الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخَلِيل بن أحمَد الفَراهِيدي

24 يناير 2017 23:31
الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي، أبو عبد الرحمن، 100ه - 170ه، 718 م - 786 م من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، أخذه من الموسيقا وكان عارفاً بها. ودرس لدى عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وهو أيضاً أستاذ سيبويه النحويّ. ولد في عمان ومات في البصرة، وعاش فقيراً صابراً. وكان أشعث الرأس، شاحب اللون، قشف الهيئة، متمزق الثياب، متقطع القدمين، مغموراً في الناس لا يعرف. قال النَّضْر بن شُمَيْل: ما رأى الراؤون مثل الخليل ولا رأى الخليلُ مثل نفسه. تلقى العلم على يديه العديد من العلماء الذين أصبح لهم شأن عظيم في اللغة العربية، ومنهم: سيبويه، والليث بن المظفر الكناني، والأصمعي، والكسائي، والنضر بن شميل، وهارون بن موسى النحوي، ووهب بن جرير، وعلي بن نصر الجهضمي، وحدثَ عن أيوب السختياني، وعاصم الأحول، والعوام بن حوشب، وغالب القطان، وعبد الله بن أبي إسحاق. طرأت ببالهِ فكرة وضع علم العروض عندما كان يسير بسوق الصفارين، فكان لصوت دقدقة مطارقهم على نغم مميز ومنهُ طرأت بباله فكرة العروض التي يعتمد عليها الشعر العربي. فكان يذهب إلى بيته ويتدلى إلى البئر ويبدأ بإصدار الأصوات بنغمات مختلفة ليستطيع تحديد النغم المناسب لكل قصيدة. وعكف على قراءة أشعار العرب ودرس «الإيقاع والنظم»، ثم قام بترتيب هذه الأشعار حسب أنغامها، وجمع كل مجموعة متشابهة ووضعها معاً، فتمكن من ضبط أوزان خمسة عشر بحراً يقوم عليها النظم حتى الآن، وهي: «الطويل - المديد البسيط»، وتعرف بالممتزجة، «الوافر - الكامل - الهزج - الرجز - الرمل - السريع - المنسرح - الخفيف - المضارع - المقتضب» وتسمى السباعية لأنها مركبة من أجزاء سباعية في أصل وضعها، وآخران هما «المتقارب - المتدارك» يعرفان بالخماسيين إلا بحر المتدارك المحدث، فإن واضعه هو الأخفش الأوسط تلميذ سيبويه، فأصبح مؤسس «علم العروض». ويعد الخليل بن أحمد شيخ علماء المدرسة البصرية وتنسب له كتب «معاني الحروف»، وجملة «آلات الحرب»، والعوامل والعروض والنقط، كما قام بتغيير رسم الحركات في الكتابة، إذ كانت التشكيلات على هيئة «نقاط» بلون مختلف عن لون الكتابة، وكان تنقيط الإعجام «التنقيط الخاص بالتمييز بين الحروف المختلفة كالجيم والحاء والخاء» قد شاع في عصره، بعد أن أضافه إلى الكتابة العربية تلميذا أبي الأسود الدؤلي، وهما نصر بن عاصم الكناني، ويحيى بن يعمر، فكان من الضروري تغيير رسم الحركات ليتمكن القارئ من التمييز بين تنقيط الحركات وتنقيط الإعجام. فجعل الفتحة ألفاً صغيرة مائلة فوق الحرف، والكسرة ياءً صغيرة تحت الحرف، والضمة واواً صغيرة فوقهُ. أما إذا كان الحرف منوناً كرر الحركة، ووضع شيناً غير منقوطة للتعبير عن الشدةِ ووضع رأس عين للتدليل على وجود الهمزة، وغيرها من الحركات كالسكون وهمزة الوصل، وبهذا يكون النظام الذي اتخذهُ قريباً من نواة النظام المتبع بالوقت الحالي في الكتابة باللغة العربية. وكان له الفضل في كشف علم «العروض» كله عدا بحر المتدارك المحدث. والحديث عن العالم الجليل، الخليل بن أحمد الفراهيدي يثير في النفس مشاعر العبقرية الفريدة من نوعها، فقد كان الخليل يقف عند ظواهر الأشياء وقفة المتعمق ويغوص في مكامنها غوص الواعي الحريص على استنباط كنهها واستخلاص النتائج مما غمض على عامة الدارسين من أسرارها، فيبرزها في صورة جلية واضحة سرعان ما تغدو قواعد يحتذيها كل سائر على درب الفكر والعقل. كانت عقلية الخليل بن أحمد من ذات النوع الدؤوب الذي تشغله القضايا حتى تملك عليه كيانه، فيظل يصارعها وتصارعه حتى يجليها الجلاء الحسن ويطرحها للناس الطرح المفيد، فيفيدون منها ويحتلبون مزايدها ويطورون فيها إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولقد شغل الخليل نفسه بعلوم اللغة العربية وتراكيبها وأوزانها، واستنبط لنفسه وسائله وأدواته الخاصة شأن كل صانع ماهر وعالم حصيف يعكف على تطوير أدوات العمل التي بين يديه حتى تستجيب لتطلعاته العلمية المتشوقة إلى الاستنباط والوصول إلى النتائج الأفضل للبحث الطويل المتعمق. ولعل الدارسين يعرفون من أعمال الخليل عملين اشتهر بهما أيما شهرة وذاع صيته في الآفاق «العرُوض» و«الأوزان»، تأسيساً على قدرته الابداعية الفذة التي بدت معالمها في العملين كليهما أكثر من أعماله الأخرى التي لا تقل أهمية، ولكن طالت يد الحدثان منها الكثير. وكم كان يتبرم الخليل ويضيق صدراً بعجز الناس عن فهم ما يريد وعن إدراك ما يضع من أصول وقواعد، ولما كان يبلغ به اليأس مبلغه كان يلجأ إلى صرف الناس عما يشغله من هموم العلم وأبحاثه، نظراً لما لمسه في هؤلاء الناس المحيطين من قصور لا رجاء فيه وتقاعس لا يشفي غلته الظامئة إلى مواصلة البحث والتطلع إلى بناء أركان علوم ثابتة الدعائم تعزز وجود اللغة العربية، وتبقيها صحيحة وسالمة وطيعة الحرف لمن أراد قرض الشعر المنظوم أو نطق الكلام المنثور نطقاً صحيحاً مستقيماً يؤدي المعنى المراد في سلاسة ويسر. رونق جمعة - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©