الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهمة الليبية... والنهاية الحتمية

23 مايو 2011 20:13
أعلن مسؤول بارز في حلف شمال الأطلسي، "الناتو"، يوم الخميس الماضي أن الحملة الجوية التي يقودها الحلف ضد ليبيا ألحقت أضراراً بالغة بالقدرات القتالية للعقيد القذافي، وأنه اليوم بات يعاني من تراجع كبير في إمكاناته لمواصلة الحرب، الأمر الذي سينتهي حسب المسؤول في حالة مثابرة الحلف على الضغط العسكري إلى "انهيار النظام" الذي أسسه الرجل القوي في ذلك البلد الشمال أفريقي وظل يحكم من خلاله شعبه لأكثر من أربعين عاماً. ولكن على رغم تأكيدات المسؤول في "الناتو" بقرب تداعي النظام في طرابلس مع اشتداد حدة الضربات الجوية فقد بدأت مؤشرات القلق ونفاد الصبر تظهر على الحلف بعد شهرين من القصف الجوي، وبقاء القذافي مع ذلك في السلطة طيلة هذه المدة، وهو ما أثار قلق العسكريين الغربيين من احتمال تمدد الحرب وتحولها إلى مأزق حقيقي ما لم تصعد قوات التحالف عملياتها العسكرية على نحو يحسم المعركة وينهي حالة الانتظار التي تخيم على الجميع. ولعل هذا الإدراك من لدن قوات حلف شمال الأطلسي بضرورة التعجيل حتى لا تطول المواجهات هو ما دفع "الناتو" في الأيام القليلة الماضية إلى تسريع إيقاع الضربات الجوية التي تستهدف القوات التابعة للقذافي. وهكذا قامت قوات الحلف بطلعات جوية مكثفة وقصفت مراكز للقيادة ومستودعات للذخيرة، وقبل ذلك كانت الطلعات الجوية قد استهدفت العديد من نقاط تمركز قوات القذافي. ويرى المراقبون أن تكثيف الضربات الجوية خلال الفترة الأخيرة يعكس رغبة بعض دول حلف شمال الأطلسي، وعلى رأسها بريطانيا، في زيادة منسوب القوة لمنع تحول المواجهة إلى حرب استنزاف طويلة، وللتسريع بحل نهائي يضع حدّاً للمعارك، ويحسم الأمر لصالح الثوار. وهذه الرغبة البريطانية تحديداً عبر عنها متحدث باسم وزارة الخارجية رفض الكشف عن هويته قائلاً: "إن مثل هذا التصعيد في الضغط العسكري على النظام الليبي ضروري لحسم المعركة، وللوصول إلى نقطة النهاية". وبالانسجام مع هذا الطرح دعا في الأسبوع الماضي قائد القوات البريطانية الجنرال "ديفيد ريتشارد" حلف "الناتو" إلى توسيع دائرة الأهداف المرشحة للقصف لتتجاوز المعدات العسكرية إلى البنية التحتية التي تستخدمها قوات القذافي، وذلك في تأويل موسع لتفويض الأمم المتحدة الذي يحصر التدخل العسكري ضد النظام الليبي في حماية المدنيين ومنع وقوع عمليات انتقامية ضد المناطق التي أعلنت عصيانها وانشقت عن نظام القذافي. وقد شكل استمرار القذافي وقواته في التمسك بالسلطة وتواصل سيطرتهم على العاصمة طرابلس ومناطق أخرى غرب البلاد مصدر إحباط للثوار وقوات التحالف على حد سواء بعدما توقعت في البداية أن تتوسع دائرة العصيان لتمتد إلى الأجزاء الغربية للبلاد لينهار بذلك النظام بسرعة، ولاسيما أن الثوار والقوات الغربية رسموا خطّاً منذ انطلاق العمليات الجوية يرى أن الحل لن يكون سوى بتنحي القذافي ومغادرته السلطة. ومع ذلك حرص الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، راسموسين، على التأكيد يوم الخميس الماضي بأن قوات التحالف ماضية في مهمتها، وأنها تقترب من تحقيق الهدف والإطاحة بالقذافي. وقد صرح أمام الصحفيين قائلاً: "لقد ضربنا بشكل كبير آلة القذافي العسكرية وهي في تراجع مستمر ينذر بالتداعي والتفكك"، مضيفاً أن "الجمع بين الضغوط العسكرية المكثفة والضغط السياسي المتواصل علاوة على تقديم الدعم للثوار كفيل بإنهاء النظام الذي كرهه الليبيون وثاروا ضده". وعلى رغم التململ الذي بدأ يظهر وسط "الناتو" واستعجاله الحسم العسكري يعتقد المراقبون أن قادة الحملة العسكرية، والمعني بالأساس بريطانيا وفرنسا، على استعداد للاستمرار في المعركة دون مشاكل. وفي هذا السياق يقول "باراك سينر"، المحلل بالمركز الملكي للخدمات بلندن: "إذا لم يسقط ضحايا في صفوف جنود الناتو، ولم تتمدد الحملة العسكرية لتتحول إلى حملة برية، فإن هذه الحرب يمكنها الاستمرار لوقت أطول دون أن تجذب انتباه الرأي العام الأوروبي والدولي، ودون إثارة المعارضة التي عادة ما تنتج بسبب الحروب". وعلى رغم التكلفة العالية للحملة الجوية على ليبيا التي بدأت تتحدث عنها بعض وسائل الإعلام مثل "بي. بي. سي" التي أفادت بأن تكلفتها تجاوزت ما كان متوقعاً بحوالي 160 مليون دولار، إلا أن الحملة الليبية توارت إلى الوراء في ظل العناوين الأخرى التي تصدرت الصحف ونشرات الأخبار من قبيل مقتل بن لادن واعتقال مدير صندوق النقد الدولي السابق، دومينك ستروس-كان في نيويورك واستئثار مثل هذه الأخبار باهتمام الرأي العام. وقد أكد "باتريك سميث"، رئيس تحرير مجلة "التقرير الأفريقي" في باريس أن فرنسا ستظل على الأرجح ملتزمة بالحملة العسكرية على ليبيا، وبالجهود الرامية إلى مساعدة الثوار والتخلص من نظام القذافي، ولكنه في الوقت نفسه حذر من الصعوبات المرتبطة بذلك والمشاكل التي واجهت قوات التحالف والثوار في الإطاحة بالقذافي على رغم زعزعة قوته وإضعاف إمكاناته، مفصلاً في ذلك بقوله: "لاشك أن المعركة ستطول، فقوات القذافي وإن كانت تبدو كعصابة أكثر منها قوات نظامية، إلا أنها بالفعل أثبتت قدرتها على الاستمرار متحملة القصف الجوي وضربات الثوار". هينري تشو - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©