الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هجمات مومباي: أوجه شبه مع 11 سبتمبر

هجمات مومباي: أوجه شبه مع 11 سبتمبر
1 ديسمبر 2008 02:41
وأنا أكتب هذا المقال، لن يكون خبراء الأمن العالميون قد أحاطوا بعد بالمعلومات الكافية حول من يقف وراء الهجمات الإرهابية الأخيرة في مومباي، وبالطبع لا يمكنني أيضاً التكهن بالجهة المسؤولة عن هذا الحدث الدامي· ومع أن الحكومة الهندية تنظر بعين الشك إلى جماعات باكستانية، إلا أن بعض شهود العيان أكدوا بأن المسلحين كانوا يتحدثون اللغة الهندية، ما يعني أنهم ربما يكونون من أصول هندية، كما أن الهجمات التي استهدفت أماكن متعددة وفي وقت متزامن تذكر البعض بتنظيم ''القاعدة''، لكن المسلحين لم يلجأوا إلى التفجيرات الانتحارية ولم يستخدموا التقنيات المتبعة من قبل تنظيم ''القاعدة''· وفيما أعلنت مجموعة أطلقت على نفسها ''مجاهدي ديكان'' مسؤوليتها عن الهجمات، إلا أنه لم يسمع أحد بالمجموعة من قبل، لتبقى التكهنات سيدة الموقف دون أدلة قاطعة تثبت أو تنفي هذه التخمينات· فقد أشار مسؤول كبير في الاستخبارات الأميركية، رفض الكشف عن اسمه· إلى احتمال تورط جماعات أخرى مثل ''لشقر طيبة'' و''جيش محمد''، لكنه رفض تأكيد أي معلومات ما يعني أن الوقت مازال مبكراً على التوصل إلى تحديد الفاعل والخروج بخلاصات نهائية· وفيما فضل بعض الخبراء التريث قبل الإشارة مباشرة بأصابع الاتهام لجهة دون الأخرى، طالما ذلك ما يزال سابقاً لأوانه، فقد راح البعض الآخر يتأمل التداعيات المحتملة للهجمات على العلاقات الثنائية بين الهند وباكستان، أو التاريخ الطويل والمتُجاهل أحياناً للإرهاب الداخلي في الهند· وتزداد التخمينات التي تغذيها الهجمات الأخيرة بذهاب البعض إلى أن استهداف الأميركيين والبريطانيين واليهود يحمل في طياته دلالات كثيرة، فيما يرى البعض الآخر أن الهدف ربما كان الحي المالي لمومباي في قلب العاصمة التجارية للهند وما ينطوي عليه ذلك من رمزية··· لنظل في الأخير أمام صورة غير مكتملة يكتنفها كثير من الغموض وعدم اليقين· وبالطبع سينقشع بعض ذلك الغموض خلال الأيام المقبلة بعد التعرف على هوية المسلحين الذين اعتُقل بعضهم من قبل الشرطة الهندية، وسيتم تعقب الأسلحة المستخدمة، بالإضافة إلى كشف الدوافع وفهم الأساليب المتبعة من قبل الإرهابيين· وبعد فترة أيضاً سيكتسب قادة الإرهابيين أسماء وملامح شخصيات، مع التشديد هنا على أن هذه المرحلة من الشك وعدم اليقين التي تلف هجمات مومباي تذكرنا بهجمات 11 سبتمبر2001 في الولايات المتحدة وبالدروس المستفادة منها· ففي تلك الفترة كانت ''القاعدة'' توصف بأنها منظمة جديدة لا تشبه في شيء الجماعات الإرهابية السابقة، لأنها بخلاف الأخريات، لا تعمل كمنظمة واحدة تتوخى السرية في تحركاتها، بل هي أشبه بالشركة العالمية ذات الفروع المنتشرة· فجميع المنظمات الإرهابية يمكنها الذهاب إلى ''القاعدة'' لطلب السلاح والتدريب لتقيم فروعها الخاصة التي قد تستلهم نفس طرق وأساليب ''القاعدة''، أو قد تختار طرقاً أخرى، وربما تظهر جماعات إرهابية لا علاقة لها بأسامة بن لادن وبتنظيمه، لكنها مع ذلك تتبنى أساليبه وتسترشد بأفكاره؛ تلك الجماعات التي لا يمكن اعتبار أعضائها مقاتلين بالمعنى الحقيقي للكلمة، كما أنهم لا يرتدون زياً موحداً ولا ينتظمون في إطار جيش نظامي، وبالتالي لا يمكن التصدي لهم بنفس الأساليب التقليدية المتبعة في مواجهة الجيوش· لكننا، وعلى مدى السنوات السبع السابقة، تناسينا هذا التحليل، حيث انطلقت جل التحركات العسكرية الأميركية منذ عام 2001 لمواجهة أعداء محددين في أماكن معينة وباستخدام الوسائل التقليدية· وهكذا كانت الحرب الأولى على أفغانستان حرباً بالوكالة وليست كما توقعها البعض حرباً من حروب ما بعد الحداثة، أو حرباً من حروب ما بعد العولمة، تخاض عن بعد وبالضغط على الأزرار· والأمر نفسه بالنسبة للعراق، فبعد أن أطحنا بالديكتاتور وأزلنا تماثيله من وسط العاصمة بغداد، أقمنا نظام احتلال بديلا عنه· وفقط بعد مرور فترة أدركنا، سواء في العراق أو في أفغانستان، أننا نصارع جماعات كثيراً ما توصف ''بالضبابية''، وأننا نقاتل أعداء يذوبون في أوساط السكان دون أثر مع احتمال ارتباطهم بجهات خارجية كـ''القاعدة'' أو إيران· وقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن ندرك أن خصمنا الحقيقي في العراق ليس بقايا النظام البعثي، بل مجموعة واسعة تضم السنة والشيعة، ولكل منهم أجندته الخاصة، وحتى فيما يتعلق بـ''طالبان'' فإن هذه الجماعة تضم في صفوفها خليطاً من المتمردين لكل منهم دوافعه التي تتراوح بين المصالح القبلية الضيقة، وبين القتال من أجل المال، وبين الأفكار والعقائد الأيديولوجية· وفي هذا السياق ربما يتبين لاحقاً أن منفذي هجمات مومباي، على غرار ''طالبان'' في أفغانستان، ينتمون إلى جماعة محلية لها أهدافها الخاصة وأساليبها الفريدة، أو ربما تحركها أيديولوجية متطرفة باتت مزدهرة هذه الأيام، لكن مهما كان الوضع علينا أن نبقى دائماً مستعدين للتعامل مع الاختلافات الدقيقة التي تميز خريطة الإرهاب وفهم التداخلات الموجودة من أجل مواجهة أكثر فاعلية· آن آبلباوم محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©