فبعدما رأى كيف يُختطف العديد من أصدقائه في الشهور الأخيرة دون رد فعل حقيقي من قبل السلطات الأمنية، بدأ يفكر جدياً في الانتقال إلى دبي، معبراً عن ذلك بقوله: ''إذا استمر الوضع الأمني على ترديه الحالي، فسيكون من المستحيل عليّ أن أبقى هنا''· ففي مطلع السنة الجارية اختطفت مجموعة من المجرمين أحد أقارب شريك ''شيرزاي'' فاضطرت أسرته لدفع 400 ألف دولار لاسترداد الشخص المختطف ليغادر البلاد بعد ذلك دون رجعة، وحسب غرفة التجارية الدولية بأفغانستان، يتعرض ما لا يقل عن ستين رجل أعمال للاختطاف كل عام من قبل الجماعات الإجرامية المحترفة التي تطالب مقابل إطلاق سراحهم بمبالغ مالية طائلة· ومع تخوف العديد من رجال الأعمال من استثمار أموالهم في بيئة غير آمنة، تراجعت الاستثمارات الخاصة في أفغانستان إلى النصف بين عامين 2006 و،2007 وهو ما يوضحه ''سلام قاضي زادا''، أحد أعضاء البرلمان المحلي في محافظة حيرات، والذي هدد مع زملائه بالاستقالة، قائلاً ''إن رجال الأعمال يأتون إلينا ليشتكوا من الوضع الأمني المتردي، وكل من يملك المال يغادر البلاد''· وفي محاولة من الحكومة لمعالجة الوضع أرسلت وزارة الداخلية في الشهر الماضي لجنة خاصة إلى هيرات للتحقيق في حالة الفوضى وغياب القانون التي تعرفها المحافظة، معلنة استحداث وحدة أمنية جديدة لمكافحة الاختطاف، لكن العديد من المشرعين والخبراء يعبرون عن مخاوفهم من أن الشرطة هي نفسها جزء من المشكلة الأمنية المتفاقمة في البلاد· فقد اتهم أعضاء في البرلمان مسؤولي الشرطة بإطلاق سراح مجرمين حكم عليهم بالسجن مقابل رشاوى يحصلون عليها، والدليل على ذلك أن إحدى العصابات التي أفرج عنها مؤخراً قامت باختطاف مرشح سابق للرئاسة في أفغانستان معروف بثروته الكبيرة· ووفقاً لدراسة أنجزتها ''راند كورب'' قبل بضعة أشهر، اعتماداً على لقاءات أجرتها المؤسسة مع مسؤولين أميركيين ومسؤولين من حلف شمال الأطلسي، تبين أن الفساد في جهاز الشرطة الأفغاني ''منتشر على نطاق واسع''· ويقول الخبراء إن حكومة الرئيس حامد كرزاي أبدت عدم استعداد واضح للتصدي للفساد الذي ينخر وزارة الداخلية المشرفة على الأمن والشرطة، وذلك بسبب غياب المراقبة من قبل المجتمع الدولي الذي حصر جل اهتمامه في مكافحة التمرد· ولحسن الحظ هناك إشارات إيجابية تدل على أن الوضع بدأ يتغير بعدما خصصت الولايات المتحدة 2,5 مليار دولار إلى الشرطة وهو أكثر مما خصصته بين عامي 2002 و·2006 وأكثر من ذلك، أدى الضغط المتزايد على الرئيس كرزاي إلى إقالة وزير الداخلية في الشهر الماضي، وهي خطوة رحب بها المبعوث الأممي في أفغانستان لأنها تساعد، كما قال، في تعزيز الشرطة الأفغانية وإرساء الاستقرار· مارك سابنفيلد-أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©