السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وذهبت فيروز إلى دمشق

وذهبت فيروز إلى دمشق
31 يناير 2008 01:11
أحببنا فيروز منذ طفولتنا، تربت آذاننا على صوتها الشجي، وعلى موسيقى الرحابنة التي تأتي من كون مليء بالصفاء والجمال والمحبة·· على مدى العمر، لم تخذلنا فيروز وبقيت تقول الجمال، واتسع مدى صوتها حتى سكن قلوب كل العمق العربي وأطرافه، لم يختلف عليها الأطفال حين يأتي صوتها كالنسيم، ولا الشيوخ وهم يعيدون تفاصيل الزمن، وهم يتنفسون الهواء النقي في أرذل العمر، ويتنهدون كلما صدح صوتها مرددا ''اعطني الناي وغني '' ولا الشباب ولا الكتاب ولا العشاق وهم في البرد، تحت الثلج وتحت المطر، وفي الصيف، ولا المعشوقات وخصلات شعورهن تهدهدها الريح والحب· لم تخذلنا فيروز وانتصرت للفن وللجمال، للوجه الناصع والرائع من الحياة وذهبت إلى دمشق كعاصمة للثقافة العربية 2008 ووقفت الاثنين الماضي وغنت بصوتها الصافي، صوتها الأخاذ والفاتن والبهي، ذهبت بالموسيقى، كي تُسمع دمشق وتُسمع بيروت وتُسمع كل عواصم ومدن وقرى العالم، بأن هناك دائما في الحياة ما هو اكبر من الخلافات ومن السياسة ذات الوجه المليء بالشر في هذا الزمن الذي يُبكي من شدة الحزن على واقعنا العربي البائس· ذهبت فيروز·· وأكدت لنا ولكل من يعشق الجمال أنها لم ولن تتورط في مكائد السياسيين حين قرروا أن يجروا الفن وراء عربتهم ويعكسوا الحقيقة التي نؤمن بها، وهي أن الفن هو من يقود الحياة، هو الخادعة وهو روح وأنفاس الشعوب، وليست الشعارات المخادعة التي ما إن يمر الزمن إلا وتنطفئ وتزول وتمحى، ويبقى الفن هو اللغة الأسمى التي تسكن علاقات الشعوب· ذهبت فيروز·· وقدمت '' صح النوم'' واحتفى بها الجمهور السوري وقدم ذات الحب الذي يكنه كل من يعشقون الجمال من العرب لهذه السيدة الكبيرة، الأكبر من الحدود ووثائق السفر، حيث ما نقلته وكالات الأنباء خير دليل على هذا الحب الأوسع من فضاء البلدان، حين احتشد المئات من عشاق الجمال والفن، اكتظت بهم دار الأوبرا السورية ، وبكى بعض الحاضرين لشدة فرحهم بعودة فيروز بعد غياب استمر 23 عاما؛ وبمجرد فتح الستارة اشتعلت القاعة بالتصفيق، وشيئا فشيئا، خبا التصفيق تدريجيا عندما ظهرت فيروز على المسرح وتحول الحاضرون آذانا صاغية· نعم، هكذا هي فيروز، لا يمكن أن تكون أمامها إلا وكلك آذان صاغية ومشاعرك مفتوحة حد الفتنة· فشكرا فيروز على دروسك التي تزين الحياة بالجمال·· و ما أحوج بيروت في هذه الفترة إلى مبدعيها الكبار، شعراء ومسرحيين وروائيين وموسيقيين كي يحرسها الرب·· بيروت روح الجمال وفتنته· saadjumah@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©