حنين يدغدغ الذاكرة

هنا 37 عاما من الارادة والانجاز··· هنا، حيث تشرق الشمس بحيوية نضرة وتغيب من وراء لوحة معمارية مزينة بالنخيل، مشاهد كثيرة تأخذنا الى أماكن لم ننسها يوما وان انشغلنا عنها· تسرقنا من اللحظة وترسم أمامنا زهورا تخبرنا بعطرها الفواح عن سحر شوارع تجمع في كثير من مشاهدها بين الأصالة والحداثة· هنا، تطيب النفس باستمرار لرؤية البسيط البدائي بالرغم من الرفاهية التي يشعر بها المرء وهو محاط بالمباني الشاهقة والأبراج المتأنقة بهندستها وفخامة محياها· فهذا الحنين متغلغل فينا بالفطرة، وهو يوقظ أحاسيسنا على غفلة وكأنه جرس تنبيه يرن بلا ميعاد فيدغدغ برنينه الذاكرة· هنا بعدما كانت أسطح المباني العتيقة أعلى ما تصل اليه العين، ارتفعت بالقرب منها ناطحات· ومع ذلك، فان الكثير منها ظلت محافظة على رونقها وما حملته من بريق الماضي عندما كانت واجهاتها تحاكي آخر خطوط فن العمارة· وتلك الأكشاك المتواضعة التي لا تتجاوز بضعة أمتار مربعة والتي نصادفها بين الأحياء الشعبية وعلى الطرق الفرعية، كم تحمل الينا صورا من طفولة كبرت لكنها مازالت تحن الى تفاصيل الحياة البسيطة· حياة من الصعب أن تمحوها السنون لانها باقية في وجدان كل من التمس مرارة التعب وطيب العيش ومعنى الإصالة· خلطة عجيبة تعلمنا الصبر وتمنحنا دروسا في أهمية الحفاظ على الارث الثقافي والاجتماعي والأهم من ذلك، الافتخار به· ومما ينعش الفؤاد أن هذه المفردات الآتية من عمق التراث، لم يخفت بريقها مع كل التطور الحضاري للدولة· وهي حاضرة لتؤكد على أن الجديد لا يلغي القديم وانما يضعه في مكانة خاصة نشتاق اليها ونبحث عنها لنزورها وتسكن فينا· نسرين درزي moc.liamtoh@30ossin