الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التقشف الأوروبي... شكوك في الأرقام

20 مايو 2013 22:23
إيوجينيو فاسي لندن في أبريل الماضي اكتشفت عدة أخطاء في ورقة أكاديمية شهيرة تتعلق بتأثير الدَّين الحكومي على النمو الاقتصادي، أدت إلى إعادة تأجيج وتيرة السجال حول التقشف في أوروبا. وقد بادر منتقدو تخفيض الميزانية أثناء الركود الذي تعاني منه القارة، إلى تأكيد أن تلك الأخطاء تعد دليلاً على أن السياسات المضلّلة قد فاقمت من درجة سوء الأوضاع بدلاً من أن تساعد على تحسينها. ولكن، هل كان هناك تغير كبير في نمط الاستجابة للمشكلات؟ حتى الآن لا يكاد يكون هناك مثل هذا التغيير على رغم أن تلك الأخطاء قد فاقمت من مقدار عدم ثقة الأوروبيين في النتائج الاقتصادية المقدمة من الجهات الرسمية. وكانت الدراسة التي نشرها عام 2010 «كينيث روجوف» و«كارمن راينهارت» أستاذا الاقتصاد في جامعة هارفارد، واحداً من بين الأدلة الرئيسية التي يستعين بها مؤيدو التقشف على صحة رؤيتهم، حيث توصلت -الدراسة- إلى أن معدلات الدَّين للناتج المحلي الإجمالي التي تزيد عن 90 في المئة عادة ما تكون مرتبطة بهبوط ملحوظ في النمو الاقتصادي. وبناء على ذلك، كان من الطبيعي استخدام استنتاجات تلك الورقة بشكل متكرر من قبل كبار المدافعين عن إجراءات التقشف في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل خاص، وشمل ذلك المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس «بول رايان»، ومفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية «أولي رين». ولكن ما حدث الشهر الماضي هو أن هناك باحثين من جامعة «ماساشوسيتس- أمهيرست» نشروا ورقة انتقدوا فيها دراسة روجوف- راينهارت، وذهبوا فيها إلى أن تلك الدراسة قد استبعدت على سبيل الخطأ صفاً من البيانات من حساباتها، وأزالت بيانات أخرى، واستخدمت وسائل غير تقليدية لاستخراج «المتوسطات». وعندما تتم معالجة تلك الأخطاء -هكذا ذهب الباحثون- فإن عتبة الـ90 في المئة المتمثلة في النسبة بين الدين والناتج المحلي الإجمالي، التي بدت كما لو أنها هي السبب في الهبوط الملحوظ في النشاط الاقتصادي، ستختفي؛ بدليل أن هناك بلاداً كانت قادرة على تحقيق نمو اقتصادي حتى مع معاناتها من نسبة دين حكومي مرتفعه حتى بافتراض أن ذلك النمو كان أقل من مثيله في الدول المنخفضة الدين. ومع أن «روجوف» و«راينهارت» عارضا النتائج التي توصل إليها الباحثون -وإن كانا قد وافقا على بعض ما تضمنه نقدهم- فإن ذلك النقد أدى إلى إطلاق شرارة سجال جديد حول دور التقشف في حل المشكلات الاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا. ولكن -حتى الآن على الأقل- لم يكن لاكتشاف عوار الورقة تأثير على سياسة الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعود إلى حقيقة أن الاتحاد الأوروبي كان قد بدأ بالفعل يفقد سيطرته على زمام الأمور -من خلال قيامه على سبيل المثال بالسماح لعدة دول بالتغاضي عن أهداف تخفيض العجز الخاص بها، في إطار محاولتها لإحياء النمو الاقتصادي. يشار في هذا السياق إلى أنه قد جرى في البداية السعي لتحقيق الهدف الخاص بتخفيف التقشف بسبب الأحوال الاقتصادية المتفاقمة في الدول المتأثرة بهذه الأزمة، ولكن كانت هناك -مع ذلك- عدة دراسات علمية، منها الدراسة التي انتقدت ورقة «روجوف- راينهارت»، كان لها على الأرجح دور في تسريع عملية تغيير السياسة المتبعة. ولكن على ما يبدو أن سجال «روجوف- راينهارت» قد غذى الثقة المتنامية بين صناع السياسة في دول الاتحاد الأوروبي، بشأن جدوى علم الاقتصاد. وقال مسؤول في الحكومة الألمانية رفض الإفصاح عن هويته، لأنه ليس مخولاً بالحديث عن الموضوع «لقد كانت هناك زيادة ملحوظة في مقدار الشك في جدوى علم الاقتصاد كعلم صلب، وها نحن نرى الآن أن العديد من الحكومات قد بات أكثر عزوفاً عن أخذ النتائج التي تتوصل إليها الدراسات الاقتصادية كما تبدو على السطح». وأضاف: «لكي نستنبط سياسات في الوقت الراهن، فإننا بحاجة إلى فطنة وذاكرة طويلة المدى». وفقدان الثقة في علم الاقتصاد وما تعنيه أرقامه، يظهر أيضاً من خلال حقيقة أن هناك قدراً كبيراً من عدم الاتفاق في الوقت الراهن بين السياسيين الأوروبيين بشأن مدى نجاح سياسات التقشف حتى الآن. فعلى سبيل المثال يقول مسؤول ألماني «إن الإصلاحات التي تمت في الدول الأوروبية الطرفية تحقق المراد منهـا، كما يدل على ذلك انخفاض تكلفة العمل والزيادة في معدلات الصادرات بتلك الدول». ولكن آخرين غيره من صناع السياسة يختلفون مع هذا الطرح. ومن هؤلاء «كلودو مورجانتي» العضو الإيطالي في البرلمان الأوروبي الذي يقول «أنت لا تحتاج إلى أن تكون خبيراً كي تدرك أنه كانت هناك في معظم الدول زيادات ضريبية بينما كانت الإصلاحات الفعلية محدودة جداً». ويقول «سامبو تيرهو» العضو الفنلندي في البرلمان الأوروبي إن: «الحكومات والضرائب العالية ليستا هما الحل وإنما نحتاج إلى المزيد من التنافسية والمزيد من المشروعات الصغيرة، وهذه مشكلة شمال أوروبا وجنوب أوروبا على حد سواء». يشار في هذا الصدد إلى أن بيانات «نيو يوروستات» المنشورة في موعد سابق من هذا الأسبوع تؤشر على أن التعافي ما زال بعيداً: حيث وجد مكتب الإحصائيات التابع للاتحاد الأوروبي أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو قد هبط بنسبة 0,2 في الربع الأول من عام 2013. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©