الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاشتراكيون الفرنسيون.. توقعات بائسة

24 يناير 2017 23:23
ظلت فرنسا على مدار عقود موطناً لأقوى الأحزاب الاشتراكية في أوروبا. واستطاع الاشتراكيون صياغة السياسة حتى حين كانوا خارج السلطة بالفعل. لكن تجلى واقع جديد يصيب الجميع بالذهول، مع استعداد فرنسا لانتخابات عام 2017 وهو سباق من المتوقع على نطاق واسع أن يُشكل مسار أوروبا المضطربة. وهذا الواقع، ببساطة تامة، هو أن الاشتراكيين ليس لديهم فرصة في الفوز وفقاً لكل استطلاعات الرأي الكبيرة تقريباً. والأكثر من هذا أن الاشتراكيين من غير المرجح أن يصلوا لجولة ثانية ونهائية في الانتخابات الرئاسية التي ستعقد في وقت مبكر من مايو المقبل. وبعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وبعد وصول ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركية، يبدو كما لو أن فرنسا وهي في القلب من أوروبا قد تسير في هذا الفلك، مع ضعف قوة «يسار الوسط» التي كانت لا تُقهر ذات يوم في العالم الغربي. أول أمس الأحد، ذهب الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع في أول جولة من الانتخابات لاختيار اثنين من المرشحين السبعة الذين يخوضون السباق على تمثيل «يسار الوسط» في انتخابات نهاية أبريل وبداية مايو. وجاء في المرتبة الأولى والثانية كل من «بينوا أمون» وزير التعليم السابق، و«مانويل فالس» رئيس الوزراء السابق في حكومة «فرانسو أولاند» الرئيس الاشتراكي الحالي وأقل الرؤساء شعبيه في تاريخ فرنسا الحديث. وسيجرى اختيار واحد من الاثنين في الجولة الثانية من التصويت المقرر إجراؤها يوم الأحد المقبل. لكن بعد ذلك يصبح المرتقى أشد صعوبة. فأولاً هناك تهديد يتمثل في «إيمانويل ماكرون» وزير المالية السابق الذي تتزايد شعبيته، والذي انفصل عن الإدارة الاشتراكية الحالية ليشن حملة مستقلة وأكثر ميلاً للوسط. وثانياً هناك «فرانسو فيون» من«يسار الوسط» و«مارين لوبان» من اليمين المتطرف، وكلاهما يُتوقع أن يصل إلى الجولة النهائية في الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل. فللمرة الأولى تقدمت لوبان على فيون في استطلاعات الرأي، مما يوحي بأن ما ظل بعيداً عن الخيال لعقد من الزمن أصبح واقعاً، وهو أن حزب «الجبهة الوطنية» الذي تتزعمه «لوبان»، وهو حزب شعبوي من اليمين المتطرف، ومعاد للأجانب ويتبنى الحمائية الاقتصادية قد يفوز بالفعل في انتخابات على مستوى قومي. وفي الأيام السابقة على تصويت يوم الأحد، أدرك حتى بعض المرشحين اليساريين أن خوضهم الانتخابات الأولية بلا طائل. فقد أعلن «جان لوك بن نحمياس»، أحد المرشحين اليساريين، في مناظرة بثها التلفزيون، أنه «لا يوجد مرشحون هنا لديهم برنامج فيما يتعلق بالموضوعات الكبيرة». وتشير بيانات إلى أنه محق. فمعظم استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة التي أجرتها صحيفة لوموند ومركز الدراسات السياسية في باريس وضعت كل المرشحين الاشتراكيين بعد ماكرون،، بل وبعد المرشح جان لوك ميلانشون من أقصى اليسار. وأسباب الاضمحلال المفاجئ للحزب الاشتراكي في فرنسا متعددة. أولاً، هناك أولاند وشعبيته متهاوية، وهو يواجه صعوبة كبيرة في التصدي لمعدل بطالة مرتفع نسبياً وثابت وموجة من العنف الإرهابي قتلت 230 شخصا في العامين الماضيين. وقرر «أولاند» في ديسمبر الماضي ألا يخوض السباق لفترة ولاية ثانية. لكن المحللين يرون أن سقوط الاشتراكيين ضمن اتجاه أعمق بعيداً عن مجرد المؤسسة التي طالما سيطر عليها يسار الوسط. فالاستياء نفسه من واقع الاقتصاد الذي تهيمن عليه العولمة، والذي ساهم كثيراً في حملة الخروج البريطاني، وحملة ترامب، بدأ يرى في اليسار الفرنسي عدواً. ويعتقد «جيرار جرونبيرج» المؤرخ الشهير لليسار الفرنسي في معهد الدراسات السياسة في باريس، أن «هناك أزمة عامة في الديمقراطية الاشتراكية... وأصبح الأمر يتزايد صعوبة في إبراز أهميتها وقيمها ضد الرأسمالية المالية والعولمة. والنتيجة هي معاداة لليبرالية». *مراسل واشنطن بوست في باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©