الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

نصاب ينجح في الاطلاع على الوثائق السرية بالعراق

نصاب ينجح في الاطلاع على الوثائق السرية بالعراق
15 فبراير 2006
نيويورك - أحمد كامل:
أمور تكاد لا تصدق تحدث أحيانا في هذا المناخ الأمني المتشدد في الولايات المتحدة، بل ورغم هذا المناخ في حقيقة الأمر· ومن هذه الأمور حكاية نور الدين المالكي، وهو اسم قد يكون حقيقياً أو لا يكون، الذي ولد في المغرب، وهو أمر غير مؤكد إذ أنه يقول انه ولد في لبنان، والذي دخل الولايات المتحدة في تاريخ غير معلوم، وبطريقة غير معروفة، الأمر الوحيد المؤكد والمعروف أن هذا النور الدين العجيب حصل على تصريح أمني ذي مستوى مرتفع، وذهب مع القوات الأميركية إلى العراق، واطلع على وثائق بالغة السرية، كل ذلك دون أن يكون هذا النصاب الذكي معروفاً لأحد·
قصة نور الدين العجيب عرفت فقط حين قدم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي بلاغاً إلى محكمة دائرة بروكلين بمدينة نيويورك يتهم فيه الشاب بأنه ضحك على الجميع في الولايات المتحدة، من البنتاجون إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى وزارة الأمن الوطني·
كل ذلك بعد - وليس قبل - أحداث 11 سبتمبر التي يعتبرها الجميع علامة فاصلة في الاجراءات الأمنية الأميركية، ورغم أن الشاب لابد يحمل ملامح عربية، إذ لم يعرف أهل المغرب بشعر اشقر وعيون زرقاء او خضراء، أي لابد انه كان - من حيث السحنة ولون البشرة - يطابق 'البروفيل' الذي يعرفه كل رجال الأمن في الولايات المتحدة دون أن يجرؤ أي منهم على التصريح به علناً، فإن احداً لم يسأل·
اف· ان· يو
والطريف ان بلاغ المكتب ضد نور الدين العجيب هو بلاغ موجه ضد مواطن يدعى 'اف· ان· يو' كاسم أول فيما اسم العائلة هو 'إل· إن· يو'· والاسم الاول هو اختصار كلمة عبارة 'الاسم الاول غير معروف'، أم اسم العائلة فهو اختصار لعبارة 'الاسم الاخير غير معروف'· ولكن المشكلة ان السيد 'اف· ان· يو' ابن 'ال· إن· يو' كان يطلع على وثائق بالغة الحساسية تتعلق بتوزيع القوات في العراق وتعقب البعثيين والتحضير للانتخابات والاستفتاءات فضلاً عن عمليات 'المارد الأزرق' و'العاصفة الحمراء' و'الطائر المغرد' وبقية الأسماء التي يختارها أصحابنا العسكريون لصولاتهم وجولاتهم ·· أي ان السيد غير معروف ابن غير معروف كان - باختصار - يعرف·
البلاغ الذي قدمه المكتب لم يذكر في اي بيان اعلامي صادر عن المكتب، بل قدم بهدوء، وربما بقدر من الخجل الذي يبدو - في هذه الحالة - في محله تماماً· واتهم البلاغ نور الدين العجيب - الذي يقول إن اسمه نور الدين وانه ولد في لبنان من اب مسلم وام كاثوليكية وذلك في عام 1960 - كان يكذب في كل ذلك·
وكان نور الدين قد دخل الولايات المتحدة وطلب اللجوء السياسي لان منزل أسرته دمر في قصف ما، ولأن الناس يضطهدونه بسبب ازدواج ديانة والديه· ولذا فقد قرر هذا الحائر المسكين أن يهرب بجلده من لبنان حيث منزل الاسرة قد تحول إلى انقاض وحيث يقف له المسلمون بالمرصاد في ركن من الشارع المجاور فيما يقف له المسيحيون بالمرصاد في الركن المقبل· والمشكلة في هذا كله ان نور الدين العجيب لم يطأ ابداً ارض لبنان لا بقدمه ولا بأي شيء آخر·
كذب شامل
وحصل نور الدين علي أوراق الاقامة، رغم أنه كذب في كل شيء، فبالاضافة إلى كل ما سبق فإنه قال إنه غير متزوج، وقد ثبت أنه متزوج وقد ترك زوجته في المغرب - حسبما اعترف بعد ذلك دون أن يذكر مكانها أو اسمها - وقال إن والديه توفيا ربما بسبب المسلمين المتشددين في حالة الأم والمسيحيين المتشددين في حالة الاب وربما في الشارع المقابل لمنزل الاسرة الذي قصف في لبنان الا أن الوالدين - كما قال بعد ذلك - لا يزالا على قيد الحياة في مكان ما في المغرب·
ولا بأس في ذلك كله· فالنصابون أكثر من شعر الرأس، ولكن المشكلة أن السيد 'إف· إن· يو' تقدم للحصول على عمل مع القوات الأميركية في العراق، واختير كمترجم، ثم كمعاون، ثم منح - حسب بلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالي - تصريحاً رسمياً بالاطلاع على وثائق سرية، ثم تم 'تصعيد' التصريح وترقيته، فاصبح مسموحاً لمستر 'إف· إن· يو' ان يطلع ايضاً على الوثائق المصنفة 'سري للغاية'، وليس 'سري' فقط·
ومن سوء حظ نور الدين العجيب أن أحد المسؤولين في وزارة الدفاع طلب - عفو الخاطر أو لأنه وصل إلى مكتبه في وقت مبكر ولم يجد أحداً يدردش' معه - مراجعة أوضاع المترجمين في العراق لتحديد مدى أحقيتهم في الاطلاع على وثائق سرية·
وبدأت المراجعة، وبدأت معها الشكوك ثم أخذ خط نور الدين مساراً إلى الأسوء حين التقى بعدد من ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي والمخابرات العسكرية كان منهم اثنان، واحد لبناني الأصل والثاني مغربي الاصل· مصادفة بحتة، ولكنها كانت مصادفة سيئة، اذ بدأت الثرثرة، وتبين معها ان حكاية نور الدين تستحق التوقف 'حبتين' أو ربما أكثر·
وقيل لنور الدين أن يذهب إلى نيويورك· كان ذلك في الشهر الماضي· وهناك ألقى القبض على نور الدين المالكي أو الماليكي أو بالأحرى 'اف· ان· يو' ابن 'إل· إن· يو' وهكذا سقط نصاب لامع لو كان قد استمر لكان وصل ربما إلى موقع نائب وزير الدفاع، او ربما وزير الدفاع ·· ومن يدري، ربما كان قد ترشح للرئاسة بعد 'الاعتراف' بانه ليس لبنانياً او مغربياً، وانما من بوسطن - ماستشوسيتس ابا عن جد·· شابو' مستر نور الدي، و'هارد لك'، عليك الآن فقط قضاء فترة العقوبة ومغادرة الولايات المتحدة ثم العودة بحكاية أخرى، والتقدم للعمل في البنتاجون اعتماداً على الخبرة السابقة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©